الهجرة إلى أوروبا
الهجرة إلى أوروبا باتت ملاذ العاطلين عن العمل فى البلدان الأفريقية والهاربين من جحيم الحروب والمجاعات والأنظمة التي تتفنن في كل ما يجعل هذه البلدان طاردة للشباب بينا تفشل في طرد الباعوض المسبب للملاريا القاتلة لملايين الأفارقة، إذن الجميع يتطلع للهجرة إلى أوروبا أرض الخلاص سواء أكانت الهجرة شرعية أو غير مشورعة لا يهم المهم عند أغلب الشباب الأفريقي الانعتاق من هذا الواقع المرير، ولكن أبواب أوروبا التي لم تكن مفتوحة في السابق بات اليوم العبور إليها من المغامرات التي تكلف الشباب الحالم بالهجرة الأموال والأرواح على حد سواء، فضلا عن المساعي الأوروبية بالتنسيق مع الدول الأفريقية المطلة على السواحل الأوروبية لإنشاء سياج أمني محكم يحول دون تسلل المهارين غير الشرعيين، ورغم أن المئات يتسللون ويصلون أوروبا فإن بعض البلدان الأوروبية بدأت تظهر فيها أحزاب سياسية قومية شعارها تجفيف أوروبا من المهاجرين وقطع الطريق أمام استقبال المزيد من المهاجرين الذين بحسب تلك الأحزاب القومية قد أفسدوا الهوية الأوروبية وخربوا الثقافات الأوروبية من خلال بروز مجتمعات هجين آخذة تدريجيا في أن تحل محل المجتعات الأوروبية الأصيلة.
أحدث حلقات الجدل الأوروبي بشأن الهجرة هي نتائج الاستفتاء السويسري حول الحد من الهجرة التي جاءت لصالح الحد من الهجرة ووجدت انتقادات أوروبية واسعة فقد توقعت ألمانيا (مشكلات كبيرة).. وذهبت باريس في نفس الاتجاه واعتبرت أن النتيجة تشير إلى أن سويسرا تريد الانغلاق على نفسها.
نتائج الاستفتاء التي اعتبرتها المفوضية الأوروبية خبرا سيئا وجدت الترحيب من قبل الأحزاب القومية الأوروبية، وذلك قبل الانتخبات الأوروبية فى مايو المقبل مما يشير إلى إمكانية فوز الأحزاب القومية التي ترفع شعارات ضد الهجرة، فقد رحب حزب الجبهة الوطنية اليميني المتشدد في فرنسا برئاسة مارين لوبن بنتيجة الاستفتاء، وكذلك حزب الاستقلال البريطاني بزعامة نايغل فارادج، الذي يناضل من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي والحد بشكل كبير من الهجرة، وقال زعيم حزب اليمين الهولندي غيرت فيلدرز الذي يتوقع فوز حزبه في الانتخابات الأوروبية القادمة في هولندا “ما يمكن أن يفعله السويسريون نحن أيضا يمكن أن نفعله”، ويرى النائب الأوروبي البيئي دانيال كوهن بنديت أنه “إذا نظم في فرنسا استفتاء مثل الذي نظم في سويسرا لكانت النتيجة أسوأ”.
استفتاء سويسرا فتح باب الجدل واسعا حول موضوع الهجرة الذي يتصدر موضوعات الحملات الانتخابية للانتخابات الأوروبية فى مايو المقبل، ويخشى الكثيرون ممن يدافعون عن حرية التنقل والانفتاح الأوروبي من أن يكون صوت مؤيدي التشدد حيال المهاجرين هو الأعلى في الانتخابات المقبلة، وبين المعسكرين النقيضين الرافضين للحد من الهجرة والراغبين تتبلور جبهة ثالثة لا ترغب في إغلاق أوروبا فى وجهة المهاجرين، ولكن تسعى إلى هجرة انتقائي على غرار ما يحدث في كندا.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي