تحقيقات وتقارير

ركود يضرب الأسواق انخفاض في الأسعار .. المواطن لم يلمس أثره

شهدت أسعار السلع واللحوم والخضروات انخفاضًا نسبيا، بعكس الفترات السابقة التي تصاعدت فيها الأسعار بشكل غير مسبوق، حيث توازت تلك الزيادات مع ارتفاع أسعار الصرف ما قبل الجنيه السوداني، وبلوغ التضخم إلى مستوى غير مسبوق، حيث وصل إلى نسبة 67%.

كل هذه العوامل ساهمت في ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمنتجة محلياً، إلا أن الأسواق عاودت الانخفاض نسبيا، وهو انخفاض لم يحسه المواطن ولم يلمس أثره.

انخفاض نسبي

كانت الكلمة الأبرز رداً على ارتفاع الأسعار هي (الدولار)، حيث شمل الارتفاع ما ينتج محلياً وما هو مستورد، ولكن الانخفاض الذي طرأ على السعر جعل التساؤل عن سر الانخفاض المفاجئ. (الصيحة) نفذت جولة في الأسواق وتعرفت على الأسعار القديمة والجديدة، حيث شمل الانخفاض غالبية السلع الأساسية والكمالية والمستوردة والمحلية، بجانب استقرار في سعر (الفول المصري) منذ أشهر. وعزا عدد من التجار استنطقتهم “الصيحة” ذلك الانخفاض إلى قلة السيولة المتداولة والإحجام عن الشراء من قبل المواطنين إلا للسلع الضرورية، مما أحدث ركوداً في حركة البيع والتجارة، من جانب آخر رأى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الانخفاض الذي تشهده الأسواق يعود إلى استقرار سعر الصرف بجانب العوامل الموسمية وعوامل الإنتاج.

السلع الأساسية

في بداية جولة “الصيحة” وقفنا على متجر أولاد الكريدة لصاحبه علاء الدين مسعود جوار موقف جاكسون، حيث قال إن الأسعار شهدت انخفاضاً كبيراً، خاصة السلع الأساسية حيث انخفض سعر جوال السكر زنة 50 كيلو إلى 970 جنيهاً بدلاً عن 1200 جنيه، والعبوة زنة 10 كيلو إلى 195 جنيهاً بدلاً من 250 جنيهاً، وتراجعت أسعار الزيوت، حيث أصبح سعر عبوة 36 رطلاً 940 جنيهاً بدلاً من 1250 جنيهاً، وشمل الانخفاض أسعار زيوت الشركات (صباح، الطيب، شمس)، وتراجعت أسعار ألبان البدرة بجميع أنواعها، حيث تباع ألبان البدرة كرتونة 2 كيلو وربع بسعر 1300 جنيه بدلاً من 1500، وكذا الحال مع عبوة لبن 200 جرام، حيث تراجعت إلى 50 جنيهاً بدلاً من 60 جنيهاً سابقاً، وانخفضت أسعار الدقيق زنة 50 كيلو إلى 650 جنيهاً بدلاً من 1200 جنيه، وسعر الباكيت التعبئة إلى 220 بدلاً من 250 جنيهاً.

تراجع عام

انخفاض الأسعار لم يقتصر على السلع الأساسية فقط، بل تعداها إلى اللحوم الحمراء والبيضاء والخضروات، وبلغ سعر كيلو الفراخ (80) جنيهاً بدلاً من (100) جنيه، وتراجع سعر لحم الضأن إلى (220) بدلاً من (250) والعجالي إلى (140) بدلاً من (150) جنيهاً، وانخفضت أسعار البيض 50 ـــ60 ــ 70 جنيهاً بحسب أسعار المزارع بعكس السعر القديم الذي تراوح بين 90 ــ 100 جنيه.

بجانب ذلك شهدت أسعار صابون الحمام انخفاضاً ملحوظاً، حيث تراجع سعر البكت من 1720 جنيهاً إلى 900 جنيه، وشهدت أسعار المشروبات الغازية انخفاضاً طفيفاً وتراجع سعر صندوق المشروبات 350 مل إلى (100) جنيه بدلاً من (120) جنيهاً، حيث أصبح سعر الزجاجة 5 جنيهات بدلاً من 6 جنيهات، وتراجع سعر البكت من المشروبات الغازية 2 لتر إلى 160 جنيهاً بدلاً من 200 جنيه ليصبح سعر الزجاجة 2 لتر 26 جنيهاً بدل 35 جنيهاً.

