أُغلقت منذ أكثر من شهر الجامعات .. الاحتجاجات تعوق (الاستئناف)
يبدو أن حادثة استشهاد الطالب أحمد القرشي طه، في ثورة أكتوبر السودانية في عام 1964 م، بعد إصابته بطلق ناري حينها، لا زالت ماثلة في مخيلة السلطات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الأمر الذي أثار حفيظتها وجعلها تشدد على عدم فتح الجامعات التي تم تعليق الدراسة بها منذ أكثر من شهر، خوفاً من إزهاق أرواح الطلاب، بجانب حرصها على عدم سفك الدماء . خاصة بعد سقوط طالبين في الاحتجاجات الأخيرة بالبلاد أحدهما من كلية شرق النيل والآخر من كلية الرازي.
مآلات مجهولة
أساتذة الجامعات الذين تحدثوا لـ(الصحة) اختلفوا حول مآلات استئناف الدراسة بالجامعات، فمنهم من يرى أن الحراك في الشارع يشهد هدوءاً نسبياً ويتوقع فتح الجامعات خلال أسبوعين من التاريخ الحالي، وآخر يرى أن قتل الطالبين قد يثير غضب الطلاب ويزيد من عنف الحراك الدائر جالياً، الأمر الذي يستدعي عدم استئناف الدراسة في الوقت الراهن، وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد أصدرت قراراً قضى باستئناف الدراسة تدريجياً بالجامعات وتركت أمر ذلك لإدارات الجامعات الحكومية ولحقه قرار آخر قضى بفتح الجامعات الخاصة والأهلية تدريجياً، وبالفعل تم استئناف الدراسة بعدد من الجامعات الخاصة، إلا أن أكثر من جامعة شهدت اعتصامات من قبل الطلاب، الأمر الذي أدى إلى تعليق الدراسة بها.
حوار الشباب
الأستاذ الجامعي بكلية شرق النيل، عبد اللطيف محمد سعيد تخوف من تجميد العام الدراسي، مؤكداً بأنه لا يستبعد ذلك كما توقع تصعيد الحراك في الشارع إذا تم فتج الجامعات في الوقت الراهن خاصة بعد قتل طالبين جامعيين، وعليه لا يمكن أن يقف الطلاب مكتوفي الأيدي تجاه ما حدث لزملائهم، ولذلك اعتبر أنه لن يكون هناك اتجاه لفتح الجامعات قريباً.
إلا أن سعيد استنكر خطوة إغلاق الجامعات في وقت تطالب فيه الحكومة بفتح حوار مع الشباب، وأكد أن الوقفة الاحتجاجية التي نظمها استاذة جامعة الخرطوم مؤخرا يمكن أن تعمل على تصعيد الوضع، كما أنها تعد مؤشراً للتخوف من حدوث مآلات لا يحمد عقباها في حال فتح أبواب الجامعات.
رغبات الطلاب
وفي السياق، يقول الأستاذ الجامعي بجامعة أمدرمان الإسلامية بروفيسور عبد الحميد يوسف السيسي بأن الجامعات ستتأثر بوقف الدراسة إذا لم تستأنف خلال الأسبوع المقبل، وتوقع أن تفتح الجامعات أبوابها خلال مارس المقبل، مؤكداً أن الجامعات لها تقويم يختلف من جامعة إلى أخرى، وقال إن الجامعات لابد أن تُخلّص مقرراتها في وقت محدد، ونوه إلى أن التأخير سيكون له تأثير كبير إذا تأخرت الجامعات إلى أربعة أشهر، مشيراً إلى أن الطلاب لهم رغبة أكيدة في استناف الدراسة بالجامعات، مشيراً إلى أن الجامعات الخاصة التي استأنفت االدراسة لم تزد على أربع جامعات فقط، إلا أن طلاب الدراسات العليا لم يتوقفوا عن الدراسة، وقلل السيسي من تأثر الطلاب الجدد الذين سيجلسون لامتحانات الشهادة السودانية في الشهر الحالي، مؤكداً أن الامتحانات لم تعقد بعد وأن فترة التقديم للجامعات ما زالت بعيدة، إلا أنه تخوف من تأخير الدراسة بكليات الطب لفترة تمتد إلى 8 شهور مؤكداً أن ذلك له أثر في تخريج أطباء امتياز يدعمون المؤسسات الصحية في ظل نقص الأطباء وهجرة العديد منهم إلى الخارج.
الوقت كافٍ
أما الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي المعروف، حسن الساعوري، فقد قال إن الوقت ما زال كافياً لتدريس مقررات الجامعات، خاصة أن الفترة الحالية تعتبر فترة للسمستر الأول لمعظم الجامعات، وأكد أنه إذا تم استئناف الدراسة في الوقت الحالي، فإنه لن تكون هناك خسارة كبيرة، إذ أن ما أهدر من أيام الدراسة لم يتجاوز الأسبوعين حسب الساعوري، ونوه إلى أنه قد يكون هناك هدر لأيام الدراسة، إذا علقت الدراسة حتى الفترة الثانية أو السمستر الثاني الذي يبدأ في الأول من فبراير، أما إذا استمر تعليق الدراسة حتى نهاية فبراير يكون الطلاب قد أهدروا شهراً كاملاً من أيام الدراسة حسب الساعوري، وفي حال استمرار تعليق الدراسة حتى أبريل يمكن أن يُهدر شهران من العام الدراسي، مؤكداً بأن الرؤية لم تتضح حتى الآن، وقال بأنه لا خوف على الطلاب الجدد إذ أنه لا يزال هناك متسع من الوقت حتى إعلان نتيجة الشهادة السودانية، وتوقع أن تستأنف الدراسة في مارس أو أبريل في حال هدوء الحراك الدائر حالياً، مؤكدا أن مديري الجامعات الذين أوكلت لهم وزارة التعليم العالي أمر فتح الجامعات عليهم مسؤولية تربوية تجاه الطلاب، مؤكداً أنهم يعتبرون موت طالب واحد خسارة على الجامعة في حال فتح الجامعات مع استمرار الاحتجاجات، وقطع بأنه حال فتح الجامعات فإن الطلاب سيشاركون في الاحتجاجات ولم يستبعد حدوث وفيات.
جذور المشكلة
فيما طالب الأستاذ الجامعي صلاح الدومة، الحكومة بالتفكير في حل المشكلة جذرياً، إذا كانت تحرص على استئناف الدراسة بالجامعات، مشيرا الى غياب تام للحكومة من تحقيق العدل والمساواة، معتبراً أنه في حال فتح الجامعات فى الوقت الراهن ستكون الاحتجاجات أعنف مما عليه الآن، مؤكداً أنه حسب الإحصاء السكاني الأخير، فإن نصف السكان شباب وأن غالبيتهم طلاب، داعيًا الحكومة لطرح حلول للطلاب ووالمبادرة بإطلاق سراح المعتقلين.
الخرطوم: إبتسام حسن
صحيفة الصيحة