رأي ومقالات

ضياء الدين بلال: فيصل.. انفعالي ومتطرِّف لا يحتمل السماع للرأي الآخر، يُعبِّر عن آرائه بصوت مرتفع ومنطق متشنج كأنه في تظاهرة

(فيصل) الآخر !
-1- تجمعني بالأستاذ فيصل محمد صالح مُودَّة واحترام مُتبادل، لنا اهتمامات
مُشتركة ونقاشات مثمرة في الشؤون العامة، وبعض الأسمار الخاصة، لم
يُفسدها خلاف أو يُعكِّر صفوها اختلاف.

زارني في المناقل في مناسبة احتفالية، وزرته في بورتسودان في حفل تكريمه.

وحينما استشارني قبل سنوات، شاعر الروائع أستاذنا كامل عبد الماجد في
اختيار رئيس تحرير لصحيفة (الأضواء)، لصاحبها السيد صلاح أحمد إدريس،
أشرت إلى فيصل؛ فكان الاختيار وجاءت المُوافقة.
المُختلفون معه قبل المتفقين عليه، تجدهم ينظرون إلى فيصل محمد
صالح باعتباره من ذوي الأخلاق الرفيعة والتهذيب الجم.

فيصل صاحب موقف سياسي معروف، وانتماء تنظيمي سابق للحزب الناصري؛ ولكنه
ظلَّ يُعبِّر عن مواقفه السياسية بكُلِّ موضوعية ومرونة تقبُّل الرأي
الآخر، وتستوعب اختلاف وجهات النظر ولا تدَّعي العصمة الثورية.

قبل أيام، التقيت بفيصل في مناسبة اجتماعية، ودار بيننا نقاش حول مجريات
الأحداث، وما يمكن أن تُفضي إليه.

فوجئت بفيصل آخر، نقيض الذي كنت أعرفه، انفعالي ومتطرِّف لا يحتمل السماع
للرأي الآخر، يُعبِّر عن آرائه بصوت مرتفع ومنطق متشنج كأنه في تظاهرة سياسية.

بعد انتهاء النقاش وأمام منزل المناسبة، قلت لفيصل: أنت واحد من أعمدة
الاعتدال والموضوعية في الصحافة السودانية، لا تجعلنا نفتقدك حيث
نتمنّاك، فملعب التهييج السياسي ليس في حاجة للاعبين جدد!

-2-

كتب فيصل على صفحته بـ(فيسبوك) منتقداً مقالاً كتبته عن ثقافة الكراهية،
وما يمكن أن يترتب عليها، قلت فيه:

مع استمرار الاحتجاجات وما يترتب عليها من قتل وسفك دماء وإهدار إمكانيات
الدولة، ساد خطاب الكراهية وتصالح كثيرون مع البذاءات، وصعد آخرون إلى
أسفل المدينة.

لغة الخطاب السياسي أصبحت حامضة ولاذعة، تنحو إلى الفصال والمقاطعة،
وأبلسة الخصوم ونفي الآخر.

حدَّة الاستقطاب السياسي واستخدام خطاب عدواني متوحِّش تجاه المخالفين أو
المعارضين؛ لن يحقق فائدة للوطن، بل يُلحق به كثيراً من الأذى، ويُفاقم
كثيراً من المرارات.

أي إساءة متجاوزة أو تحدٍّ مستفز، في مرات عديدة، ينحرف عن مساره ليصيب
قطاعات واسعة من الجماهير؟!

خطاب الكراهية أشعل حروب الإبادة في روندا، ومعارك السواطير والسيوف في
كينيا 2007، ولم تُشفَ من غلوائه العراق وليبيا وسوريا واليمن إلى اليوم.

الحرب أوّلها كلام، والكارثة قد تأتي على ظهر كلمة جارحة، وحينما تبدأ
لغة البارود تفقد الكلمات معانيها، والأفكار جدواها، ويُسيطر على المشهد
المتطرفون والموتورون والغوغائيون.

تصبح الحكمة جبن والاعتدال ميوعة والموضوعية بضاعة مزجاة، ويفتح باب
المزايدات على مصراعيه، الأكثر تطرَّفاً هو الأعلى قيمة، والأشد بذاءةً
هو الأجدر بنوط الشجاعة!

سقط النظام أم بقي في كراسي الحكم، نحن في حاجة لقاموس سياسي جديد،
تتَّسع فيه مساحة التسامح، وتتراجع لغة الاستفزاز والاستعلاء.

وترسم على ملعبه الفوارق بين النقد والتجريح، وبين التحدِّي والاستفزاز.

نُريد من فيصل أن يبحث معنا عن يابسة تنجي وطننا من سيناريوهات الخراب.

أكثر ما أساءني وأغضبني، أن فيصل قام بتحريف ما كتبت رغم سهولة مبناه
ووضوح معناه، وأتمنى أن يكون فعل ذلك سهواً وغفلة أو لسوء تقدير، لا عن
قصد وسوء طوية حتى يُشوِّه موقفي ويُغذِّي رصيده الثوري، كما فعل آخرون
أقل منه قيمة وأخف وزناً في ميزان مهنة الصحافة.

نقدي للخطاب والأفعال المُثيرة للكراهية، يشمل الجميع، الحاكمين قبل
المعارضين؛ ولكن فيصل أراد تخصيصه للمعارضين ومن هناك صعد منبر الوعظ
الثوري فبات يرمي نحوي بشرر!

