تواجدوا فيها بكثافة الأطفال في الاحتجاجات .. استغلال أم فضول؟
المتابع لمجريات الأحداث بالسودان، والمتمثلة في الاحتجاجات والمظاهرات المناهضة للحكومة التي اندلعت في الآونة الأخيرة وما زالت مستمرة حتى اليوم، يلاحظ جيداً مشاركة غير مسبوقة للكثير من الأطفال دون سن الخامسة عشرة، وهم يهتفون ويرددون الكثير من الشعارات عن مطالب المواطنين، بدءا من المطالبة بالإصلاحات السياسية وإسقاط النظام وانتهاء “بـ(سلمية سلمية) وغيرها من الشعارات التي انفعل ورقص على وقعها الأطفال، حتى أصبحت كنشيد يرددونه طوال اليوم ، الامر الذي يثير الكثير من الاستفهامات حول أسباب المشاركة، ومدى إدراك عقول الأطفال لهذه الهتافات المتبادلة بين المؤيدين والمعارضين.
حراك بلا توقف
بالرغم من عدم توفر إحصائيات رسمية بحجم مشاركة الأطفال في التظاهرات، غير أن تقارير إعلامية كانت قد أشارت إلى مشاركة المئات منهم في الاحتجاجات بمدن السودان المختلفة، مما تسبب في تعرض البعض لحالات إغماء جراء قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين ، فهذا الحراك للأطفال أذهل الكثيرين بوعي هؤلاء النشء بقضايا الأمة، بينما رسم حواجب الدهشة لدى آخرين، كما تناولت ظهورهم بعض القنوات العالمية والصحف من خلال الأخبار اليومية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة “الواتساب” مما خلق نوعاً من التضامن والتأثير لدى الصغار حتى وصل إلى دون السابعة من العمر، حيث تناولت المواقع والفضائيات العالمية فيديو الطفل الذي يطالب بفتح باب البيت الذي أغلق عليه مبدياً رغبته في المشاركة في المظاهرات، كما أظهر مقطع فيديو آخر تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عدداً من الأطفال وهم يهتفون ضد النظام، وبحسب الفيديو تتراوح أعمارهم ما بين ” 8 ـ 13 ” سنة.
تعدد المواقع
المشاركة في الاحتجاجات أكدها الواقع في الشوارع والأحياء السكنية، ومن هذا المنطلق أفاد شاهد عيان ـ فضل حجب اسمه “الصيحة”، أن الاحتجاجات التي نظمها المواطنون بمناطق “ود نوباي ـ وأبوروف” حظيت بمشاركة العديد من الأطفال لا سيما التي تخرج من المساجد عقب صلاة الجمعة، وحذر من مخاطر خروج الأطفال إلى الشارع والدخول في قلب الاحتجاجات، وبذات الكيفية فقد تمت مشاهدتهم في مظاهرات بمناطق ” بري والكلاكلات” وغيرها من المناطق، وبحسب مراقبين أن مشاركة الأطفال ربما تشكل ظاهرة سودانية فريدة في العالم رغم “البمبان” والتدافع والجري، ربما آثر لأطفال المشاركة للتعبير عن رفضهم للصعوبات التي تواجهها الأسر السودانية من أزمات اقتصادية وسياسية ، وطرح مطالب الأمة خاصة بعد العولمة التقنية التي جعلت العالم على جهاز في كف اليد حيث ينافس فيه الصغار كبارهم تقنياً، ومعرفة هذه الظاهرة وفقاً للمراقبين ربما يقدمها السودان للعالم كما قدم أكتوبر 64 وأبريل 85م، لكنهم طالبوا بضرورة وعي الأطفال بمخاطر المظاهرات تفادياً لحدوث أضرار.
مضامين عديدة
وتحمل مشاركة الأطفال في المظاهرات مضامين عدة أكثرها سالبة، وقد وجدت هذه القضية حظها ضمن اهتمامات المسؤولين، وحمل حديث سابق لوزير الدولة بالإعلام والاتصالات وتقانة المعلومات مامون حسن إبراهيم تأكيدات بوجود استهداف نوعي للطفل والزج به في الاحتجاجات من قبل المخربين، وبلا شك فإن مشاركتهم تحمل مضامين سلبية عدة، وذلك من منطلق أن العرف يمنع مشاركة الأعمار أقل من سن الثامنة عشرة في المظاهرات، بالتالي فإن الطفل غير معني بهذه التظاهرات التي تعبر عن مطالب الكبار، والتي تقودهم للمضي إلى مسافات بعيدة جداً مما يعرضهم للعطش والإرهاق والبمبان، بالتالي يسقطون ومنهم من يلقى حتفه كما حدث الأيام الماضية، بحسب ما ذكرت ثريا إبراهيم إستشاري علم الاجتماع “للصيحة”، والتي استبعدت أن يكون حضورهم في ساحات الاحتجاج أمرا مدبراً أو استغلالاً، وإنما يشاركون من تلقاء أنفسهم تدفعهم الدهشة بالأجواء المختلفة التي لم يعهدوها والتي يرونها نوعاً من تغيير المزاج.
عدم استغلال
غير أن ثريا عادت لتشدد على ضرورة عدم استغلال الأطفال سواء من المدارس أو الأسر أو غيرهم للخروج، وأكدت أنه ليس من حق المتظاهرين أن يدعوا الأطفال للخروج، وتابعت: من الممكن إشراكهم في قضايا تخص مطالبهم وأنشطتهم فقط بالإضافة إلى البرامج التي تتناسب مع أعمارهم كالاحتفالات والمهرجانات وحتى إن كان مسموح لهم الوصول إلى البرلمان للتعبير عن آرائهم، ودعت الأسر لحماية الأطفال وعدم إلزامهم بالخروج والاحتجاج ومن الضروري التحدث عن المظاهرات بشكل إيجابي.
ولا يرى القانوني بخاري الجعلي اختلافاً بين مشاركتهم في “زفة المولد النبوي” وبين المظاهرات، مشيراً إلى فرح وسعادة الأطفال بهذه التحركات، وقال لـ”الصيحة ” المشكلة ليست في المشاركة وإنما في عدم وجود قوانين تمنع الأطفال الخروج للشارع).
تحركات رسمية
وعبر المجلس القومي للطفولة عن قلقه لسعي البعض لاستغلال الاطفال واستخدامهم في الاحتجاجات الأخيرة في مختلف الأعمال وجرهم للعنف ومحاولة إظهارهم بمظهر الضحايا، مشيراً إلى أن هذا كله سلوك غير سوي يتنافى مع طبيعة الأطفال وتكوينهم النفسي والعقلي والبدني، وينتهك حقوقهم الأساسية التي تعمل لتحقيقها كل مؤسسات الدولة والمجتمع، وأكد المجلس في بيان له أنه بحكم مسؤولياته في حماية الأطفال فإنه يتابع مع وزارة العمل ووزارة الداخلية ولجان التحقيق القومية في الولايات مستجدات أوضاع الأطفال في الاحتجاجات مؤكدًا مساعيه لحمايتهم وتعزيز حقوقهم من أجل حياة كريمة لهم .
صحيفة الصيحة.
لا استغلال ولا فضول
رجاااااالة
تسقط بس