وصية غامضة وخلافات عائلية .. القصة الكاملة لأزمة مكتبة “المستشرق”
أصبحت مكتبة “المستشرق” للفنان حسن كامي، حديث الوسط العام الثقافي، بل حديث البرامج الفضائية المسائية التي وجدت في المكتبة مادة ثرية للتناول، خاصة بعد التطورات الخطيرة التي باتت تهدد المقتنيات التي كان يمتلكها الفنان الراحل، وتمثل قيمة تاريخية ووطنية كبيرة.
فما إن توفى كامي، حتى تعالت أصوات المثقفين تطالب الدولة بالتدخل لإنقاذ المكتبة التي تحوي وثائق نادرة، وكتبًا لا مثيل لها، ومخطوطات تاريخية، وغيرها من أمهات الكتب.
وطالب البعض أسرة كامي بالتبرع بها لدار الكتب والوثائق أو مكتبة الإسكندرية، لحمايتها وضمان إتاحتها أمام الجمهور وخلودها على مر التاريخ، إلا أن الخلافات بدأت مبكرًا قبل أن تمر ساعات على وفاة الفنان الكبير.
فجر عمرو رمضان، محامي أسرة الفنان الراحل حسن كامي، مفاجأة عندما قال إن المكتبة محل الخلاف، لها سجل تجاري وبطاقة ضريبية لبيع الكتب، وليست متحفًا أو بها مخطوطات أثرية كما يروّج البعض، حسبما قال.
وأضاف “رمضان” في اتصال هاتفي لبرنامج “كل يوم”، الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشى، عبر فضائية “on e”: إن الراحل لا يملك أكثر من 1% من أسهم المكتبة، واشتريت الباقي منه منذ قرابة 10 أشهر، والمكتبة تتبع شركة المستشرق.. وأنا ومعايا ناس تانية شركاء فيها.. الله يرحمه كان يدير المكتبة أدبيًا وكل ما يملكه منها 1%”.
وأضاف: “أنا أملك مستندات، وأتحدث بها، ولا يعنيني أي اتهام في شيء”، مؤكدًا أن الراحل حسن كامي باع له كل ممتلكاته، مشيرًا إلى أنه لن يسلمها للدولة، لأنها ملك له الآن.
جاء ذلك عقب اتهام شقيقة الفنان الراحل- محاميه باستغلال شيخوخته وأخذ توقيعه على بيع جميع ممتلكاته.
واتهمت منى أحمد، محامية، وشقيقة كامي، في مداخلة تليفزيونية، المحامي عمرو رمضان بالاستيلاء على المخطوطات النادرة المملوكة لكامي من مكتبته، وبيعها.
وأشارت إلى أن الفنان الراحل كان في نيته أن يتبرع بفيلته لوزارة الثقافة لما بها من مقتنيات وتحف ثمينة ومخطوطات أثرية، وأن المحامي يحاول تهريب هذه المقتنيات في الوقت الحالي، متسائلةً: “من أين لمحامٍ أن يمتلك كل تلك الأموال التي تجعله يشتري ثروة الفنان الراحل؟!”.
من ناحيته، وصف الدكتور هشام عزمي، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، أن مقتنيات مكتبة المستشرق بالتاريخية، وقال في مداخلة هاتفية لبرنامج “رأي عام” على قناة “TeN”، مع عمرو عبدالحميد: “إن مقتنيات المكتبة كثيرة ومهمة، وسوف نراجعها لتحديد الوثائق النادرة والمقتنيات الأثرية التي ستحصل عليها الدولة”.
وأضاف عزمي: “ستظل المقتنيات نظًرا لأهميتها للدولة المصرية في أيدٍ أمينة عليها، والدولة موجودة ومتابعة مكتبة المستشرق، وطالما المقتنيات تمس تاريخ البلد، فلن تخرج منه، ونعمل على التواصل مع أسرة الراحل، وهناك ضوابط كثيرة تحكم حفظ المقتنيات”.
فيما قالت المستشارة هايدي فاروق، صديقة أسرة الفنان الراحل حسن كامي، إن أسرة الفنان لم تتمكن من دخول المكتبة حتى الآن، لأن شخص ادعى أنه اشترى المكتبة، ورفض مغادرتها.
وأكدت هايدي أن المكتبة تحتوي نوادر الكتب والخرائط التي من شأنها حل قضايا ونزاعات دولية الآن، ومنها نسخ من كتاب وصف مصر، والذي يعود تاريخه إلى عام 1812، بالإضافة إلى كتب الاستشراق الأولى، والأطالس النادرة الخاصة بمكتبة هاشيت الفرنسية، والتي حرقت ودمرت في الحرب العالمية الثانية.
مصادر مطلعة أكدت أن الدولة ممثلة في وزارة الثقافة لا تملك أن تتدخل بشكل جبري لتأميم المكتبة لأنها تدخل في حيز الأملاك الخاصة، ولا يجوز لأحد أن ينزع عن الورثة ملكيتهم لها أو لغيرها ما تركه الفنان القدير، إلا ما يخص الآثار أو الوثائق النادرة.
وأشارت المصادر إلى أن هناك خلافات عائلية شديدة ولن تسير الأمور بالشكل الذي يتمناه الكثير من المتابعين.
فيما أشارت مصادر مقربة من عائلة الفنان الراحل إلى أنه أكد قبل وفاته أنه كان يفكر في أن يترك وصية بأن تظل المكتبة مفتوحة أمام الجمهور، ويظل العمال والموظفون فيها على أن تنفق عليهم المكتبة من ريعها، بدلًا من التبرع بها أو إغلاقها، إلا أن أحدًا لا يعلم هل ترك هذه الوصية حقًا أم لا.
مصراوي