العلماء يحددون الأشخاص الأكثر حسدا
يعتبر العلماء أن الحسد كان يساعد أسلافنا على البقاء على قيد الحياة وتحويلهم إلى كائنات اجتماعية.
ويشير العلماء إلى أن الحسد شعور طبيعي، متجذر في المجتمع البشري ويسهم في تحسين الذات، لكنه يمكن أن يفسد المزاج بشكل كبير، وأحيانا قد يتسبب بالاكتئاب أو حتى يدفع الشخص إلى القيام بأعمال عدوانية.
ويتناول مقال “سبوتنيك” أسباب الحسد ومن الأشخاص، الذين يحسدهم الناس؟
وأشار باحثون أمريكيون وبريطانيون في مقال حول مشكلة الحسد إلى أن الإنسان عادة ما يحسد أشخاصا من محيطه، فعلى سبيل المثال، لو اشترى أحد الجيران سيارة باهظة الثمن، وشاهد الشخص في نفس الوقت فيلما عن حياة الأسرة الحاكمة في بريطانيا، فسوف يرجح احتمال أن يحسد الشخص جاره لأنه قريب منه.
وأكد العلماء أن الإنسان غير قادر على التخلص من الحسد كليا، إذ ترسخ هذا الشعور لدى البشر، كما أن الإنسان غير قادر على الامتناع عن الحلويات، على الرغم من معرفته بضررها وأنها تؤدي إلى زيادة الوزن.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك موقع في الدماغ مسؤول عن العواطف. وينشأ الحسد عندما يحرم الإنسان من شيء يرغبه ويوجد لدى شخص آخر. وهو شعور سلبي قد يؤدي إلى سلوك مدمر.
وقارن أرسطو الحسد في أطروحته بالألم. وقد اكتشف الباحثون في الوقت الحالي أن الأجزاء ذاتها من الدماغ مسؤولة عن الحسد والألم والجوع والرضا الجنسي.
وأجرى علماء يابانيون تجارب على القردة أظهرت أن الأجزاء الدماغية المشاركة في نظام المكافأة، التي تدفع الإنسان إلى حب الحلويات والملذات الجنسية، ترتبط بقشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن صنع القرار والذاكرة والتعرف على الأشخاص والأصوات والإيماءات، هو ما يؤكد أن الحسد شعور اجتماعي.
وينبع الحسد من مقارنة الشخص نفسه بالآخرين وما يملكونه. وتشكل المقارنة أساسا لوضع الفرد الاجتماعي وقدراته وأهميته في المجتمع.
ويرى العلماء أن المقارنة راسخة في طبيعة أي مجتمع، إذ تنشأ لا محالة منافسة على الغذاء وسبل العيش، لذلك يتم إدخال قواعد لتوزيعها.
وتؤثر منافسة أفراد المجتمع بشكل مباشر على الوصول إلى المنافع. ولكي يتمكن الفرد من المنافسة بفاعلية، يجب عليه المقارنة أولا، ومن هنا تأتي فكرة العدالة.
وأكثر فئة تشعر بالحسد في المجتمع هي الشباب. وتقل حدة هذه المشاعر مع تقدم العمر، حسبما استنتج علماء من الولايات المتحدة.
وغالبا مع يحسد الشباب أقرانهم أو من هم أكبر أو أصغر سنا. وعلاوة على ذلك فالحسد عادة ما يكون موجها تجاه الجنس نفسه، الصديق أو القريب.
واكتشف علماء من هولندا وألمانيا أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية عادة ما يشعرون بالحسد، بسبب السفر أو وسائل الرفاه غير المادية.
ويعتقد عالم النفس في جامعة تيلبورغ الهولندية فان دي فين أن الحسد له شكلين، الأول خفيف، وينبع عندما يقلق الشخص أن غيره يملك ما يتمناه هو، لكن ذلك قريب من الإعجاب. ويرافقه دافع إيجابي بالرغبة في التطور ومحاولة تحقيق نتيجة مماثلة أو أفضل.
