(4)شركات لصادر الذهب.. لماذا الاحتكار ؟
تساؤلات عدة برزت للسطح عن مبررات سماح بنك السودان المركزي لأربع شركات فقط لصادر الذهب، وتطورت تلك الاستفهامات إلى ماهية تلك الشركات، وهل خاصة أم حكومية وما مدى مقدرتها على العمل فى مجال صادر الذهب؟ ولماذا يحتكر البنك المركزي صادر الذهب لها دون غيرها ؟ ومدى مساهمة الخطوة الجديدة فى الحد من التهريب وضمان وصول حصيلة الصادر إلى خزينة البنك المركزي؟
بنك السودان المركزي على نحو مفاجئ، فتح باب صادر الذهب لأربع شركات خارج معاملاته، على أن تعود الحصائل إليه، وقالت مصادر موثوقة إن الشركات الأربع بدأت فعلياً تصدير إنتاجها من الذهب، وأكدت أن أولى الكميات التي تم تصديرها بلغت (400) غرام من الذهب في وقت كان بنك السودان يحصر بيع وتصدير الذهب على إدارته، على أن يشتري من المعدنين التقليديين وشركات الامتياز .
مصادر عليمه أكدت لـ(السوداني)أمس، أن اثنين من هذه الشركات تعملان أصلاً في مجال الصادر وتم تأهيلها لذلك الغرض، فيما لم تؤكد تبعية الشركتين الأخريين، مشيرة إلى أن عمليات الشراء للذهب تتم عبر الشيك وليس (الكاش).
تأثيرات الخطوة
(لم تتم استشارتنا في فتح الصادر للشركات الأربع)، بهذه العبارة بدأ الأمين العام لشعبة مصدري الذهب معتصم
محمد صالح حديثه لـ(السوداني)أمس، مؤكداً أن القرار كان مفاجئاً.
ولفت إلى أن هذه الشركات بدأت الشراء من نحو 15 يوماً وأن بنك السودان المركزي لم يعلن أي منشور بذلك.
وأكد متابعتهم اليومية لكافة المنشورات والسياسات الصادرة عن البنك المركزي، وقال إن خطوة فتح الصادر لأربع شركات فقط أسهمت في ارتفاع أسعار الذهب بشكل جنوني من 1870 جنيهاً للجرام عيار 21 إلى 1950 جنيهاً خلال فترة وجيزة، لافتاً إلى أن هذه الشركات تشتري الذهب عن طريق الشيك بفارق حوالي 200 جنيه عن سعره بالكاش ليرتفع سعره بالكاش إلى 1740 جنيهاً من 1670 جنيهاً قبل دخول الشركات الأربع..
وأكد معتصم أن هذه الزيادات غير معهودة في السوق ولم تحدث قريباً كما أنها أدخلت السوق في ربكة، وأضاف: ونحن كشعبة متضررون من ذلك. لافتاً إلى أن الشركات الأربع منها شركتان تعملان في السوق، أما البقية فلا علاقة لها بمجال الذهب وتعمل في مجالات أخرى، رافضاً الإفصاح عن هذه الشركات بالتحديد.
وكشف الأمين العام لشعبة مصدري الذهب أن فتح الصادر لبعض الشركات أوجد غبناً لدى أصحاب الشركات الموجودة في السوق التي تعمل في صادر الذهب والبالغ عددها 22 شركة، مؤكداً تضررها كثيراً من بعد العمل في المجال. قاطعا بأنهم كشعبة مصدرين للذهب يمكنهم العمل في الصادر حال فتح بنك السودان المركزي المجال وفق صيغ مناسبة والوصول لاستقرار سعر الصرف أو تراجعه عن السعر الحالي، كاشفاً عن تقدم شعبة مصدري الذهب بخطاب لرئيس مجلس الوزراء وزير المالية معتز موسى لمناقشة فتح الصادر لأربع شركات إلى جانب تسليمه لتصور شامل لكيفية إدارة صادر الذهب. وأضاف في حال إنفاذه نستطيع تصدير الذهب والمساهمة في استقرار سعر الصرف ومحاربة التهريب .
