كاتب مصري.. السودان الذي لا نعرفه: كلام عند الجذور
كان استقلال السودان عام (1956) صدمة كبيرة اهتزت لها الحياة المصرية. استقرّ لعقود طويلة في الخطاب العام مفهوم “السيادة المصرية على السودان”، من دون التفات إلى أن العالم قد تغيّر، والسودان تغيّر، وحلّ محلّه مفهوم آخر هو “وحدة وادي النيل تحت التاج المصري” ترتيبًا على معاهدة (1936) التي وقّعها الزعيم الوفدي مصطفى النحاس مع سلطات الاحتلال البريطاني. كان السؤال الرئيسي: ما الطريقة التي تتحقق بها وحدة وادي النيل، من خلال المفاوضات بين دولتَي الحكم الثنائي، وهو ما تمسك به المصريون، أم من خلال حق تقرير مصير السودانيين، وهو ما تمسك به البريطانيون؟
وفق عميد المؤرخين المعاصرين الدكتور يونان لبيب رزق، فإن مصر سلّمت عام (١٩٥٠) بحق تقرير المصير، حين كان الدكتور محمد صلاح الدين وزيرًا لخارجية حكومة “الوفد” الأخيرة، وهو رجل مشهود له بوطنيته وكفاءته. الأسباب التي أفضت إلى استقلال السودان تتعدد وتتداخل، أهمها أن “الاتحاديين” الذين اكتسحوا انتخابات الجمعية التأسيسية صوّتوا ضد الوحدة في اللحظة الأخيرة، على عكس كل التوقعات والرهانات، وحسموا الأمر في الجمعية التأسيسية من دون انتظار موعد الاستفتاء الشعبي، حسبما نصّت اتفاقية تقرير مصير السودان، التي وقّعها اللواء محمد نجيب مع السفير البريطاني في القاهرة السير رالف ستيفنسون.
بموجب الاتفاقية تقرّر انسحاب القوات المصرية والبريطانية فور صدور قرار من البرلمان السوداني برغبته في الشروع باتخاذ تدابير تقرير المصير. كان أمام الجمعية التأسيسية السودانية الاختيار بين الارتباط بمصر على أي صورة، أو الاستقلال التام. وكان الدور البريطاني حاضرًا ومؤثرًا في التحريض على فصم أي علاقات وحدوية بين البلدين الشقيقين. وقد كان لأبّهة السلطة تأثيرها على من آلت إليهم قيادة المرحلة الانتقالية، على ما يؤكد يوسف الشريف أكثر الصحافيين المصريين اقترابًا من “السودان وأهله”، وفق عنوان أهم كتبه. كما كان لحلّ الأحزاب وتحريض الشيوعيين الذين لم يبدوا حماسةً لحكم “الضباط الأحرار” و”الإخوان المسلمين” بعد المحاكمات التي جرت عقب محاولة اغتيال جمال عبد الناصر عام (1954)، فضلًا عن أخطاء جسيمة في إدارة الملف ارتكبها صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة، أدوار في الوصول إلى تلك النقطة غير المتوقعة. هناك من يركّز على أن عزل اللواء نجيب، ووالدته من أصول سودانية، هو السبب الجوهري للاستقلال. حسب شهادته، هو نفسه، فإنه فوجئ عند زيارة الخرطوم في الأول من مارس (1954) للمشاركة في افتتاح الجمعية التأسيسية بهتاف يستقبله: “لا مصري ولا بريطاني.. السودان للسوداني”. عزل نجيب أثّر على اتجاهات القرار السوداني، لكنه لم يكن العنصر الأساسي فيه. وقد يدخل في أسباب الاستقلال لغة التعالي التي يشتكي منها السودانيون حتى اليوم.
