في ذكرى وفاته .. هل تُوفي سيدنا أبو بكر الصديق بالسمّ؟
كان سيدنا أبو بكر الصديق أقرب صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه، فهو رفيق في رحلة الهجرة، وأول من صدقه وآمن به من صحابته، وكان دائمًا ما يصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلقبه بـ “الصديق”.
وعندما أسلم خرج يدعو إلى دين الله فأسلم على يديه عدد غير قليل من كبار الصحابة في يوم واحد من بينهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وكل هؤلاء من المبشرين بالجنّة.
ودور سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خدمة الإسلام لا يجهله أحد، فقد بذل من أجل الدعوة الإسلامية الكثير، وهو ما شهد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال فيما رواه الإمام الترمذي: ” ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافيه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط: ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا ألا وإن صاحبكم خليل الله”.
تولى سيدنا أبو بكر الصديق الخلافة عقد انتقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، وتمت بيعة سيدنا أبي بكر البيعة الخاصة في سقيفة بني ساعدة، حيث اجتمع المسلمون في اليوم التالي للبيعة العامة.
واليوم 7 جُمادى الآخرة، هي ذكرى وفاة سيدنا أبو بكر الصديق، حيث توفي عام 13 هجريًا، وفي لحظات الموت الأخيرة استدعى سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وقال: “أما إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارًا ولا درهمًا، ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضح، وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر وابرئي منهن. ففعلت. فلما جاء الرسول إلى عمر بكى حتى جعلت دموعه تسيل في الأرض، ويقول: رحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده، رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده، رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده”.
أما عن أسباب وفاته فاختلف أهل السير في سبب وفاته رضي الله عنه: فقيل إنه توفي بالسم، كما في كتاب “الرياض النضرة” للإمام المحب الطبري، وذكر ذلك أيضًا الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه “الإصابة في تمييز الصحابة”، وأيضًا ابن خلكان في كتابه “وفيات الأعيان” وورد كذلك في كتاب “الكامل في التاريخ” أنه كان قد سمه اليهود في أرز، وقيل في حريرة وهي الحسو، فأكل هو والحارث بن كلدة فكف الحارث وقال لأبي بكر: أكلنا طعامًا سم سنة فماتا بعد سنة.
وهو ما أخرجه كذلك ابن سعد في “الطبقات” بإسناد صحيح قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى قال: حدثنى الليث بن سعد عن عقيل عن بن شهاب أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزبرة أهديت لأبي بكر فقال: الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إن فيها لسم سنة وأنا وأنت نموت في يوم واحد، قال فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة”.
كما قيل إنه توفي بحمّى أصابته نتيجة اغتساله بماء بارد، وتوفى عن ثلاث وس
تين سنة، وهو ما ذكره الإمام الذهبي في كتابه “سير أعلام النبلاء” رواية عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: أول ما بدئ مرض أبي بكر أنه اغتسل، وكان يوما باردا فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة ، وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألزمهم له في مرضه. وتوفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة . وكانت خلافته سنتين ومائة يوم.
صحيفة المرصد