رئيس هيئة العلماء يجوّز تدخل الدولة لتسعير السلع حال الاحتكار والتحكم والإذعان
أفتى رئيس هيئة علماء السودان بروفيسور عثمان محمد صالح، بجواز تدخل الدولة في تسعير السلع حال حدوث الاحتكار
والتحكم والاذعان في الأسواق، واقترح أن تقوم الدولة بقيادة ذلك بالتراضي بين أطراف السوق واشترط ابعاد السماسرة والمتبطلين من الأسواق، وطالب في الوقت ذاته بإصدار تشريع فيه تعزير للمحتكرين وتجار السوق حال مخالفتهم لأوامر الدولة، وشدد على منع الضرائب الباهظة والمكوس المخالفة للشرع.
وقال صالح في ورقة بحثية حول التسعير في الاسلام قدمها في الندوة التي نظمتها هيئة علماء السودان بقاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات أمس، إن الاصل في البيع والشراء في الاسلام الحرية الكاملة، ولكن هناك أسباب أجملها الفقهاء ويجري الحكم باختلاف هذه الأسباب ما بين الضروري وغيره، وأضاف ان التسعير يتم على المحتكر أو على من باع بأقل من السوق أو أكثر، وأشار الى امتناع الرسول (ص) عن التسعير بقوله (المسعر هو الله).
ولفت رئيس الهيئة الى ان جماعة من الفقهاء فهموا من ذلك ان التسعير ممنوع جملة واحدة، واستدرك (لكن آخرين رأوا ان الرسول قصد رفض التسعير مع مراعاة ضوابط البيع والشراء)، وتابع (اي أن التسعير ليس ممنوعاً لعدم التصريح بذلك، لكن اذا فقدت تلك الضوابط فإن التسعير يكون لازماً).
ونوه صالح الى أن اهم ضوابط عدم التسعير تتمثل في عدم احتكار السلع الواردة من المنتجين للسوق كما يفعل السماسرة الآن (طبقاً للورقة)، ولفت الى ان من بين الضوابط عدم التدخل في حرية السوق، بجانب عدم وقوع الضرر البيّن على المنتجين والبائعين والمشترين وعامة الناس، وأشار الى وجود خلافات بين بعض الفقهاء في حكم ترك التسعير، حيث قال بعضهم ان الترك يفيد المنع ورأى آخرون ان الترك لا يفيد المنع كما حدث في صلاة التراويح.
وفند صالح آراء الفقهاء الممانعين للتسعير بحجة انه ينافي التراضي، وتساءل (ماذا يقول الممانعون إذا كان الظلم وقع على المشترين لتصاعد الأسعار غير المبرر)، وأردف (اذا كانت المسألة احتكار وسمسرة فيجوز لولي الأمر أن يسعر)، ورد على حجة ان التسعير يؤدي الى الندرة بقوله (الغلاء حاصل ولا توجد ندرة الأمر الذي عطل قانون العرض والطلب وولي الأمر لايجبر بل يحدد السعر المناسب بالتراضي)، وأبان أن المجوزين للتسعير استدلوا بأن المصلحة تقتضي التدخل لمنع الاستغلال والاذعان.
وشدد رئيس الهيئة على ان الشرع يقضي بمعاقبة من خالف ولي الأمر في التسعير، وتابع (الشافعية رغم انهم كرهوا التسعير إلا أنهم جوزوا تعزير المخالف له لما فيه من الضرر، وبعض العلماء يرون ان حكم التسعير في الحد الأدنى الجواز في حال حدوث ضرر بسيط وفي الحد الأعلى الوجوب)، وزاد (تجب على ولي الامر في حال حدوث ضرر شديد على طرف من أطراف السوق ازالته).
وانتقد صالح ارتفاع سعر السلع المنتجة محلياً أو المستوردة بدون مبرر خلال الـ 6 أشهر الماضية من 100 الى 300%، ورأى أن بعض الزيادات لاعلاقة لها بندرة العملات الأجنبية.
الخرطوم: سعاد الخضر
صحيفة الجريدة