هناك ما يشبه الأمّية المعرفية بالسودان مستعصية وممتدة بلا سبب مفهوم أو مقنع حتى تكاد حقائقه الأساسية غائبة، قواه السياسية وخرائطه الاجتماعية والثقافية، انتفاضاته وانقلاباته وتطلعاته المجهضة مرة بعد أخرى للتحول إلى دولة ديموقراطية حديثة. رغم أي أخطاء سياسية أفضت إلى تغليب خيار الاستقلال في الاستفتاء على تقرير مصير السودان، إلا أن الاستفتاء نفسه حق أصيل لا يمكن المنازعة فيه وتقبل نتائجه قيمة سياسية لا يصحّ التشكيك فيها.
فوجئ نجيب عند زيارة الخرطوم بهتاف يستقبله: «لا مصري ولا بريطاني… السودان للسوداني»
دأبت أعداد كبيرة من السياسيين والصحافيين المصريين على وصف الاستقلال بـ”الانفصال” من دون تدقيق في حمولات الأوصاف وتبعاتها، إذ قد ينظر إلى وصف الانفصال باعتباره إنكارًا على السودانيين أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم. الأسوأ من ذلك كله ــــ كما يلاحظ مؤرخ مدقق كالمستشار طارق البشري ــــ “لم تكن للحركة الوطنية المصرية منذ مطلع القرن العشرين حركة وحدوية تستهدف توحيد مصر والسودان، لم يحاول حزب واحد أن يتكون على أساس جامع من مصريين وسودانيين، ولا حاول جادًا أن ينشط بين السودانيين، كما ينشط بين المصريين، ولا أن يبني تشكيله من أهل البلدين معًا”، “حزب الوفد نفسه لم يدخله سوداني ولا نشط في السودان منذ نشأ حتى انتهى”. بعد استقلال السودان، أطلق عبد الناصر جملة شاعت: “السودان المستقل قوة وسند لمصر، وهو خير من السودان الضعيف، الذي يختلف أهله حول وحدة وادي النيل”. كانت تلك الجملة تعبيرًا عن حقائق وصلات لا تحليقًا في نزعات هيمنة.
في توقيت متزامن بين عامَي (1953) و(1954) بدت «اتفاقية الجلاء» داعية إلى مساجلات مصرية أخرى. لم تكن الاتفاقية مثالية، وشابتها مثالب جوهرية. وفق نصها: “تجلو حكومة المملكة المتحدة جلاءً تامًا عن الأراضي المصرية”… غير أنها اشترطت “في حالة وقوع هجوم مسلح على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفًا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية أو على تركيا، أن تقدّم مصر من التسهيلات ما قد يكون لازمًا لتهيئة قاعدة قناة السويس للحرب وإدارتها إدارة فعالة”. بملاحظة ثاقبة أخرى للمستشار طارق البشري ــــ “لم يكن الفارق بين اتفاقية الجلاء ومعاهدة 1936 في النصوص بقدر ما كان في الأرض، التي تحركت عليها النصوص، وفي الأيدي التي تحركها، وفي تغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية، على التحديد طرد الملك وإلغاء النظام الملكي وتحديد الملكية الزراعية”.
في 18 حزيران / يونيو (1956) أُجلي آخر جندي بريطاني عن مصر، غير أن الاستقلال الحقيقي لم تحصل عليه إلا بالدماء التي بذلت في حرب السويس بعد تأميم الشركة العالمية لقناة السويس “شركة مساهمة مصرية” في 26 تموز/ يوليو من العام نفسه بعد أسابيع معدودة من الجلاء. بقوة نتائج حرب السويس، تعالت نداءات الوحدة العربية، وكان السودان ميدانًا مفتوحًا للآمال الجديدة ومشدودًا بكتله الجماهيرية الغالبة إلى القاهرة. إثر الهزيمة العسكرية الفادحة عام (1967)، خرج مئات الألوف إلى شوارع الخرطوم يستقبلون “القائد المهزوم” في مشهد تاريخي استثنائي، رسائله لا تخفى عن عمق ما يجمع المصريين والسودانيين في أوقات المحن. القصة كلها تحتاج إلى مراجعة عند الجذور.