أما الشكل الثاني فهو الصعب، عندما يترافق السعي للامتلاك بالرغبة للسلب وإثارة المشاكل للشخص المحسود. ويفصل بين هذا الشعور والشماتة خطوة واحدة، عندما يسعد الإنسان لحزن الشخص. ويرى بعض الباحثين أن هذا الشعور فقط هو الحسد.
ويصنف العلماء الحسد كشعور ضار، فالحسد في فريق العمل يأتي بنتائج عكسية، ما يؤدي إلى العداء بين الزملاء.
ويشير الخبراء إلى أن الأشخاص، الذين يعانون من انخفاض مستوى تقدير الذات، عادة ما يعانون من المشاعر السلبية بسبب الحسد، مثل الخوف، وقد يؤدي بهم الحسد إلى الاكتئاب، أما الناس السعداء فهم الأكثر قدرة على السيطرة على الحسد وقمع هذه المشاعر السلبية.
سبوتنك
مقال جميل و لفته جميله من الكاتب بان تطرق الي احدي امراض البشر المزمنه علي مر العصور . فعلا للحسد تأثير فردي و جماعي و مجتمعي و قومي و شعوبي فقد عانت منها تكتلات بشريه عديده و هلكت بسببه افراد و شعوب .
هذا المقال يذكرني بمقال كتبته كاتبه سودانيه عريقه و شهيره في احدي الصحف السودانيه عن الحسد السوداني و اثره في تدمير الاقتصاد و ايقاف التنميه و الازدهار و انتشار التخلف المجتمعي و الانغلاقيه في التفكير و التقوقع و ألا و هي الدكتوره أمل الكردفاني اطال الله عمرها و حفظها و ادام صحتها لأنها من الوطنيات الغيورات و يستحقون كل الاشاده و تعظيم سلام .
و السرد التالي نص مقالها:
حسد النخبة السودانية .. بقلم: د.أمل الكردفاني
التفاصيل
نشر بتاريخ: 04 حزيران/يونيو 2018
الزيارات: 208
▪طبعا…
لا تنتطح عنزتان حول اشكالية
انتشار الحسد بين افراد الشعب السوداني ، وهي قضية تناولها الكثيرون من جانب نقدي وكجلد للذات. يتحدث السيد ابراهيم منعم منصور على لسان والده عن معرفة الخواجات لهذه الصفة في السودانيين ، وهو يحكي قصة الخواجة والكم الهائل من التقارير والدسائس التي كان يتلقاها من السودانيين للاضرار ببعضهم البعض. واكد الخواجة لمنعم منصور ان السودان لن يتقدم بسبب الحسادة المتفشية في هذا الشعب.
تناول آخرون مسألة الحسد في السودان من زوايا مختلفة كما فعل الاستاذ الدكتور صبري أحمد خليل في أحد مقالاته المتميزة دوما.
من القصص الطريفة انني ذهبت للتقديم في احدى المؤسسات ؛ وتلقاني الموظف بترحاب ؛ ثم اخذ سيرتي الذاتية وصور الشهادات التي تجاوزت الثماني شهادات في مختلف فروع القانون ؛ أخذ الرجل الورق وبدأ في فحصه بعينين جزعتين ، وهو يتصبب عرقا ثم قال لي بلسان مرتعش: انت بس عايز ليك حتة ترك فيها بالاول… لا لا … شوف مكان تاني.