أدوات تشجيعية :
المحلل المصرفي د. طه حسين يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن فتح الصادر لأربع شركات كان موجوداً في وقت سابق إلا أنه وإنفاذاً للإجراءات الاقتصادية الأخيرة الخاصة بشراء الذهب تم منعها من الصادر على أن تكون وكلاء متحصلين للبنك المركزي ليقوم هو بعملية الصادر. وأضاف : كان الأفضل إتاحة الفرصة لشركات التعدين والامتياز العاملة الآن بزيادة حصة الصادر ووضع أدوات تشجيعية للصادر بالنسبة للمعدنين التقليديين مما يزيد من الذهب المجمع للبنك المركزي والحد من عمليات التهريب لأنها ستتفق مع السعر العالمي بوضع شروط وضوابط لاستلام حصائل الصادر داخل السودان، مشيراً إلى أن هذه الشركات ذاتها هي التي تم تأهيلها للعمل في المجال نيابة عن البنك المركزي بشروط أهمها إيداع 350 كيلو ذهب بطرف البنك المركزي، داعياً لتوضيح القدرة المالية لهذه الشركات إلى جانب قدرتها على التسويق وتحديد حجم رأس مالها.
وشدد حسين على إيداع الحصائل وتحديد فترة زمنية قصيرة لاستلام الحصيلة وأن تكون هناك رسوم على أرباح هذه الشركات كاحتياطي للتطوير في المجال.
شراء الذهب :
الخبير الاقتصادي عز الدين إبراهيم يشير في حديثه لـ(السوداني)أمس، إلى قدرة بنك السودان المركزي المالية على شراء وبيع الذهب باعتبار أنه يشتري ويبيع على مدار العام إلا أنه ليس بمقدوره شراء الذهب كاملاً خاصة وأن بعضه مخزن لدى التجار الذين ينتظرون الحصول على عوائد أكبر، وأضاف: السوق الموازي أقدر من البنك المركزي على الشراء وبالتالي التهريب خاصة وأنه موجود فى مواقع الإنتاج، مشيراً إلى أن مكاتب بنك السودان غير موجودة فى كل مكان إلى جانب أنها تعمل لساعات محدودة بعكس السوق الموازي الذي لديه مقدرة أكبر على المنافسة متسائلاً عن تأهيل بنك السودان أربع شركات لشراء الذهب عوضاً عن شركة واحدة فقط.
وتوقع عز الدين أن تواجه آلية التنفيذ صعوبات بالغة باعتبار أن الذهب منتشر فى كثير من أنحاء السودان، مشدداً على ضرورة مراعاة ذلك خاصة وأن التجار يشترون الذهب ويهربونه، وأكد أهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في شراء الذهب وتنظيم ذلك بإنشاء بورصة للذهب لجهة أن الإنتاج بالبلاد كبير يصل إلى 100 طن، وأضاف: لتفادي تهريب الذهب لا بد من معالجة توحيد الأسعار للشراء بالسعر العالمي.
تجريب المجرب :
الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي وصف فتح الباب لأربع شركات لصادر الذهب بتجريب المجرب، متسائلا لماذا ندمن الفاشل؟ وقال إن الوضع السليم يتطلب أن ينشئ بنك السودان المركزي شركة مساهمة عامة بالشراكة مع القطاع الخاص بحسب توصيات البنك الدولي في مجال الشراكات على أن تعمل الشركة فى شراء الذهب عبر صك بريق وأضاف عندما تكون قيمة الصك بالجنيه بعد عام يفقد ثلثي قيمته الحقيقية أي 68 % الذي يعادل معدل التضخم موضحاً أن التعويل بربح 30% يكون فى المحصلة النهائية خسارة 38% من المبلغ الذي اشتري به الصك جراء ارتفاع معدلات التضخم مما يجعل المواطن يتردد في الإقبال على شراء هذا الصك. واقترح أن تربط القيمة المدفوعة للصك بعيار معين من الذهب موضحاً أنه في حال باع أحد الأفراد بعد 6 أشهر أو سنة فهو يبيع 10 جرامات ذهب بسعره في ذلك التاريخ وبالتالي يكون حافزاً على القيمة الحقيقية للمبلغ الذي دفعه لشراء الذهب مما يكون الربح 30% يمثل حافزاً له ويمكن للبنك المركزي بعد ذلك خفض هامش الربح إلى 10 % فى حال تطبيق المقترح كما أنه أيضاً يمثل إغراءً للمغتربين للدخول في شراء الذهب مشيراً إلى أن احتكار بنك السودان المركزي شراء الذهب يسهم في دخول عائدات الذهب لخزينة الدولة، وقال إن الذهب المنتج بالبلاد يقدر بـ250 طناً وزاد حتى في حال كان المنتج 200 طن فقط يعني أن عائد الصادر من المفترض أن يصل 8 مليارات دولار.
الخرطوم : الطيب علي
صحيفة السوداني.