ما بعد استقلال السودان، مرّت مياه كثيرة تحت الجسور، ارتبكت الخطى بين انقلابات عسكرية لم تتوفر لها شرعية شعبية تستند إليها، وحكومات مدنية لم تتقدم بالسودان إلى بنى حديثة تؤسس لدولة مؤسسات وقانون. أجهضت انتفاضات، لكن المطالب نفسها لم تخمد وأعلنت عن نفسها مرة بعد أخرى. المشكلة ليست في التضامن مع السودان وأهله، فهذه بديهية، بقدر التنبّه لشبه الأمية المعرفية التي تصطنع الأزمات أحيانًا وتصادم الشعوب غالبًا.
عبدالله السناوي
*كاتب مصري
نقلاً عن جريدة الأخبار المصرية
من الأشياء المحيرة أيضا أن يغرق السودان منطقة كاملة بمدنها ومزارعها ويرحل أهلها إلى أرض بعيدة جرداء (كرم وفراسة) ليقام للمصريين سدهم العالي مع وعد والتزام منهم بمد شمال السودان بالكهرباء ولم يفي المصريون ب متر واحد منها إلى الآن (غدر)
ويحتكرون الصيد في بحيرة النوبة التي يقع معظمها في السودان (غدر).
من الأشياء المحيرة أيضا أن أن يقاتل السودانيون صفاً واحداً مع المصريين في كل حروبهم (شجاعة ونخوة) ويأتي المصريون من الباب الخلفي ويحتلون أراضينا ويدعون ملكيتها ويرفضون التحاكم أو للتفاوض لادراكهم الحقيقة ويفرضون علينا سياسة الأمر الواقع (غدر)
وغير ذلك الكثير الكثير
الا تتفق معي سعادتك أن المفقود هنا هو (الصدق ثم الثقة).
اكثر مصائب السودان مصدرها مصر، اغراق الاثار في وادي حلفا بدون مقابل، احتلال حلايب،التهريب المنظم للوقود والذهب والعملة والجمال والصيد في المياه السودانية ،المصيبة التي نعيش اثرها وهي الحصار الامريكي حيث تقدمت اثيوبيا نيابة عن مصر بالاقتراح ،ثم الخزي لاي حكومة ودعم كل من يحمل السلاح والي الان يقيمون علاقات اقوي مع جميع الجيران والهدف من كل ذلك وقف نهضة السودان مع ان حجتهم هي اختلاف سياسي ولكن الاستهداف يزيد يوما بعد يوم .
اللهم اكفنا شرهم
لا يجوز لك يا الطريفي التحريض بهذه الطريقة ضدمصر مع ان ما ذكره الكاتب بخصوص النظرة الدونية وعدم فهم مصري لما يحدث في السودان صحيح كما ان موقفهم القوي من سد النهضة يصب في مصلحة السودان وانظروا بعد اكتمال السد فلن تجدوا قطرة ماء ما لم تدفعوا دم قلبكم والفترة الاخيرة يوجد تطابق في المواقف السياسية لذا الحكمة والمصلحة تتطلب عدم استعداء الاخوة والجيران لاسباب تاريخية
من أين أتيت بذلك ؟
أن موقفهم القوي من سد النهضة يصب في مصلحة السودان؟؟؟!!!!
