تحقيقات وتقارير

بعد إعفائه من رئاسة لجنة “البريكس” عوض الجاز … عودة من بوابة الإصلاح

بحسب مصادر، فإن الدكتور عوض أحمد الجاز، صدر قرار بتعيينه في منصب مسؤول اللجنة الوطنية لإصلاح الدولة بدرجة مساعد رئيس الجمهورية.

ويأتي القرار بعد أيام من صدور قرار جمهوري بإعفاء الجاز من رئاسة اللجنة العليا للإشراف على العلاقات مع دول البريكس التي تشمل كلاً من (روسيا، الصين، جنوب أفريقيا، البرازيل، الهند)، التي يتولى رئيس الجمهورية رئاستها، وينوب عنه بدرجة مساعد رئيس الجمهورية، يجيء القرار في إطار مراجعات الإصلاح الحكومي وتصفية كل الآليات التي تشكل ازدواجاً في عمل الوزارات القائمة .

ويعتبر د. عوض الجاز من البدريين في حكومة الإنقاذ منذ بداياتها، وظل متنقلاً في المناصب التنفيذية بدرجة وزير، ثم تحول عقب ذلك للمناصب القريبة من الرئيس بدرجة مساعد للرئيس بحكم خبرته التراكمية، شمله التنحي الاختياري لقيادات الصف الأول في الإنقاذ الذين غادروا مفسحين المجال لفئة الشباب، لكنه ما لبث أن عاد.

البلف يا عوض

اقترن عوض في أذهان السودانيين بمقولة الرئيس البشير في خطابه الشهير إبان اجتياح الجيش الشعبي لجنوب السودان حقول هجليج، (أقفل البلف يا عوض).

تقلد عوض الجاز الذي يصنف في خانة الصقور داخل المؤتمر الوطني عدداً من المناصب الدستورية منذ بداية الإنقاذ وشملت وزارة التجارة والتموين ومجلس الوزراء، الطاقة والتعدين والصناعة والمالية، وتم تكريمه قبل عامين من دولة الصين ضمن أفضل عشر شخصيات ناجحة في العالم في المجالات الاقتصادية والعلاقات الدولية.

التزام ديني

ولد عوض الجاز بمنطقة شيبا محلية مروي بالولاية الشمالية عام (1945)، التحق في بداية حياته الدراسية بمدرسة البركل الابتدائية، وأكمل بمدرسة الأقباط الابتدائية، ودرس المرحلة المتوسطة بمدرسة مروي، حيث بدا عليه الالتزام الديني، وكان يؤم المصلين في المدرسة، بدأ نشاطه السياسي بمدرسة مروي الثانوية، ومنها تحول إلى جامعة الخرطوم، حيث درس الاقتصاد، ونال درجة الماجستير والدكتوراه من أمريكا.

حلقة وصل

برز د. الجاز بصورة رسمية ككادر في الحركة الإسلامية، وهو طالب بجامعة الخرطوم، واشتهر بأنه ناشط في العمل التنفيذي، في العام 1976 إبان الحركة العسكرية للجبهة الوطنية التي اشتهرت في الأدب المايوي بـ(المرتزقة)، كان له دور داخل الخرطوم، إذ شكّل حلقة وصل بين المسلحين القادمين من ليبيا وبين الموجودين داخل الخرطوم، وكانت مهمته متعلقة بمتابعة مجموعة كوادر الإخوان المسلمين التي كان عليها استلام المطار، وكان وقتها الجاز مسؤولاً عن العمل الخاص العسكري والأمني في الحركة الإسلامية، واستمر كذلك حتى بعد مجيء الإنقاذ، ظل نافذاً في اتخاذ القرارات في الدولة والحزب، معروف أنه عضو بالمكتب القيادي للمؤتمر الوطني ومجلس الشورى منذ تأسيسه، وتولى رئاسة القطاع الاقتصادي في الحزب في العام (2005).

انضباط وصرامة

يصفه المقربون منه بالانضباط والصرامة في التعامل والدقة المتناهية والذاكرة القوية والقدرة الفائقة على كتم الأسرار، ويؤمن في التعامل الأداري بالتقارير المكتوبة ومقارنتها، ويقال إنه إبان فترة توليه وزارة مجلس الوزراء، كانت التقارير التي يطلبها غير مألوفة، إذ يطالب بتوضيح الإنجازات والإخفاقات، ما جعل الذين عملوا معه يصفونه بالدكتاتور لجهة أنه لا يشركهم في اتخاذ القرارات، وفوق هذا يحاصر الذين يكلفهم بمهام.

معلومات دقيقة

ما يؤخذ على د. الجاز رفضه التعامل مع الصحافة وتزويدها بأي ملعومات دقيقة عن الملفات التي يتولاها خاصة على أيامه في وزارة الطاقة، ويرى أن دورها تبشيري ينحصر فقط إبراز الجوانب الإيجابية مما أفرز حالة من التعتيم حول عائدات البترول بسبب الانطوائية والسرية التي يتميز بها، فلم يعد أحد يعلم من هو القيم على عائدات البترول، هل هو وزير المالية، أم وزير الطاقة؟ يقول أحد زاملائه من الوزراء، إبان الفترة الانتقالية التي أعقبت اتفاقية نيفاشا، طلب عدم ذكر اسمه، أنه طيلة وجوده في اجتماعات مجلس الوزراء لم يشهد عوض الجاز قدم تقريراً لوزارة الطاقة بالرغم من المطالبات المتكررة بذلك.

