لينا يعقوب: لماذا بعيدون نحن؟
معظم الدول تستفيد من إعلامها في خدمة قضاياه، فتسعى للدخول “سراً”، أو في قلة من الأحيان “علناً”، في شراكات مع وسائل إعلامية قوية يمكن أن تخدم بعض أهدافها وأجندتها وقت الحاجة
.. أما نحن، هنا في السودان، فما زلنا في مرحلة “منع الصحفيين من دخول البرلمان”، “مصادرة الصحف”، “الاستدعاءات”، “تحديد ملابس معينة للدخول إلى الجهات الرسمية”!
والشراكات لا تعني بالضرورة “الأموال والإعلانات” أو “منح معلومات” إنما أشياء أخرى عدة.
الإعلام المؤثر لا تدعمه الأحزاب الحاكمة في الدول، إنما المؤسسات نفسها.
واشنطن بوست، أدت دوراً مؤثراً في قضية “اختفاء الصحفي جمال خاشقجي” فكانت تنقل منها معظم الفضائيات والوكالات والصحف أيضاً، وتتصدر معلوماتها وأخبارها وسائل التواصل الاجتماعي.
في مصر، القريبة منا، جاء موقع “اليوم السابع” قبل أيام قليلة، في المرتبة الثالثة، كأكثر المواقع استخداماً بحسب تصنيف (أليكسا).
كان اللافت أنه حاز على المركز الثالث بعد (قوقل) ويوتيوب) متفوقاً على مواقع مثل (فيسبوك) و(تويتر)، التي تعتبرها الحكومات العربية معقلاً للشائعات ومُحرضاً للثورات.
والمدهش أكثر، أن “اليوم السابع”، جاء في المركز (16) في السودان، متفوقاً حتى على وكالة السودان للأنباء وغيرها من المواقع!
هل يُعقل أن يكون مواطنو السودان يترددون على المواقع العربية الإخبارية أكثر مما يترددون على مواقعهم السودانية؟
صحيفة “سبق” الإلكترونية السعودية هي الأخرى، تتراوح بين المركز الثاني والرابع في المملكة، بحسب “أليكسا”.. يرتادها الملايين يومياً، ليس داخل السعودية فحسب، إنما خارجها أيضاً.
الصحف الورقية، والقنوات التلفزيونية والإذاعات، والمواقع الإلكترونية، مؤثرة في أي دولة، والحكومات لا تدعمها فقط “بالإعلان” أو عدم “المضايقات”، إنما تبني شراكات وتؤهلها إلى أداء دور مهم ليس داخلياً فقط إنما ليدعم توجهاتها في الإقليم والعالم.
ونحن ما زلنا في مرحلة بعيدة جداً، تبتعد فيها المفاهيم الإعلامية عن مفاهيم من حولنا.
هنا في السودان، أكثر المواقع السودانية ارتياداً واستخداماً “الراكوبة”.
ألا يُثير ذلك فضول الحكومة؟ أن تكون المواقع الأقرب للمعارضة هي الأكثر تردداً وانتشاراً، بينما يغيب إعلامها الرسمي والحزبي وينأى عنه المواطنون.
رئيس الوزراء معتز موسى الذي دخل عالم “السوشيال ميديا” (تويتر) و(فيسبوك)، ربما بإمكانه تغيير التفكير المتجمد لدى الكثير من مؤسسات الدولة ومسؤوليها.
نريد أن نقترب من العالم في طريقة تعامله مع الإعلام وتقديره له.. متى يحدث ذلك؟!
بقلم
لينا يعقوب