أي دولة تستفيد من السد إذا كان في أعالي الأنهر ، تماما مثل سد النهضة للسودان
فالفائدة القصوي لهذا اللسد من ناحية الري هي للسودان
حتى أثيوبيا التى تستفيد من التوليد الكهربائي أكثر
ولو سألت خبير ري في أي مكان بالعالم لقال لك ذلك
الا من يكابر
السودان غني بموارده المائية
يجب على المصريين الدفاع عن حقوقهم بانفسهم دون إقحام السودان في ذلك
يكفي ما قدمه السودان لمصر في الحقب السابقة دون ان يجنى شيئا
مع كل احترامي لكاتب المقال واتفاقي معه في بعض ما اورده إجمالا لكنني اجد نفسي مختلفا مع كثير من اخوتنا المصريين الذين ينكرون ان السودان لم يكن يوما تابعا لمصر المصرية ولكن تم احتلاله بواسطة محمد علي باشا والي الدولة العثمانية واخوتنا المصريين ينكرون علينا تاريخنا المعلوم للكل ويتعامون عمدا عن الدولة السنارية التي كانت تحكم الارض السودانية لعدة قرون فجيوش محمد علي لم تدخل الي ارض خلاء خواء..كما انهم يتعامون عن سلطنة دارفور…الخ …هذا التعامي المقصود رسخ في ذهنية المصري البسيط او حتي المتعلم ان السودان كان جزءا اصيلا من مصر وانفصل عنها بسبب المستعمر البريطاني …التعالي الذي نتحدث عنه كسودانيين هو تعالي ممتد من ضعف الفهم للحقائق والتاريخ علاوة علي عقلية المحتل الخفية التي تبرز كلما ضغطت الحقائق التاريخية علي الذهنية المصرية التي تعرفها..ويصبح بالتالي اي حوار او طرح مصري للعلاقة السودانية المصرية ادني من هذا الفهم يحمل في طياته نوعا من التعالي الخفي وبالتالي لن يغير من التوصيف السوداني لتعامل المثقفين المصريين مع السودان.
بسم الله الرحمن الرحيم
المصريين وعلى أعلي مستوي يعتقدون إعتقاد جازم بأن السودان جزء لا يتجزأ من مصر ولذلك ينكرون بل ويستكثرون علينا كل الخيرات التي حبانا بها الله ولا تمر ليلة واحدة إلا وتجد في الفضائيات المصرية نقاش غير موضوعي محوره السودان. السودان وخيراته شغلهم الشاغل.
الله المستعان.
للاسف معظم الاخوة المصريين لا يفهمون ان مصر ومنذ قرون مضت لم يحكمها المصريون ومر على حكمها رومان وشركس ومماليك وفاطميون والقائمة تطول حتى اتى العثمانيون بقيادة محمد على باشا وسيطرو على مصر ومن ثم ضمت اليها السودان لاسباب اقتصادية وعسكرية واستمروا فى حكم مصر والسودان وبناء الدولة الحديثة ثم انهارت الدولة العثمانية واتى الحكم الانجليزى الذى حكم مصر والسودان وكانت بريطانيا تسمى الملك فاروق حاكم مصر والسودان والدولتين محتلتين واستمر الوضع حتى استقل السودان قبل مصر وبستة اشهر 1/1/1956 واستقلال مصر كان فى يونيو 1956 واول حاكم مصرى منذ قرون مضت كان محمد نجيب المولود ومتربى بالسودان ولا ادرى من اين اتى فهم المصريون ان السودان كان جزء من مصر فالتاريخ والحقيقة واضحة كالشمس فى رابعة النهار لكل من مر علىالتاريخ ولو مجرد مرور ناهيك عن المختصين فيه فالسؤال كيف تكون مصر محتلة من المستعمر وهى تحكم السودان ؟؟؟؟؟؟
الشى الاخر والاهم استفادت مصر عبر التاريخ من السودان وذلك فى بناء السد العالى وبحيرة النوبة وتهجير اهالى المنطقة ولم يستفيد السودان من ذلك شى فلا كهرباء تم توصيلها ولا حتى المبلغ المتفق عليه تم دفعه حتى الان
السودان يمثل العمق الاستراتيجى لمصر وتستفيد من كل الفائض المهدر من حصة السودان فى المياه تذهب لمصر
ورغم كل ذلك احتلت مثلث حلايب وشلاتين 1995 وكان المصريون فجاة اكتشفو ان الارض التى تحت خريطة السودان منذ 1902 تحولت بقدرة قادر لاراضى مصرية ويشتدقون بانهم تركوها للادارة السودانية وقتذاك لتداخل القبائل
ياجماعة سيبو المصريين في وكستهم وبلحة مهيطل مستمر في تدمير مصر … خلونا في الكيزان وتسقط بس #