الحقيقة انني لا زلت اضحك كلما تذكرت كلام هذا الموظف ، فالجميل انه لم يخف حسده وكان صريحا جدا . لكن السيء في الحسد السوداني هو انه لم يؤد فقط الى فقدان مكاسب وتوقيع خسائر على مستوى الأفراد بل أدى الى دمار بلد كامل. وذلك لأن النخبة التي لم تتوقف عن تبادل الحسد ؛ جسدت هذا الشعور القاتم عبر عمليات هدم واغتيال معنوي متبادل بينها. كان كل حزب يعمل على هدم وتبخيس اي محاولة نشطة من الحزب الآخر ، اتفاقيات هامة وخطيرة كان يتم الغاؤها بسبب الحسد ولو كانت هذه الاتفاقيات نفذت لتغير وضع السودان ومستقبله اليوم كثيرا. عمليات اغتيال الشخصية لم تتوقف في السودان ، ومارسته كل الاحزاب ضد بعضها ، سواء تلك التي بيدها السلطة ام التي تعارض وهي خارج السلطة. لقد ادى حسد النخب الى امتناعهم عن تسليط اي ضوء على شخص آخر منعا للتنافس ، وهكذا لم تستطع اغلب الاحزاب انتاج قيادات ذات شأن ووزن. يختار السياسيون اغبى الشخصيات لضمان عدم ظهور منافس كفؤ يقف كتفا بكتف ضد القيادة المسيطرة.ربما كان الترابي هو الوحيد الذي خالف هذا التوجه النفسي عندما منح الكثير من اعضاء الحركة الاسلامية امكانية الظهور على الساحة السياسية ، والغريب ان ما فعله هذا ادى الى انقلاب من دفعهم الى الامام ليدفعوه هو الى الخلف ، فأكد ذلك ان حسد النخبة مؤسس على حقيقة أخرى تتأصل في نفس السياسيين وهي التآمر والغدر. لقد استفاد الاسلاميون من انقلابهم الغادر على عرابهم فباتوا لا يعينون اي شخص ذي بال بالمناصب الدستورية ، فالمناصب دولة بينهم فقط ، ومن يتم ادخاله الى وكرهم لابد ان يتميز بخصلتين:
اولاهما ان يكون فاسدا: حتى يمسكوا عليه ذلة فيظل طائعا.
والثانية: ان يكون غبيا: حتى لا يقفز فوق اكتافهم ثم يتجاوزهم. لقد قام الاسلاميون بالفعل باحتكار كل شيء ليس فقط عبر احتلال المؤسسات المختلفة بل حتى عبر علاقات التزاوج والمصاهرة. حيث حصروا الزواج فيما بين ابناء وبنات القيادات. ويمكننا ملاحظة ان كل تغييرات طاقم الحكم في الدولة انما تتم عبر عمليات تحاويل من منصب الى آخر لنفس الشخصيات. ولكن هذا ليس مقصورا فقط على الاسلاميين فأغلب الاحزاب تمارس ذات الأمر على نحو مشابه. منذ الاستقلال انحصر النفوذ السياسي والاقتصادي عند بيوتات معينة. امتنعت هذه البيوتات عن منح باقي السودانيين فرصا للمشاركة ، فبالرغم مما يسمى بالديموقراطية في ذلك الزمان ولكن في الواقع كانت هذه الدموقراطية تكرس لدكتاتورية هذه البيوتات. لقد كانت دموقراطية محسومة النتائج ومحددة الشخصيات التي تلعب دور البطولة. فلنلاحظ مثلا انه في الوقت الذي فتح فيه الاستعمار البريطاني مؤسسات تعليم قومية لكافة ابناء الشعب السوداني ؛ كان السيد عبد الرحمن المهدي يرسل ابناءه للدراسة في بريطانيا في حين ينشيء ورش مهنية صغيرة لتعليم ابناء الانصار الفقراء مهنا يدوية بائسة بغرض تطوير اعماله وتجارته. وهكذا فعلت باقي البيوتات مما أدى الى شعور الكثير ممن استفادوا من فرص التعليم المجاني التي وفرتها بريطانيا لهم الى الامتعاض من هذا الاستحواذ والتهميش المتعمد ، فنشأت تكتلات نخبوبة جديدة نافست هذه البيوتات حتى تجد فرصة للدخول في دائرة الضوء المحتكرة، واستعانت تلك النخبة المثقفة بأيدولوجيات من الخارج لتمحنها شرعية التكتل ومقاومة الاحتكار الضوئي. فظهرت الايدولوجيات الشيوعية والبعثية واللبرالية وتيارات التجديد الديني وخلافه. مع ذلك استطاعت تلك البيوتات مقاومة جميع الانظمة العسكرية التي حاولت تفتيت قوتها ، وكانت مقاومتها تعتمد على ذلك المصطلح العجيب الذي لا تؤمن هي نفسها به الا وهو (الدموقراطية). مع ذلك فحتى هذه النخب الجديدة انتقلت الى جيناتها عدوى الحسد السياسي ، لتمارس بدورها عمليات اقصاء وتهميش داخلي ، بالاضافة الى ممارسة اغتيال أدبي متبادل.
