رأي ومقالات

الطيب مصطفى: بين إسقاط النظام واللعب بالنار!

إذا كنت قد عبرت بالأمس عن دهشتي من سلوك الحزب الشيوعي وهو يسطو، بل ويحتكر الحراك الثوري غير المسبوق الذي انفجر في العاصمة وبعض الولايات، انفعالاً بالأزمة الاقتصادية التي أحدثت تأثيراً بالغاً في حياة المواطنين، فإن الأغرب والأعجب من ذلك النهج الإقصائي الاستبدادي، أن يقدم الحزب الشيوعي وحلفاؤه على رفع شعار (إسقاط النظام) حتى ولو كان البديل هو الشيطان الرجيم!

> استنكارنا لذلك النهج من السلوك ليس نابعاً من حرصنا على نظام ضيق العيش على الناس وتسبب في أزمات لا تحصى، إنما خوفاً من كارثة كبرى أشد وأنكى رأيناها في بلاد أخرى كانت آمنة مطمئنة، فإذا بها جراء نزق وأنانية قياداتها السياسية قصيرة النظر، تتفرق أيدي سبأ وتتمزق ويشرد شعبها في أرجاء الدنيا.

> كنا ولا نزال نعتقد أن المسؤولية الأخلاقية المُلقاة على عاتق الأحزاب السياسية، تُلزمها بالتعامل الراشد مع القضايا الوطنية بما يعلي ويقدم أمن الوطن وسلامه الاجتماعي على ما عداه من اعتبارات صغيرة وضيقة وتافهة، تُعلي الخاص على العام، والأدنى على الأعلى. لكن ماذا نفعل مع شح الأنفس الذي ابتليت به بلادنا والذي لوى أعناق الرجال وانحط بها الى أسفل سافلين؟.

> لذلك فإنه لمن الانحطاط الأخلاقي أن تعمي الأحقاد والغبائن والمرارات الصغيرة سلوك الأحزاب السياسية بما يجعلها ترفع شعار (عليَّ وعلى أعدائي). فقد كان مما أدهشني ألا يتعظ الحزب الشيوعي بعبر التاريخ ودروسه القاسيات، ويرفع ذلك الشعار الانتحاري (تسقط بس) ولا يهمه مآلاته الكارثية وما يمكن أن يحيق بالبلاد جراء سلوكه النزق وحقده الدفين الذي لا يزال يعطل عقله ويسجنه في خزعبلات عمياء ثاب منها وتاب من صنعوا نظريته الالحادية البائسة بعد أن حطمتهم وقذفت بهم في مستنقع التخلف والجهالة.

> لم يقتصر ذلك السلوك الطائش على الحزب الشيوعي الرجعي الذي ظل منذ نشأته في السودان والعالم (خميرة عكننة) وتآمر وتخريب متواصل، فقد نجح بعض شياطين الإنس منذ ما قبل الاستقلال، في زرعه في كياننا ومسيرتنا السياسية التي رزئت به كما لم ترزأ أي من دول العالم الثالث، إذ رمانا حظنا العاثر في أن يحتضن السودان أقوى الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث، وأعجب ألا تمتلئ أضابير الجامعات والمكتبات والمراكز البحثية بالدراسات التي تدرس التأثيرات السالبة لذلك الحزب الشيطاني على الحياة والممارسة السياسية في السودان منذ نشأته وحتى اليوم.

> صحيح أن هناك عدداً من القوى والأحزاب السياسية الأخرى التي لم تتجاوز أنظارها أرانب أنوفها انساقت لذات الشعار الانتحاري دون تبصر يقتضيه عمرها وممارستها السياسية، وقد أجد عذراً لشباب الثورة الذين مررنا بحالة مماثلة لتجربتهم الحالية ونحن في خواتيم المرحلة الثانوية حيث كنا، جراء حداثة تجربتنا وضعف خبرتنا السياسية، نلهب شوارع الخرطوم تظاهراً واحتجاجاً بشعارات ثورة أكتوبر 1964 التي أقصت حكم الفريق إبراهيم عبود رحمه الله بدون أن نفكر في البديل الذي تبين أنه كان أسوأ وأضل، ولكن رغم ذلك دعونا نسأل هل كان سودان ذلك الزمان مثل سودان اليوم الموبوء بهزال وهشاشة بنيته الاجتماعية والأمنية والسياسية التي يخشى أن تقذف به في هاوية سحيقة إذا فقد السلطة المركزية التي تجمع شتاته وتحفظ أمنه وتتصدى للمؤامرات التي تسعى الى تفكيكه وإغراقه في الفوضى؟!

> كان السودان عشية ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985 أكثر تماسكاً وأوفر أمنا ولم يكن يعاني من تمردات وحروب تمسك بخناقه وتهدد وجوده ما عدا حرب الجنوب التي اشتعلت قبل أن ينال السودان استقلاله، ولذلك فإن من ينادون بإسقاط النظام بدون الاتفاق على بديل آمن يجنبها الاحتراب والفوضى وانهيار الدولة، إنما يلعبون بالنار. فهل نسمح لهم بإحراق السودان، أم نصبر قليلاً ونمضي في إكمال هذا العام الذي تعقبه انتخابات ستنقل السودان في العام القادم الى بر الأمان عبر مسار ديمقراطي آمن؟!..

الطيب مصطفى
الانتباهة

‫2 تعليقات

  1. تسقط بس.
    . حتي يدرك معاناها الشباب محتاجين لي عشره سنه ضوئية لكي يعرفوا ماذا تعني كلمة يسقط بس نسبة لصغر سنهم وعدم ادراكهم الفكري وعدم خبرتهم في العمل السياسي .
    لماذا التركيز عليها .
    يسقط بس كلمة ذات مغذي شيطاني يريد به كهلة الحزب الشيطاني العبور به الي الحكم علي دماء صغار السن وحديثي السياسة.
    حتي الان لم يظهر احد علي الملأ يقول انا من يقود هذا التظاهر .ليه.
    السبب واضح لانهم لا يريدون تحمل مسؤولية موت هؤلاء الشباب. يريدون فقط الاختفاء وارسال رسائل قاتلة للحشود بأن تحتشدو في المكان الفلاني وفي الذمان المعين.
    حتي اذا اثمرت وهذا مستبعد جدا تمتعوا بثمارها .وتركوا الشباب يجر زيول الخيبة.
    ولله المتغطي بثوب المهنيين عريان.
    كم روح ازهقت حتي الان هل من احد يحاسب علي هذه الارواح من حشد ونادا وامر بالتظاهر هو وحدة يتحمل مسؤولة موت هؤلاء
    علي الشباب ادراك هذا الفخ لمن يريد العبور علي اجسادكم ليصل لمرادة.
    وربنا يهدي الجميع..

  2. انتم يا ساده تضعون احتمالين لا ثالث لهما اما ان تغرق البلاد في الفوضى أو يبقى النظام جاثم على صدورنا. لماذا لا يتنحى الرئيس وتنتقل السلطه بكل هدوء. إن كنتم فعلاً كما تدعون انكم تخافون على أهل هذه البلاد. لماذا لاتنصحونه بالتنحي وحقن دماء الأبرياء وهو ليس بالبعيد منكم قرابة ومكانا. إن كنتم قصرتم من قبل في نصحه أن يكف أيادي أهل بيته وزمرته عن المال العام. تداركو فإن الله غفور رحيم