تحقيقات وتقارير

صدرت على لسانهم تصريحات قادة الأجهزة العسكرية والأمنية.. رسائل في بريد (من)؟

صدرت عدد من التصريحات الحاسمة في بحر الأسبوع المنصرم، على ألسنة قادة أجهزة القوات النظامية، جاءت تلك التصريحات في شكل رسائل موجهة إلى عناوين معلومة حيث شن المشير عمر البشير هجوماً على بعض الجهات وسار في طريقه وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف، ورئيس هيئة الأركان الفريق أول ركن كمال عبد المعروف ومدير جهاز الأمن المخابرات الوطني الفريق أول صلاح قوش سارت في ذات الطريق فماذا قال هولاء؟

صندوق الانتخابات

رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، قال أمام حشد جماهيري بمدنية كسلا، إن من يريد السلطة يجب أن يحصل عليها بصناديق الانتخابات وليس عبر الفيسبوك والواتساب، وهي رسالة واضحة في بريد من يحرضون على إسقاط النظام عبر الأسافير بمختلف أنواعها، وهذه التصريحات لم تكن الأولى التي تصدر من البشير، بل قال في أوقات سابقة (لو دقت المزيكا كل فار بخش حجرو) وكان يقصد بعض الذين ينادون بتدخل الجيش لمساندة المتظاهرين واستلام السلطة.

الطيبون والخبيثون

الشاهد في الأمر، أن وزير الدفاع، الفريق ركن عوض بن عوف عرف بالصمت والنأي بنفسه عن وسائل الإعلام، بيد أن ابن عوف تحدث بصرامة أمام لقاء حاشد مع الضباط من رتبتي العميد والعقيد، حيث قال إن الأزمة الحالية ميزت الخبيث من الطيب، وأن بعض الجهات سعت للنيل من سمعة القوات المسلحة، وشدد ابن عوف على أن القوات المسلحة ستظل صمام أمان السودان ولن تنساق وراء أي جهات.

شذاذ الآفاق

أكثر التصريحات الصادرة من قادة القوات المسلحة التي وجدت صدى واسعاً تلك التي جاءت على لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الذي قال: لن نسلم البلاد لشذاذ الآفاق ووكلاء المنظمات المشبوهة بالخارج، وشدد على أن الجيش لن يسمح بانزلاق البلاد نحو المجهول، وقال في لقاء أمام الضباط برتبتي العقيد والعميد، إن الوجوه التي تقود التظاهرات الحالية هي ذات الوجوه التي ظلت تعادي السودان طوال السنوات الماضية تشوه صورته بالخارج وتؤلب عليه المنظمات الأجنبية، وتوفر الدعم للحركات المسلحة التي ظلت تقاتل الجيش في السنوات الماضية، بالعودة لحديث عبد المعروف، فإن عدداً من المراقبين يرون أن الرسالة وصلت في البريد المعني، وهو بريد معارضي الخارج وقادة الحركات المسلحة ولم يكن يقصد بهم قادة تظاهرات الداخل.

خمسة جيوش

الفريق صلاح قوش، مدير الأمن والمخابرات الوطني، كان نصيبه من حصاد الألسنة في الأسبوع الماضي تأكيده على أن أمن البلاد خط أحمر وأن خمسة جيوش تنتظر لحظة الصفر من أجل الانقضاض على الخرطوم وإشاعة الفوضى بها.

وقال قوش في خطاب أمام خريجي الأمن برتبة ملازم بالكلية الحربية، قال انهم يرصدون العلاقات المشبوهة للبعض الذين لديهم مصالح شخصية مع الخارج، وأضاف نرصد محاولة بنائهم أرضية للخنوع للخارج والتبعية له وأضاف: دخول القوى الشريرة إلى الاحتجاجات ومحاولة توظيفها فتح الباب للتخريب والفوضى، وأدى لنتائج مؤلمة.

في بريد الخارج

يلاحظ في التصريحات الصادرة من قادة القوات النظامية أن رسائلهم كانت مصوبة نحو الخارج والمقصود بعض الشخصيات والتنظميات التي تعمل بالخارج وتتلقى دعمها منه وهذا ما أشار إليه بصريح العبارة كل من قوش وكمال عبد المعروف، حيث قال الأول إن الخارج يدعم لسلب الإرادة الوطنية، ووصفهم الأخير بوكلاء المنظمات المشبوهة بالخارج. .

العملاء والمشاغبون

في إطار السعي لسبر أغوار تصريحات قادة القوات المسلحة ورسم معالم حروفه بصورة واضحة، استنطقت الصيحة الخبير العسكري اللواء يونس محمود، حيث قال إن التصريحات الصادرة من قادة القوات المسلحة تعبر عن الفهم الاستراتيجي للقضية الوطنية بكل أبعادها، وأضاف لـ(الصيحة) هي تصريحات أوضحت مدى التزام قادة القوات المسلحة بالمهنية وبنصوص الدستور والالتزام الصارم بضمير الجماعة.