قبل ايام ارسلت لي صديقة فديوهات عن ناشطين شباب داخل وخارج السودان ؛ وقد اصابتني هذه الفديوهات بالاحباط ففيروس الحسد انتقل الى جينات هؤلاء الشباب ايضا بل بصورة فجة ولا اخلاقية ؛ حين أخذوا يتبادلون اتهامات بلغت حد الاتهام بالتحرش الجنسي وبالتأكيد الاتهام بالخيانة والغواصة واعتبار بعضهم تابعين لجهاز الأمن بقصد تقويض المقاومة والانتفاضة الجماهيرية. ذات هذا الحسد رأيناه منذ اندلاع ثورة دارفور عبر الانقسامات الفتيلية في الحركات المسلحة ؛ ومحاولات كل فصيل خيانة الفصيل الآخر وقد ترتب على ذلك تصفيات دموية واغتيالات طالت الجميع مما افقد ثورة دارفور اي تعاطف معها. نفس الحسد السياسي رأيناه بين افراد النظام الحاكم وما ترتب على ذلك من اقالات بل واعتقالات أمنية متبادلة .
حسد النخبة السياسية منع هذه النخب من تجهيز واعداد قيادات فاعلة لحمل الشعلة ، ولا ادل على ذلك مثالا الآن من كوادر المؤتمر الوطني الحاكم ؛ والتي تفتقر الى اي قدرات ومؤهلات سوى ما تعلموه من فساد واختلاس للمال العام. فالحزب الحاكم الآن لا يملك اي مفكرين يستطيعون تحويله من حزب سلطوي تعتمد عضويته على المصالح الشخصية الى حزب مؤسس على طرح فكري وفلسفي يستطيع استقطاب مؤيدين له. وهكذا اصبح الحزب الحاكم كالبطيخة التي ضربتها الشمس ؛ قشرة خضراء من الخارج وفجوة من الألياف الفاسدة من الداخل. ولو تقصينا الكثير من الاحزاب والحركات المسلحة بل حتى منظمات المجتمع المدني حقوقية او ثقافية او سياسية ..الخ فسنجدها لا تختلف عن الحزب الحاكم كثيرا ، فهي قشرة تغطي فساد الفراغ. وكل ذلك بسبب الحسد. قبل سنوات قرأت على الانترنت في موقع أجنبي عدد المنح من المقاعد الدراسية التي توفرها دول العالم للسودان والتي تبلغ -في ذلك الوقت-خمسة وعشرين الف منحة في مختلف المؤسسات التعليمية المهنية والاكاديمية ، من معاهد وجامعات ومراكز بحثية… الا ان المسؤولين يضعون هذه المنح داخل ادراجهم ويغلقون عليها كتميمة عمل سحر سفلي ؛ حتى لا يستفيد منه ابناء الشعب.
قضية حسد النخبة في السودان تحتاج حقيقة الى دراسة علمية تحدد ما اذا كانت اسبابها جينية في عمق الكروموسومات ومن ثم يستحيل علاجها ام انها ثقافية يمكن تتبع جذورها ومن ثم استئصال مسبباتها لخلق جيل جديد من الشباب الذي يستطيع التمييز بين مصالحه الخاصة والمصلحة القومية بروح تشاركية تفضي الى تطور الدولة.