بدءاً من المُعلِّم ثُمّ سيد الكارو: الظُروف الاقتصادية.. تنازل الفتيات عن أمنياتهن لفارس الأحلام..
يظل المُعلِّم صاحب رسالة عظيمة في المُجتمع للدور الكبير الذي يقوم به تجاه أفراده، وهو من يفني سنوات عُمره من أجل التربية والتعليم للأجيال الناشئة ليتسيّدوا مُستقبلاً مناصب مرموقة في الدولة ليتخرّج منها الطبيب والمهندس والمُحاسب والإعلامي …إلخ، لذا كَانَ في ذلك الوَقت للمُعلِّم القَدَح المُعلّى والقيمة التي لا يُعلى عليها ليكون مَحط أنظار العديد من الفتيات المُقبلات على الزواج أن يظفرن بـ(عَريس مُعلِّم) ليتباهين ويتفاخرن به بين رفيقاتهن.
(1)
لذلك كَانَت هناك العديد من الأغنيات التي تُمجِّد المُعلِّم وتتغزّل فيه بكلمات ذات مَغزَى لها العديد من الدلالات والمعاني، من بين تلك الأغنيات مقطع يقول (يا الماشي لي باريس جيب لي معاك عريس.. شرطاً يكون لبِّيس من هيئة التدريس)، ما يُؤكِّد أنّ الفتيات لم تكن أنظارهن مُتّجهة للمُغترب، إنّما يطلبن منه أن يأتي لهن بعريس يعمل في مجال التدريس.
مرّت السنوات بظُرُوفها الاقتصادية المُتغيِّرة التي جَعلت عدداً كبيراً من الشباب يعزف عن الزواج ويأفل نجم المُعلِّم ليكون الاغتراب هو الاختيار الأمثل لتحسين ظُرُوفهم الاقتصادية وتحقيق أمنياتهم بالزواج من فتاة أحلامهم، تلك الظروف الاقتصادية المتدهورة كان تأثيرها السالب واضحاً لدى قبيلة المُعلِّمين بعد أن أصبحت مرتباتهم لا تفي مُتطلباتهم الشخصية ما جعل الكثير من الفتيات يعدلن عن رأيهن، بعد أن لفت العريس المغترب الأنظار وتحسّنت أوضاعه المادية وأصبح مُهدِّداً للكثير من العلاقات العاطفية التي يكون فيها الشاب صاحب القُدرات المالية المَحدودة هو الضحية، بالفعل تنازل عدد من الفتيات عن علاقتهن بالمحبوب من أجل المُغترب الذي أسال لعابهن بما حصده من أموال الاغتراب ليظفر بعروس تُشاركه عش الزوجية.
(2)
في الوقت الذي كان فيه رفض الزوج بحجة المكان الذي يقطن فيه الزوج، أي أنّ الفتاة التي كانت تسكن في القُرى النائية تبحث عن عريس يسكِّنها (البندر)، باعتبار أنّ العاصمة هي المكان الأفضل لتحقيق الأمنيات من وسائل ترفيه وكل ما هو مُتاحٌ من مأكلٍ ومَشربٍ فكانت أغنية (يا أبوي يا السني.. السني طمِّني بجافي ليك أهلي وبسكن معاك مدني).
مع مُرُور السنوات وسُوء الظُروف الاقتصادية، بدأت أحلام الفتيات في العَد التنازلي نسبةً لعُزُوف الشّباب عن الزواج بسبب العَطَالة المُتزايدة، وأصبح لا عزاء للخريج الجامعي الذي لن يَظفر بوظيفةٍ بسُهُولةٍ ما جعل محبوبته تبحث عن خيارات أخرى، ولم يعد المُغترب كما في السَّابق وعقارب الزمن تَمر سريعاً ما جعل الغالبية منهن يَتَواضعن أمام مطالبهن المادية من أجل الزَّواج لتظهر أغنيات جديدة تُردِّد مقاطعها بقولهن (سيد الكارو تعال، تعال بالصارو، تعال بالعندك.. تعال أبوي بيسندك) بدلاً من المُعلِّم والمُغترب وذلك للحاق بقطر الزواج.
(3)
لم تقف أمنيات الفتيات عند هذا الحَـد، بل فاقت أكثر من ذلك لدى البعض منهن ليكون الخيار الأخير هو (راجل المَرَا) بعد أن كانت بعض الأُسر ترفضه لإصرارها بارتباط ابنتها برجل لم يسبق له الزواج من قبل، لكن بعد أن شعرت بضرورة تعجيل الزواج كانت أن رضخت للقبول به لتطلق أغنيات تؤكد ذلك من بينها (بالضرا إن شاء الله راجل مَرَا).
في الوقت الذي بدأ فيه عدد من الفتيات اللائي تجاوزن سن الزواج بمناجاة الفُقرا والشيوخ من أولياء الله الصالحين بكلمات مليئة بالرجاء بقولهن (أبوي يا الطيب أكتب لي حِجيِّب الزول وطنو الأبيض).. وأخرى تقول: (يا يابا سنهوري أنا عايزاك ضروري تَحقِّق لي مَقصودي).
تقرير: محاسن أحمد عبد الله
صحيفة السوداني