فيصل يتهمنا بالحياد لأننا لا نهتف معه (تسقط بس)، وهو يعلم إدانتنا
المُوثَّقة للعنف ضد المحتجين السلميين وهو مُطَّلع على إرشيفنا الممتد
لعشرين عاماً، ولم نكتب فيه ما يُشين أو نستحي منه أمام الله والتاريخ.

فيصل يعلم علم اليقين، أننا من منبر مستقل وغير محايد، نكتبُ لا لمصلحة
جهة أو فرد، ولكن لمصلحة الدولة السودانية، استقرارها، وازدهارها،
وأمنها، ورفاهية مواطنيها، وتجنيبها الفتن؛ نكتب ضدَّ ثقافة الإحباط
واليأس ومعارك العنف الصفريَّة.

ننتقد بصدقٍ ونُثني على من يستحق، لا نكذب ولا نُلوِّن المعلومات ولا
نُزيِّفُ الحقائق، غَضِبَ زيدٌ أم رضي عمرو!
ننشر اخطر قضايا الفساد، تصادر صحفنا ونحرم من الإعلان الحكومي وتوجه إلينا الاستدعاءات الأمنية، ومع ذلك نشيد بمعتز موسى إذا نطق بالحق وبايلا إذا عمل ما ينفع الناس وهارون إذا أنجز .
صحفيون لوجه الحقيقة، بلا لافتات سياسية وأجندة خفية ومرارات ذاتية وبلا مزاعم وادعاءات ، من عرف عنا غير ذلك فليكتب ويشير.

-4-

أشدُّ ما أوجعني أن صديقي فيصل أصبح من المُبرِّرين لخطاب الكراهية،
والداعين إلى نظرية أن الآخرين هم الجحيم.

فقد كتب يخاطبني: (تطالبنا ألا نستخدم ضدهم خطاب الكراهية، لا يمكنك أن
تكون مع القيم الإنسانية إن لم تكن تكره من ينتهكها).

كيف لرجل مثقف بقامة ونبل فيصل محمد صالح يعتبر الكراهية سلاح مقاومة،
منتج للحرية والسلام والعدالة؟!!

الكراهية مشاعر انسحابية سالبة مثل الحسد والحقد، يتأذَّى من لظاها
الشخص قبل أعدائه ولا تنتج خير وعادة ما تشتعل من شررها حرائق الدمار،
فإنك لن تجني من الشوك العنب.

الكراهية المعافاة تتجه نحو الأفعال، لا الذوات، ألم يقل الأستاذ محمود
محمد طه في تجسيد ذلك المعنى: (الترابي موضع حبنا وأفكاره موضع حربنا).

-أخيراً-

إذا نصحني الصديق فيصل بمقولة مارتن لوثر كينغ ضد الحياد، فإنني أُهدي
إليه ما قاله جون كنيدي: (إن لم نستطع أن نُنهي خلافاتنا الآن، فيُمكننا
على الأقل المساعدة على أن يكون العالم مكاناً آمناً للاختلاف).

ضياء الدين بلال

‫8 تعليقات

  1. سلم قلمك يا ليت صحفيين بلادى يحذو حذوك
    ربنا يحفظ العباد والبلاد

  2. اصبت يا ضياء الدين مع فهذا الرجل خلافى وانفعالى ويميل لتجريم الاخرين دوما ويعتقد انه رسول العناية الالهية
    رجل حتى لما ياتى ف تحليل الصحف والاخبار الواردة فيها لاحظت انه يستهزءى بزملائه ويعبر بطريقة انفعالية وكانه الاوحد
    وله مثيل رايد مرغنى بتاع المقايس برضو انفعالى ومتحيز لرايه مع ان له اشراقات الوضوح والصراحة وعدم الخوف لكن فيصل دا
    لن يفيد الصحافة كصحفى ولا كاتب ولا حتى عامل

    1. خال اماسي
      ايها الدجاجه الالكترونيه البلاليه.
      متي موعد وضع البيض يا بيضه

  3. أحسنت ، وببالعة معنوية وصياغية محكمة .. بارك الله فيك .. نهج الكراهية لفيصل وانتماؤه يديران الآن سقوطه الصحفي

  4. الاخ الاستاذ الكاتب الصحفي الكبير ضياء الدين بلال.
    كثير من الناس قرأو ما كتبته انت وما كتبه كتبه فيصل تعقيبا.
    والحق نقول ان رد فيصل كان موضوعي ودامغ وليس فيه اي تشنج او اعتداد بالرأي لكن انت من تعتقد انك دائما علي حق واحسن دليل علي ذلك هو كثرة خلافاتك ومشاجراتك البذيئه والفاجره في عالم الصحافه. خسئت يا بلال وخسئ اسيادك في القصر ايها القزم الوضيع.
    تسقط بس

  5. دايما اليسار بجميع مسمياته …زي الأفاعي ناعمت الملمس ولها لدغة قاتلة.
    طبعا اليسار يتبعون نظريات أشخاص ملحدين كفروا بكل شي وقالوا في الله ماقلوا .وقالوا الانسان وليد الصدفة وبالتالي هم اضل أشخاص في الخلق والأخلاق ليس لديهم متسع للآخر لانو الآخر يعكس جريان اليسار نظريا وأخلاقيا.وبالتالي درجة التحمل تكون صفر في الاتجاه المعاكس. لانهم يعجزون في الواقع ومواجهة الحق.
    عند اي مواجهة بين الحق والملحديين .تاتي الآية ..
    (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)