عالمية

أجهزة التشويش.. شبح إسرائيلي يلاحق الأسرى حتى بعد الإفراج عنهم

تتكالب المحن وفصول المعاناة على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فلا يكفي السجن والعزل والتضييق والإهمال الصحي، بل يتطور الأمر إلى ابتكار أساليب جديدة لإيقاع أشد الأذى بهم، حتى بعد الإفراج عنهم.

وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مؤخرا أن شركة إسرائيلية متخصصة بأجهزة التشويش الإلكترونية زودت السجون الإسرائيلية بأجهزة تشويش تبث إشعاعات تؤثر في الصحة بشكل خطير، وتتسبب للأسرى بأمراض مزمنة.

وقالت المنظمة في بيان لها إن شركة “نت لاين” لتكنولوجيا الاتصالات ومقرها في تل أبيب تسلمت 40 جهاز تشويش من شركة في الصين تدعى “ديسيبرو المحدودة للتكنولوجيا” ويعتقد أنها أحد فروع الشركة الأولى.

ووفق وثائق حصلت عليها المنظمة، فإن قوة هذه الأجهزة على نشر موجات كهرومغناطيسية تبلغ 2690 ميغاهيرتز في مناطق مغلقة تتجاوز المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية بشكل خطير.

ونقلت المنظمة عن الأسرى في سجن النقب أن الأجهزة المركبة غير مسبوقة في نوعها وحجمها وقوتها، وأنها تطلق إشعاعات تؤدي إلى صداع في الرأس وآلام في الأذن.

ووصف الأسرى تأثير هذه الأجهزة عليهم بأنهم يشعرون أن أدمغتهم تغلي داخل “ميكرويف”، ويستدل الأسرى على قوة هذه الأجهزة وخطورتها بقدرتها على منع موجات الراديو والتلفاز والاتصالات من الوصول.

ووفق تأكيدات رئيس “وحدة الدراسات والتوثيق” في “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” عبد الناصر فروانة فإن الخطر الأكبر من وراء التعرض المستمر لهذه الإشعاعات يتمثل في ارتفاع احتمالات الإصابة بالسرطان، وهذا ما يفسر زيادة معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية المختلفة في أوساط الأسرى خلال السنوات الماضية.

وأضاف فراونة للجزيرة نت أن إسرائيل تتعمد الإضرار بالأسرى والمقامرة بحياتهم منذ اللحظات الأولى لاعتقالهم، ولولا ذلك لما افتتحت سجن النقب وثلاثة سجون أخرى هي نفحة وريمون وبئر السبع، التي تضم أكثر من نصف عدد الأسرى، على مقربة من مفاعل ديمونا النووي.

وفي هذا السياق، أفاد اليوم الخميس مكتب إعلام الأسرى بأن الأسير بسجن النقب الصحراوي عبد الرحمن حسن صلاح، وهو من سكان مدينة جنين، بدأ يعاني من آلام وصداع في الرأس ودوار نتيجة تعرضه لأجهزة التشويش التي ركبتها إدارة السجن في المعتقل.

بيان للأسرى :
وفي بيان لهم حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، قال الأسرى إن أجهزة التشويش المسرطنة قد بدأت “تعمل عملها في أجسادنا وتنهب من صحتنا أوفرها، وبات التوتر والقلق والصداع والغثيان والشعور بالدوار حالة ملازمة لحياتنا”.

وأوضحوا في بيانهم أنه بعد التواصل مع الجهات المختصة من الأطباء “تبين لنا أننا نتعرض لأخطر أنواع الإشعاعات في العالم، وأن الأعراض اليومية التي نشعر بها ما هي إلا رأس جبل الجليد من الأضرار التي ستصيب أجسامنا، وسيكون التشوه الجيني للخلايا وظهور مرض السرطان القاتل هو النتيجة الحتمية لما نتعرض له”.

وحمّل الأسرى الاحتلال المسؤولية المباشرة عن عملية حرق الأدمغة والأجساد التي يتعرضون لها، وحذروا من أنه إذا “كان الموت هو النتيجة الحتمية لنا فإننا نُعلم الجميع أننا سنختار ميتة تليق بنا نحن الأحرار وسنصنع عزنا بأيدينا”.

وتسوق سلطات الاحتلال عددا من الذرائع لتركيب هذه الأجهزة، وفي مقدمتها الأمن الذي تبرر به كل جرائمها وانتهاكاتها بحق الأسرى -حسب فروانة- وتقول إدارة السجون إن تركيب هذه الأجهزة جاء بغرض التشويش على اتصالات يجريها الأسرى من أجهزة هواتف نقالة مهربة.

أما الأسير المحرر حسن جبر فيؤكد أن نجاح ذوي الأسرى في تهريب هواتف نقالة تكاد تكون “معدومة”، بسبب إجراءات التفتيش المشددة التي يتعرضون لها قبل دخولهم للزيارة في السجون، يدويا وإلكترونيا.

وقال في حديث سابق للجزيرة نت إنها “كذبة كبيرة من أجل فرض مزيد من العزلة على الأسرى وقهرهم وتعريض حياتهم للخطر”.

من جهتها، ترى المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن هدف التربح لدى الشركات التي تعمل في هذا المجال مقدم على القيم والأخلاق والقوانين الدولية “فهم لا يعبؤون بما تسببه منتجاتهم من أضرار صحية خطيرة للمستهدفين، المهم ما يجنونه من أرباح على حساب آلام وعذابات الفلسطينيين”.

ودعت المنظمة الاتحاد الأوروبي إلى منع هذه الشركات من العمل على أراضيه وتجريم مسؤوليها وضرورة التحرك العاجل للضغط على الحكومة الإسرائيلية للتوقف عن التنكيل بالأسرى، وإلزامها باحترام القواعد المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف والخاصة بحماية الأسرى.

كما وجه الأسرى نداءات للمجتمع الدولي من أجل تفكيك هذه الأجهزة ومنع استخدامها، وفي الإطار المحلي دعا الأسرى الفلسطينيين إلى الوقوف معهم في معركة الإرادة والصمود ضد السجان الإسرائيلي.

ووفق إحصائيات رسمية صدرت عن هيئات حقوقية فلسطينية، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل في سجونها زهاء ستة آلاف أسير فلسطيني، بينهم 270 طفلا، و52 معتقلة، وستة نواب برلمان، و430 معتقلا إداريا، و1800 مريض بينهم سبعمئة أسير بحاجة لتدخل طبي عاجل يعاني عدد منهم من السرطان.

أما قائمة شهداء الحركة الأسيرة فتضم 218 شهيدا، بينهم 63 أسيرا استشهدوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الأسرى.

الجزيرة

تعليق واحد