إيجار “المواتر” للأطفال .. الموت يترصدهم
ظاهرة خطيرة جداً انتشرت على مدى سنوات ولم يعرها أحد أي اهتمام للأسف الشديد، وهي ظاهرة قيادة فتيان وأطفال لسيارات ودراجات نارية “مواتر” دون السن القانونية في الشارع العام.
> وما قادني للحديث عن الظاهرة وخطورتها على المجتمع السوداني والأسر بشكل خاص، ما أراه بصورة يومية بتقاطع الدروشاب شمال من صبيان أعمارهم ما بين الثامنة والعشر سنوات يقودون “مواتر” بصورة متهورة جداً وبسرعة فائقة والتي يتم استئجارها من الميدان الذي يقع على طريق التحدي الرئيس وشمال كوبري الحلفايا، في خطوة قد تمثل حتفهم لا محالة بهذه القيادة المتهورة بما لا يدع مجالاً للشك وتراهم جيئة وذهاباً بذات السرعة في تخطٍ واضح للسيارات دون أية مبالاة، لأن عقولهم لا تستوعب الخطر الذي يحدق بهم، وإنما تحملهم أمانيهم بالقيادة دون التنبه للتبعات القاتلة التي تتربص بهم.
> بعض هؤلاء الفتية من الطلاب أراهم يرتدون الزي المدرسي ويحملون حقائبهم المدرسية ويتركونها جانباً لامتطاء المواتر، في تجنٍ واضح وسافر على القيمة التعليمية والمرجو منها إصلاح المجتمع والبلاد بعقول مستنيرة. ومن هنا ينطلق صوت المسؤولية بداخل أي مواطن ومواطنة يحدب على المصلحة العامة أن يوجه أولياء الأمور بضرورة مراقبة أبنائهم وهم في هذه المرحلة الخطرة عبر المتابعة اللصيقة بالمدرسة وهذا ينطبق على الدور التربوي الذي يجب أن تقوم به إدارة المدارس. فمن أوجب واجباتها أن تعلم مواقيت دخول هؤلاء الطلاب للمدارس وأن تضع الأعين الحارسة لمن يتسرب منها للخارج.
> ففي السابق كان الغياب عن المدرسة دون أسباب منطقية يمثل هاجساً لرب الأسرة قبل التلميذ لما يقع عليه من تقويم لابنه بأهمية تلقي التعليم، ولكن ما يحدث الآن إهمال واضح تشترك فيه الأسر والإدارة المدرسية بشكل سافر ومخل.
> تمدد الظاهرة بشكل كبير خاصة وأنها تنتشر على مد البصر في المساحة المعنية والتي تقع على طريق رئيس يعاني من الازدحام المستمر بسبب وسائل النقل التي تأتي من منطقة شمال بحري وفيها من يقود بأقصى سرعته في محاولة لسباق الزمن والوصول قبل الآخرين، فعندما تتزامن هذه السرعة مع فتى او اثنين يمتطيان دراجة نارية بذات السرعة، فإن المصير المحتوم هو موتهما العاجل وبذلك تفقد الأسر فلذات أكبادها كرها.
> هذه المركبات سواء أكانت مواتر ام سيارات مظللة ذات قيمة عالية تجعلني أطالب شرطة المرور بالعاصمة والتي لديها نقطة ارتكاز على مدخل كوبري الحلفايا أن تتابع هذه الظاهرة وتتقصى عن تراخيصها الممنوحة لمزاولة هذه المهنة الخطرة للتكسب المادي عبر أجساد فتيان المدارس دون ضمير يؤنبها او مسؤولية مجتمعية تتحملها فكما تقوم بحملات التفتيش الدورية عن الرخصة والمركبات المخالفة للترخيص فيقع عليها الواجب أن تحارب هذه الظاهرة وأن تبحث عن أصحاب تلك السيارات وتراخيصهم الممنوحة لمزاولة المهنة، وأيضاً الجهات الأمنية ذات الصلة عليها البحث عن المواتر المخالفة .
> ومن ثم السؤال موجه لإدارة المباحث والأمن وكل إدارة لها الاختصاص في معالجة الظواهر السالبة في المجتمع أن تعي مسؤوليتها فكما تشن هجماتها الشرسة على الظواهر السالبة المخلة بأمن وسلامة المجتمع، عليها أن تضع ما يحدث تحت ناظريها بحثاً عن أمان أطفالنا.
> وإن تسببت هذه الظاهرة بأية حالة وفاة معلنة دون شك لا بد لي من التنبيه هنا بأن نشاط منظمات المجتمع المدني العاملة في حقوق الطفل لن تألوَ جهداً في السعي نحو البحث عن حقوق الأطفال، فمثل هذه الحالات في الدول الأخرى تضع لها القوانين أحكاماً رادعة وقاسية منعاً لإهدار حياة الأطفال، لأنها تعي أهمية الاستثمار في تقييم حياة أطفالها والمحافظة عليها لأنهم أمل اليوم وذخر المستقبل وليس كيفما اتفق الوضع لدينا.
صحيفة الإنتباهة