تولى عوض الجاز العديد من الوزارات الاقتصادية المهمة، التجارة والتموين في بداية الإتقاذ، أحدث فيها حركة نشطة، ثم الطاقة والتعدين، حيث كان استخراج البترول وتصدير أول شحنة منه في عام (1999).

رجل إصلاحي

يقول العارفون بسيرة د. عوض الجاز بأنه أكثر تمسكاً بإصلاح الدولة منذ وقت مبكر من عمر الإنقاذ، حيث قاد برنامج إعادة بناء الدولة عندما كان وزيرًا للعمل والإصلاح الإداري، وهو مجال تخصصه الذي نال به درجة الدكتوراه، يذكر إبان توليه وزارة المالية واصل في هذا الاتجاه، حيث عمل على تقليل الإنفاق الحكومي وتنفيذ الميزانية كما هي مجازة دون انحرافات، وتضييق الخناق المالي على الدستوريين، وكان قراره بتخفيض أسعار الخبز وإطلاق سراح السجناء في الشيكات الحكومية أهم القرارات التي اتخذها، وقوبلت بارتياح بالغ في الأوساط الشعبية وعمل على تسديد الديون الداخلية للدولة وإسقاط الخارجية.

اختار الرئيس الصيني شي جي بينغ، د. عوض الجاز واحداً من أفضل عشر شخصيات ناجحة في العالم عام 2016، ووصفه صندوق النقد الدولي إبان الأزمة المالية العالمية بأنه أحسن إدارة الاقتصاد السوداني رغم التناقضات التي يراها البعض في حديثه حول تأثر السودان بهذه الأزمة، تارة ينفي تأثره وأخرى يؤكد أن السودان متأثر باعتباره جزءاً من المنظومة الاقتصادية العالمية.

عمل خاص

يقول القيادي بالمؤتمر الشعبي، أبوبكر عبد الرازق للصيحة، إن د.عوض الجاز ليست له علاقة بالعمل السياسي، ولم يكن أحد اهتماماته في يوم من الايام، إمكانياته محدودة فيها، فهو رجل مختص في العمل الخاص، حيث كان منسقاً للعمل العسكري والأمني داخل الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ وبعدها مباشرة، لذلك لم يكن معروفاً داخل الحركة الإسلامية والذي يعرفه جيله في الجامعة، بجانب أنه قضى أغلب وقته في أمريكا.

سر الغموض

وأرجع أبوبكر سر الغموض الذي يظهر في شخصية د. عوض الجاز بأنه يعود لتجربته الأمنية العسكرية، رغم أنه رجل مختص في الإدارة بحكم دراسته، وكذلك تخصصه في إدارة العمل التنظيمي، وليست له اهتمامات فكرية، أو ثقافية، هو ليس متحدثاً لبقاً ولا مقتدراً في الخطابة ولا مرتبطاً بالعمل الجماهيري، لذلك نادراً ما تجده يعتلي المنابر متحدثاً، وحتى بعد أن أصبح وزيرًا تلاحظ الوزارات التي تقلدها وزارات تنفيذية لا علاقة لها بالعمل السياسي.

ويضيف أن سر وجود د. عوض الجاز وعودته بعد التنحي الاختياري لزملائه علي عثمان ونافع علي نافع، يرجع لجودة إدائه الإداري وهو متابع جيد للتكاليف.

وأشار أبوبكر إلى أن عوض الجاز فضلاً عن أنه أحد الذين أداروا تنفيذ انقلاب الإنقاذ مع صديقه علي عثمان، وفي ذلك الوقت المبكر عملا على إقصاء د. الترابي منذ بداية الإنقاذ بحكم أن علي عثمان كان مسؤولاً عن الدولة والحزب، والجاز مسؤول عن تنسيق العمل العسكري فأجلا إخراج د. الترابي من السجن بعد مضي ثمانية أشهر على الإنقاذ بدلاً من أسبوعين، وكذلك هو من الذين قادوا المفاصلة .

مناصب وزارية

د.عوض الجاز بجانب المناصب الوزارية التي تولاها ظل موجوداً كعضو مجلس إدارة لعدد من المجالس أبرزها المجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي منذ 2000م إلى الآن، وعضو لجنة الخطة الإستراتيجية ربع القرنية منذ 2004م وعضو لجنة الشراكة الإستراتيجية الصينية السودانية منذ 2001م، وتولى ملفها مؤخراً، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة دار الوثائق القومية لعدة سنوات، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للكهرباء لعدة سنوات، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية في الفترة (1995م 2005م)، ورئيس مجلس إدارة مصفاة الخرطوم في الفترة من (2000- 2006م)، ورئيس مجلس إدارة شركة أرياب للتعدين المحدودة من (1995- 2006م).

الخرطوم: الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة

تعليق واحد

  1. سبحان الله,

    نفس الشخص الذي أوصل البلاد و الخدمة المدنية الى هذه المرحلة من التضارب و الغاء كل اللوائح و النظم و القوانين و استبدالها بالولاء و التمكين و النتيجة ماثلة أمامنا, لا أحد في الدولة يستطيع ان يحاكم أحد و الجميع والغ في مال الشعب و لا توجد خطة محكمة تحكم و تحاسب , و الموازنة لا يصرف 20% من بنودها و الباقي يصرف حسب قرب و بعد المسؤول من مراكز القرار
    هو من سيعيد هيكلة الدولة , 🙂 🙂 🙂 🙂