ومضى يونس محمود إلى القول: هذه التصريحات بمثابة رسالة لكل المشاغبين والعملاء، وزاد: لا يمكن أن تلتقي أجندة القوات المسلحة مع أجندة عبد الواحد محمد نور وأشار إلى أن قادة الحراك الحالي ارتكبوا خطأ كبيراً بعد تحويل الأزمة الاقتصادية لأمر سياسي وساعي لإسقاط النظام، وقال إن هذه المطالب جردت الحراك من حسه الوطني بعد دخول الشيوعيين وعبد الواحد محمد نور ضمن صفوفه.

وختم بالقول ضعف الوعي اليساري ساهم في ابتعاد كثير من المواطنين عن دعم الحراك الجماهيري وأدى لإفشاله.

رسائل وتقارير

في أعقاب تلك التصريحات الصادرة من قادة الأجهزة النظامية في الأيام الماضية، بدأ البعض يقول إن هذه التصريحات قصد منها تخويف المحتجين بفزاعة الدعم الخارجي، ويذهب خبير أمني ــ فضل حجب اسمه ــ في هذا الاتجاه وقال إن التصريحات الصادرة من قادة القوات المسلحة مبنية على تقارير رسمية وليس من أجل تخويف المتصدرين، وأشار المصدر في حديثه لـ(الصيحة) هي تصريحات عبارة عن رسائل في بريد معلوم، وليس من أجل تخويف المواطنين.

في السياق، يقول المحلل السياسي، رئيس تحرير صحيفة مصادر عبد الماجد عبد الحميد إن التصريحات القائلة بأن جهات مدعومة من الخارج تسعى للنيل من السودان هي نابعة من معلومات حقيقية وفقاً لتقارير رسمية، وقال إن الأجهزة العسكرية والأمنية السودانية من أكفأ الأجهزة في المنطقة الأفريقية، وأضاف: هنالك اتفاق عليها من قبل الأفارقة خاصة أن الجيش السوداني عرف تاريخياً أنه من أقوى الجيوش الأفريقية التي ظلت تقاتل على مدى ستين عاماً، وأضاف لـ(الصيحة): المنطقة حول السودان بها تدفق معلوماتي تتعامل معه الأجهزة الأمنية بدقة خاصة في ظل المعلومات المؤكدة التي تشير لجعل المنطقة الأفريقية في حالة فوضى خلاقة، بالتالي فإن الأحاديث الصادرة من قادة العمل الأمني والعسكري أحاديث صحيحة، وليس فزاعة، بل حتى إن أجهزة المخابرات المجاورة تعلم أن المخابرات السودانية لا تتحدث من فراغ وإنما بمعلومات دقيقة وموثقة وأن عدم مصداقية هذه المعلومات يضر بسمعة أجهزة السودان الأمنية.

ارتباط قديم

ارتباط دعاة تغيير الأنظمة السودانية بالعالم الخارجي ليس وليد اللحظة، معلوم أن عدداً من الأنظمة تتعرض لمحاولة الانقلاب عليها من قبل أجهزة كان لها سند خارجي مثل الجبهة الوطنية في 1976م التي وصمت بالارتزق في عهد الرئيس الراحل جعفر النميري، وكذلك عملية الذراع الطويل التي نفذتها العدل والمساواة في صيف 2008م واتهمت الحكومة جهات خارجية بدعمها، بالتالي يظل التاريخي السياسي حافلاً بارتباط بعض الجهات بالداعمين الأجانب، وهذا ما أشار إليه أستاذ العلاقات الدولية الرشيد محمد إبراهيم، إذ قال إن محاولة تغيير الأنظمة الداخلية بسند خارجي ظلت حاضرة في المشهد السوداني منذ 1976م، مستشهداً بتجربة الجبهة الوطنية التي كان قوامها الأمة والاتحاديون والجبهة الإسلامية، وقال إبراهيم لـ(الصيحة) إن كل المحاولات المدعومة من الخارج فشلت لأن إرادة المواطن السوداني لا تقبل الدعم الأجنبي، وأضاف بالقول: تصريحات قادة الأجهزة النظامية هذه الأيام بوجود جهات خارجية تريد النيل من السودان تصدر وفق معلومات موثقة منهم، مبيناً أن أحاديث ياسر عرمان التي قال من خلالها إنه في حالة فشل الحراك الحالي سيتم الاتجاه للخطط البديلة وهي الصدام المسلح جعلت قادة العمل الأمني بالسودان يؤكدون أن جهات خارجية تسعى لضرب أمن السودان.

وختم بالقول: البيانات التأييدية الصادرة من الحركات المسلحة التي تدعم الحراك الاحتجاجي الجاري تعتبر مؤشراً على وجود أيادٍ خارجية تسعى للنيل من السودان.

صحيفة الصيحة.