مصفاة نفط روسية ببورتسودان.. تعزيز الاستثمارات النفطية
في ختام زيارة الوفد الروسي في نهاية العام الماضي لمدينة بورتسودان والتي استغرقت ثلاثة أيام تم الاتفاق على إنشاء مصفاة لتكرير النفط على ساحل البحر الأحمر بطاقة 20 ألف برميل يومياً بتمويل روسي وبموجبه تم تشكيل لجنة لدراسة الجوانب الفنية للعرض الروسي على أن تستكمل المفاوضات خلال الشهرين، وتأتي زيارة الوفد الروسي لشركة “روس جو” الحكومية الروسية المرتقبة بعد غد لاستكمال الترتيبات والتحضيرات لإقامة المصفاة الجديدة بالبحر الأحمر، وبحسب وزارة النفط، فإن مشروع المصفاة يأتي ضمن البرامج للتعاون الاقتصادي والنفطي بين السودان وروسيا تتويجاً لبرتكول الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين الذي وقع في منتصف ديسمبر الماضي.
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن اتجاه السودان شرقاً خاصة لدولة روسيا اتجاه صحيح نحو التنوع في مصادر الاستثمار حيث وقع السودان وروسيا العام الماضي اتفاقية لاستغلال غاز في البحر الأحمر. واستقبل السودان في نوفمبر الماضي نائب وزير الخارجية الروسي على رأس وفد اقتصادي كبير، وكبرى الشركات التي تعمل في السودان في مجال التعدين. كما استقبل في ذات الشهر وزير النفط الروسي في إطار التحضيرات للجنة العليا بين البلدين التي اختتمت أعمالها في موسكو أخيرًا.
*خطوة مهمة
ويشير الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين والخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير الى أن إنشاء مصفاة في البحر الأحمر خطوة مهمة لجهة أن البلاد تحتاج الى مزيد من مصافي تكرير البترول، مبينًا أن مصفاة الجيلي تنتج مائة ألف برميل يومياً في ظل حاجة البلاد إلى 120 ألف برميل، وأضاف أن الحاجة لاستيراد الخام وتكريره متزايدة فإنشاء محطة لتكرير النفط في البحر الأحمر يمكن أن تستفيد منها الولايات الشرقية والقريبة من البحر الأحمر، مؤكداً أن المشروع يضمن استرداد رأس ماله في فترة زمنية وجيزة خاصة في ظل زيادة البلاد من إنتاج البترول وبالتالي زيادة القدرة التشغيلية للمصافي.
وفاق حجم التبادل التجاري بين السودان وروسيا 400 مليون دولار، حيث قفر الميزان التجاري بين البلدين خلال الأشهر السبعة الماضية بنسبة 37 في المائة، فإن الناظر إلى طبيعة العلاقات السودانية الروسية الاقتصادية يجدها تمضي نحو آفاق اقتصادية أكثر انفتاحاً خاصة عقب الاستثمارات الروسية السيادية التي لها علاقة بالحكومة الروسية وتوقيع عدد من العقود مع وزارة النفط السودانية، حيث استطاعت الشركات الروسية بحكم عملها في مجال التعدين وتطوير العلاقات بين الخرطوم وموسكو، كان آخر محطاتها الاتفاق بين السودان وروسيا لإيجاد تكنلوجيا حديثة لاستخدامها في استخلاص الذهب بالسودان لجهة أن روسيا تملك بدائل للزئبق تقلل الآثار الضارة للبيئة.
*حدث إستراتيجي
إنشاء مصفاة للبترول، يعتبر حدثاً استراتيجياً للبلدين يحقق عوائد كبيرة لروسيا بشراء البترول من الدول العربية والأفريقية وتصفيته في بورتسودان، ثم يعاد تصديره مرة أخرى لبقية الدول.
هذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي، الذي يؤكد لـ(الصيحة) أن أي اتفاق يحرك العلاقات الاقتصادية في السودان يحتاج إليه الاقتصاد بشدة، وأضاف أن الاقتصاد يحتاج الى كثير من الاستثمارات خاصة في مجال البترول التي حدثت فيه أزمة، خاصة الأزمة مؤخراً من تعطل مصفاة الخرطوم التي قللت الكميات المستخدمة المطلوبة في السودان واعتبر الإتفاق الروسي في مجال البترول استثمارا في الاتجاه الصحيح وفي الاتجاهات التي تطور الاقتصاد في قطاع مهم مثل النفط.
وقال إن السودان حالياً علاقاته منفتحة مع كثير من الدول التي علاقاتها بالسودان قديمة مثل روسيا والصين، ولا تتاثر بالعوامل السياسية، لافتاً الى أن البلاد في حاجة لأي استثمارات في البنى التحتية، مؤكداً أن الدراسات أثبتت في الفترة السابقة أن ولايات كثيرة تحتاج الى مصافٍ وأنابيب لمدها بالبترول عند حدوث أي أزمة فيهن خاصة الولايات الغربية والجنوبية والشرقية، وأوضح أن مصفاة ميناء بورتسودان سوف تمد كثيراً من الولايات، وأن موقع المصفاة إستراتيجي، يحد من الضغط على مصفاة الخرطوم، ونوه الى أنه في الماضي كانت هنالك مصفاة في بورتسودان والأبيض، وتوقع عودة هذه المصافي لخلق نوع من الوفرة في المحروقات، وبالتالي التقليل من الأزمات.
وتمتلك روسيا شركتي كوش إم انفست، وروس دراغمنت في مجال التعدين في السودان، وبحسب مراقبين فإن روسيا تمثل أحد الأقطاب الاقتصادية على مستوى العالم، وهي تمثل الضلع الرابع في التوازن الدولي بين أمريكا والاتحاد الأوروبي والصين، كما أن روسيا تعتبر وريث التكنولوجيا المتقدمة التي كان يتمتع بها الاتحاد السوفيتي السابق ولها خبرات واسعة في مجال استخراج النفط والمعادن، وبالتالي فإن العلاقات مع هذه الدولة والاتفاقيات معها تكتسب أهمية لإمكانية أن تسهم في اكتشاف الثروات السودانية لا سيما في مجالي المعادن والنفط.
الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة.