زيرو محليات ..!!
السّيّد حامد ممتاز وزير ديوان الحكم الاتحادي قال ليس هناك استثناءٌ فيما يتعلّق بتقليص عدد المَحليّات، وإن )ادماج المحليات يمثل سياسة كلية تتعلّق بهيكلة الدولة من أجل تَقليل الإنفاق وتوجيه الموارد نحو التنمية المُستدامة) .
ولتقريب الصورة إلى ذهن القارئ.. لنفترض أن قرار تقليص المحليات خفّض محليات ولاية الخرطوم إلى ثلاث، واحدة لكل مدينة من العاصمة المثلثة.. بل لنفترض أنّ القرار ذهب أكثر من ذلك واستخدم اللازمة المحبوبة للحكومة )زيرو محليات(.. وأرجع الخرطوم كما كانت في الماضي حينما كانت مُحافظة واحدة يديرها )المُحافظ( بلا حاجة لمُعتمدين ومحليات وغير ذلك من أدوات الحكم المحلي.
في كل هذه الافتراضات يجدر أن يكون السؤال.. ما هو الهدف من وجود المَحليّات؟ وما هي الشروط اللازمة لإنشاء محلية؟
)المحلية( وحدة إدارية تُنشأ أو لا تُنشأ بمُقتضيات الحاجة الإداريّة لها.. لا بحساب المصروفات والإيرادات.. لأنّها ليست مُؤسّسة إيرادية تُقاس بعوامل الربح والخسارة، مثل أيّة بقالة أو شركة تنشط أو تموت بحكم الأرباح أو الخسائر.. فيكون مُثيراً للدهشة أن يقول السيد حامد ممتاز )دمج المحليات من خلال الأُسس والضوابط والمَعايير المتمثلة في الإنسان والمساحة والقدرة على تَحَمُّل المصروفات وتقديم الخدمات(.
عندما يكون الفهم العام أنّ تقليص المحليات يُخفِّض المصروفات، فإنّ ذلك يعني أنّ الوصول إلى )زيرو مصروفات( يعني إلغاء كل المحليات )زيرو محليات( وبهذا المنطق المعوج يجوز أن يكون مزيدٌ مِن تخفيض المصروفات قد يعني تخفيض الولايات نفسها.. وللوصول إلى زيرو مصروفات أيضاً يجدر أن يُطبّق مبدأ زيرو ولايات.. وتستمر لعبة الزيرو إلى أن تجعل الحكم والإدارة هو الزيرو من حيث المفاهيم والمُعادلة السّطحيّة.
إنشاء أيّة وحدة إدارية أو فنائها في أيِّ مُستوى.. من الولاية إلى اللجنة الشعبية.. أمرٌ مَحكومٌ بفلسفة الحكم والإدارة والقوام الهيكلي والوظيفي للدولة، ولا علاقة له بالمصروفات أو الإيرادات أو حتى المساحة وعدد السكان.
أجدني في أشد الحيرة من يتّخذ القرار بإلغاء أو دمج هذه المحلية بتلك.. في تقديري من هنا ينبع الخَلل..
حديث المدينة
عثمان ميرغني