افرحوا بهذا الخصم
من حيث لا يدري ساق الله رزقاً للمؤتمر الوطني، فإعلان (26) حزباً وحركة سياسية في الداخل عن تحالف سمي (تحالف قوى 2020م) لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة بعد عام ونصف تقريباً، هو بمثابة تحدٍ إيجابي للمؤتمر الوطني الذي يفرض عليه واقع الحال بقيام هذا التحالف أن يكون هناك منافسون حقيقيون له، يعطون الانتخابات المقبلة حيوية دافقة وحماساً كبيراً وتفاعلاً قوياً ومشاركة أوسع، وسط شكوك بعدم مشاركة المعارضة بالخارج في هذه الانتخابات، رغم تصريحات صدرت من قبل عن بعض قيادات ورموز المعارضة السياسية والمسلحة برغبتهم في خوض الانتخابات في أبريل 2020م.
> مع اختلاف تقييم وتقديرات المجموعة الجديدة وهدفها المعلن في خوض الانتخابات كتكتل انتخابي يتألف من قوى سياسية متنوعة تتفق على الحد الأدنى من البرامج والأهداف، فإن المؤتمر الوطني ظل بحاجة إلى من ينازله في الساحة السياسية ويصارعه داخل حلبة السباق الانتخابي، فهو كحزب حاكم سئم من الفوز السهل، وتكاد قاعدته تتعود وتتكلس في مكانها لثقتها العالية في حزبها واكتساحه الانتخابات وهو يحمل معه رصيد ثلاثين عاماً إلا بضعة أشهر، وهو رصيد لا يُستهان به، لكن مع مرور الزمن ظهرت أمراض الشيخوخة السياسية على الحزب الحاكم الذي في حاجة إلى تدفق الدماء من جديد في عروقه والإحساس بالتنافس ووجود غرماء سياسيين ينازلونه بكل قوتهم لينتزعوا منه السلطة.
> وأعلن هذا التحالف الأربعاء نهاية الأسبوع الماضي من أحزاب شاركت في الحوار الوطني، فهي إما أحزاب انسلخت قياداتها مسبقاً من المؤتمر الوطني أو حركات اختارت السلام وتحولت لأحزاب مسجلة، أو تنظيمات صغيرة انشطارية وبعضها جزئيات حزبية تشبه الكائنات الدقيقة وجلها أحزاب الرجل الواحد، لكنها في كل الأحوال بتوحدها وتجمعها لهدف انتخابي ستكون قوة لا بأس بها، وستمتلك صوتاً مدوياً في الساحة السياسية، وهذا التحالف تطوير لتحالف سابق سمي (تحالف القوى الوطنية) ثم (قوى المستقبل) و (قوى الاصطفاف الوطني)، وكونه يشبه قوس قزح من الأطياف السياسية في صورته العامة، إلا أنه متنافر التكوين والإيقاع ولم يستقر على مسطح متين من الثقة الداخلية، لكنه تحالف في نهاية الأمر.
> على المؤتمر الوطني أن يفرح ويسعى لتهيئة المناخ التنافسي الانتخابي ليكون ساخناً فوَّاراً موَّاراً بالحركة، فهو أمام خصوم بعضهم مارس واحترف العمل السياسي ويعرف أين يعض الحزب الحاكم، وليس خافياً أن قواعد المؤتمر الوطني وشعبيته تحتاج إلى مراجعات وتفعيل مع عملية إعادة البناء التي درج عليها الحزب سنوياً خاصة في الفترة التي تسبق الانتخابات، هناك تحولات سياسية واجتماعية ضاغطة، وتتيح حالة الانفراج والانفتاح السياسي وقيام وتسجيل الأحزاب وقانون الانتخابات الذي سيجاز قريباً، فرصاً كبيرة للناشطين السياسيين والأحزاب، وللشخصيات ذات الثقل والوزن الشعبي أن تتموضع حزبياً وانتخابياً وتنافس الحزب الحاكم، فإذا لم يجتهد هذا الحزب الكبير ويعجم كنانته وينثر عيدانه ويختار أمرَّها عوداً وأصلبها مكسراً ويلقي بها في أتون الحرب السياسية والانتخابية القادمة، سيكون الفوز عليه عسيراً ومتعثراً.
> ثم ماذا سيكون الحال لو قررت كل أحزاب المعارضة والحركات المتمردة في الخارج والمنضوية تحت مسمى (نداء السودان) وغيرها، خوض الانتخابات والدخول في تحالفات وتكتلات انتخابية..؟ ستكون المنافسة قوية والحرب السياسية طاحنة والتحدي كبيراً، وما أحوج الحزب الحاكم بكل تاريخه وأرصدته السياسية إلى من يشعره بقوة أعدائه وخطورة منافسيه، فمتى ما شعر بذلك شمَّر عن ساعديه وجدد دماءه، واستدعى مكامن قوته وتحرك أفقياً ورأسياً، وتصالح مع قطاعات الشعب، واهتم بتفعيل وتحسين الأداء الحكومي، وحقق الكثير من الإنجازات التنموية والخدمية، وفعل شيئاً في معاش الناس ووضع أرجلهم على طريق العيش الرغيد.
> ولذا.. سيجد المؤتمر الوطني في هذه الخطوة التحالفية الجديدة رزقاً عظيماً وهديةً ثمينةً، فهي أيقظته من شعوره بالتخمة السياسية والثقة المفرطة واللامبالاة، وسينتبه أكثر للقوى الاجتماعية التي باتت تؤثر في مسار السياسة، وستجعل مؤسسات الحزب ماكينات تعمل ليلاً ونهاراً في تنفيذ البرامج والإصلاحات التي وعد بها الحزب من قبل، لقد أهدى التحالف الجديد للمؤتمر الوطني تحدياً كان يحتاجه، وأسدى له خدمة ستحركه وتدفعه نحو الانتخابات بروح جديدة… فلا تحسبوه شراً وهو خير لكم.
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
تتحدث عن أحلام يا الرزيقي !!!!!!!!!! نحن كشعب لا نثق في كل السياسيين معارضة وحكومة، نريد حكومة تكنوقراط، السياسيين فاشلين وجشعين وغير أمينين، وما عندهم برامج سوى المنفعة الخاصة، أما المصلحة العامة فلا أحد يعمل من أجلها لا حكومة ولا معارضة، ريحونا بالله !!!!!!!!