أسباب الانخفاض

تباينت الآراء في مسببات انخفاض الأسعار بين استقرار سعر الصرف والركود العام، ورأى الخبير الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان، خلال حديثه لـ(الصيحة) أن الانخفاض الذي تشهده الأسواق يعود لعدد من الأسباب منها استقرار سعر الصرف مقابل الجنيه السوداني خلال الفترة الأخيرة، بجانب العوامل الموسمية، ووأوضح الفاتح أن أسعار الخضروات تنخفض في شهر 12- 1- 2، وتشهد أسعار اللحوم ارتفاعاً ملحوظاً في فصل الخريف بسبب قلة الوارد من مناطق الإنتاج.

وأشار الفاتح عثمان إلى أن انخفاض الزيوت خلال هذه الفترة يعود إلى بداية موسم الإنتاج، مع فترة التخلص من الإنتاج القديم مما يسهم في انخفاض الأسعار.

أما بالنسبة لسلعة السكر، قال الاقتصادي الفاتح إن أسعار السكر تشهد هبوطاً عالميا،ً ونسبة انخفاض تصل إلى 30%، مؤكداً على أن أسعار السكر في السودان مرتفعة جداً مقارنة بالبلدان الأخرى، حيث يفترض ألا يتجاوز سعر الجوال زنة 50 مبلغ 600 جنيه بحسب الأسعار العالمية، مشدداً على أن الأسعار في السودان مقارنة بالدول الأخرى ما زالت عالية، حيث ترتفع الأسعار في السودان عن البلدان الأخرى بنسبة 50-70%.

ضعف الرقابة

بالرغم من أن الأسعار العامة للسلع واللحوم والخضروات شهدت انخفاضاً نسبيا، إلا أن كثيراً من المواطنين لم يحسوا ذلك الانخفاض، ويعود ذلك لضعف الرقابة على الأسواق بجانب الجشع الذي يلازم الكثير من التجار مما جعل الأسواق تعيش فوضى كبيرة.

ورأى الخبير الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان خلال حديثه مع (الصيحة) أن الأسواق السودانية تشهد فوضى كبيرة، وأن هنالك حاجة ماسة لمراجعة أسعار الصادر والوارد وتنظيم عملية الاستيراد والوصول إلى حقيقة سعر الوارد، وأشار الفاتح إلى أن هذه المهمة تحت مسؤولية وزارة التجارة، مشدداً على أن الأمر يحتاج إلى إصدار قوانين وتعديل قوانين أخرى. وعن تأثير تلك الفوضى على الحياة العامة، قال الفاتح عثمان أن ظاهرة الفوضى أضحت سمة عامة خاصة التي تشهدها المواصلات العامة داخل الخرطوم، حيث أثرت فوضى المواصلات على الشرائح العمالية والطلابية، مما أثر على الاقتصاد الوطني وأنهك موارد البلاد.

نتائج إيجابية

توقع المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي، أن تشهد الفترة المقبلة نتائج إيجابية نسبية على الأسواق بالبلاد، وقال: لكننا نحتاج لسنوات لتقوية موقف الاقتصاد المحلي كلياً ورفع الإنتاج وتعزيز حجم الصادرات بما يمكن من جلب المزيد من العملات الحرة، ويقول إن ذلك هو الضامن الأقوى لاستقرار موقف العملة الوطنية، أي أن تكون الصادرات جيدة مع تقليل حجم الواردات، إما بالاستغناء عن الكماليات أو بالاتجاه لتصنيعها محليًا. ويقول: ما يزال الوقت مبكراً للتنبؤ بانخفاض كبير في أسعار السلع قبل التأكد من ثبات سعر العملة المحلية لمدة طويلة أمام العملات الأجنبية.

الخرطوم: محمد أبوزيد كروم
صحيفة الصيحة