الجيش في خدمة الشعب
تفاجات وانا في موقف الاستاد بعدد من البصات الكبيرة والتي لاتشبه المركبات التي تعودنا عليها في المواقف وهي تتوقف في ذلك المكان وعلى متنها عدد كبير جدا من المواطنين ، ودهشت عندما وجدت السائق يرتدي زيا عسكريا كاملا ، وهو مادفعني للتحقق من اللوحات امام كل البص ووجدتها لوحة القوات المسلحة السودانية الحمراء المعروفة ، لم ادع هذا الامر غير المالوف بالنسبة لي وذهبت فورا باتجاه السائق الذي بدا منتشيا وسعيدا فسالته بعد ان سلمت عليه عن امر ها فقال لي انهم اكثر من عشرين بصا يتوزعون على المواقف يوم الخميس وينقلون المواطنين مجانا الى مناطقهم بحسب الخطوط وكان البص الذي على متنه متجها الى الحاج يوسف الوحدة
الراحة والرضى البائن على وجوه الركاب في ذلك اليوم العصيب من نهاية الاسبوع وحده كفيل بان يوضح مدى سلامة الخطوة وترحيب المواطنين بها لان البعض منهم كان وفي مثل هذه الظروف يتخطى الكباري على ارجله ، ووصول هذه البصات محمدة للقوات المسلحة تضاف الى ماثرها في الميادين الاخرى ، وان كان ماتم لايحل مشكلة المواصلات في العاصمة حلا جذريا الا انها بمثابة رسالة واضحة مفادها اننا نعلم مابكم ونشعر بما تشعرون به ولن ندعكم وحدكم تعانون وسنكون عند عهدنا اذا ضاق بكم الحال ، ومن المؤكد ان هذه الرسالة قد استلمت من قبل الكثيرين وبعثت في نفوسهم نوعا من الاطمئنان رغما عن الوضع الكالح الذي تعيشه البلاد هذه الايام
تقدير الموقف من القوات المسلحة وادخالها للبصات العسكرية يعني بوضوح فشل الحلول التي نفذتها ولاية الخرطوم بمؤسساتها المعنية ، ودليل على ان الحال لم يعد يحتمل الانتظار ،وفي الوقت ذاته مؤشر على الاهتمام الكبير الذي توليه المؤسسة لقضايا المواطنين رغم المهام الضخمة الملقاة على عاتقها ، والتحديات الكبيرة التي وضعها فيها السياسيون باخطائهم الكثيرة والمتكررة داخليا وخارجيا ، فكانت دائما ماتدفع الثمن جهدا وعرقا وقد يصل الحال بها الى الدماء ، ولو كان اهل السياسة في بلادنا من اصحاب الحكمة لتوقف الاستنزاف في مختلف الاصعدة ووجه الجيش جهده لتعزيز قدراته على الردع التي تطورت بفعل التجارب والتصدي للمحن
اننا قد نختلف جميعا حول موقفنا من سياسات الاحزاب السياسية وانشطتها ولكننا من المؤكد تفق على القوات المسلحة بان تظل هي صمام امان البلاد ورمز الحياد والوطنية فيه ،وهذا الامر يقر به حتى المعارضين وان اظهروا عدمه مؤقتا لموقف سياسي من الحكومة ولكن في نهاية المطاف وخاصة الحركات المسلحة تاتي وتكون جزء من المؤسسة العسكرية التي يدمج فيها منسوبوها وفقا لاتفاقيات الترتيبات الامنية ، وختاما اقول اننا مازلنا نعول على جيشنا خيرا ونمطع في الكثير منه سيما في المساعدة على التحول الديمقراطي وحماية حقوق الانسان والحريات ولان لايسمح للسياسيين بالتخريب اكثر مما تم تخريبه.
بقلم
لؤي عبدالرحمن
نشر اليوم في جريدة الجريدة