(طق حنك سااااي)!
في مرات كثيرة يستعصى علينا إيجاد أوصاف مناسبة بمقاس بعض المسؤولين الذين يطلقون تصريحات ويقدمون مقترحات غريبة وعجيبة، مقترحات عقيمة الفكرة ومعتلة المنطق!
في زماننا هذا، لم يعد مهماً أين يضع أبو حنيفة رجليه، يمدهما على مهل واسترخاء أم يضمهما على حذر وترقب!
بعض الذين من ذوي المقام العالي والأسماء الرنانة تخرج منهم آراء ومقترحات شديدة البؤس والوهن لا تليق بالمواقع التي اعتلوها!
مع احترامنا وتقديرنا للأستاذ/ محمد الشيخ مدني رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم، تعجبت من طرحه لمقترح غريب لمعالجة أزمة دور المسنين.
محمد الشيخ مدني اقترح توزيع المسنين على المساجد والخلوي وإغلاق دورهم بالضبة والمفتاح!
الأغرب من المقترح الحيثيات التي بنى عليها، لم يتحدث أبو القوانين عن أن المساجد والخلاوي بها رعاية طبية وخدمية تناسب احتياجات المسنين.
حيثيات الاقتراح أن المساجد والخلاوي تسود فيها الروح الإيمانية فضلاً عن الإلفة والتسامح!
كان على أبو القوانين أن يشرح لنا:
كيف لمؤسسات مجتمعية ذات أدوار محددة ظلت تقوم بها منذ مئات السنين وفي أغلبها تعاني من تراجع الاهتمام بها، كيف لها أن تقوم بمهام خارج دورها واختصاصها وأن تطالب بما لا تستطيع عليه قدرة ولا صبراً!
مسنون وهن عظمهم واشتعل شيبهم وضعفت عضلاتهم وتكالبت عليهم الأمراض حتى خذلتهم أجسادهم عن تأدية أبسط الأدوار!
خذلتهم أجسادهم قبل أن تخذلهم أسرهم الصغيرة والممتدة وجار بهم الزمان لم يجدوا العناية والرعاية في مؤسسات الدولة فهل سيجدونها في المساجد والخلاوي بكل ما فيها من كبد حياة و شظف عيش؟!
كيف يتصور رئيس البرلمان حياة شيخ في التسعينيات من العمر وسط أطفال الخلاوي؟!!
الشيخوخة تحتاج لأجواء خاصة من الهدوء والراحة الجسدية والمعنوية، فكيف يتصور شخص في مقام وعلم وعمر وتجربة الاستاذ الفاضل/ محمد الشيخ مدني أن الأجواء المناسبة للأطفال والمراهقين في الخلاوي أو الملاهي هي ذات الأجواء التي تناسب المسنين والمعمرين من ذوي الاحتياجات الخاصة؟!
في إدارة الشأن العام عادة ما تكون الأزمات لا في المشاريع ولكن في التصورات التي أنتجتها.
للأسف هذه التصورات لا تشكلها الدراسات والأبحاث ولا التأملات الذكية ولكنها نتاج ردود أفعال أووليدة لحظات تداعي تمليها الخواطر وذكريات الطفولة وحكاوي الحبوبات.
العجز في إدارة دور المسنين والأوضاع المتردية التي تعانيها تلك الدور إلى درجة أصبحت فيها بديلاً لمكبات نفايات الطعام كل ذلك لا يعطي مبرراً لإطلاق تلك المقترحات الشائهة!
ولاية مثل الخرطوم بكل مواردها الواسعة ما الذي يعجزها عن توفير أوضاع إنسانية مناسبة لدور العجزة والمسنين؟!
كنا ننتظر من نواب المواطنين في مجلس تشريعي الخرطوم أن يقوموا بتوجيه مسألة مستعجلة للوقوف على حقيقة الخبر الذي نشر عن استقبال دور المسنين للأطعمة المجمعة من كشات الباعة الجائلين!
لا أن يقدموا مثل تلك المقترحات الكسولة السهلة التي تقال في مجالس الونسة بملجات الخضار وعلى طاولة الضمنة!
مقترحات تأتي من طرف اللسان دون دراسات جدوى أو قليل تفكير (طق حنك سااااي)!!
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني