نافذون في قبضة القانون.. من السلطة إلى ردهات السجون
بالحكم الذي صدر أمس من محكمة جهاز أمن الدولة في قضية مدير دائرة الأمن السياسي السابق بجهاز الأمن والمخابرات السوداني، عبد الغفار الشريف، في تهمة استغلال النفوذ بالسجن سبع سنوات، وفي تهمة السلوك غير اللائق المادة (71) بالغرامة، والذي بدأت جلسات محاكمته في يوليو الماضي. ولا يكون بذلك الحكم المسؤول الوحيد الذي ترجّل عن منصبه بحكم التهم الموجهة لهُ، ليُواجه أحكامًا قضائية. أسماء عدّة رصدتها (السوداني) بعضها تنقلت بين السجون وأخرى مثلت أمام القضاء وغيرها تمت تبرئتها، وأخرى لبث وقتًا بين جدران السجون.
بطبيعة الحال تكتسب القضايا أهميتها، وتنال حظها من التداول وفقًا للأسماء المرتبطة بها. ولعل أبرز قيادات الإسلاميين الذين قبعوا بين جدران السجون في أوقات متفاوتة هو عراب الإنقاذ الراحل د.حسن الترابي الذي أصبح معارضًا للحكومة بعد حل البرلمان عام 1999م، وشكل مع عضوية حزبه المؤتمر الشعبي في يونيو 2001م. الترابي لم يمثل أمام المحاكم لكنهُ لازم جدران السجن لسنوات، حيثُ اعتقل في العام 2001م لتوقيع حزبه مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية، ثم اعتقل مرةً أخرى في مارس 2004م بتهمة محاولة الانقلاب على السلطة، فيما تم نقلهُ في أواخر أبريل من العام 2005م من معتقله الانفرادي بسجن كوبر إلى منزل حكومي بكافوري في إقامة جبرية.
وفي يناير من العام 2009م تم اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية على خلفية تصريح أدلى به الترابي، مطالباً بالتعامل مع الجنائية الدولية. أما آخر اعتقالات الرجل فكانت مساء الـ 15 من مايو 2010م. ورجحت تقارير إعلامية وقتها أن يكون اعتقاله عائداً لصِلاته المزعومة بحركة العدل والمساواة في دارفور؛ فيما نفى الترابي وقتها أيّ صلة له بالحركة، كما كشف وقتها قيادي بحزبه عن زيارة غير رسمية كان يُنتظر أن يقوم بها الترابي إلى ألمانيا، وقال مرجحًا أن تكون أحد أسباب اعتقاله.
الزعيم الثائر
في أواخر نوفمبر من العام 2017م، أعلنت قوات الدعم السريع اعتقال رئيس مجلس الصحوة موسى هلال في معقله بشمال دارفور. وعارض هلال وقتها حملة جمع السلاح غير المصرح به، التي أعلنت عنها السلطات، وتم تنفيذها في ولايات دارفور وكردفان. ورفض هلال تسليم السلاح معللًا ذلك بأن قواته جزء من الجيش السوداني بعد قرار تقنينها تحت مسمى “حرس الحدود”. وخضع هلال لمحاكمة عسكرية في مايو من العام الجاري، وأعلن وقتها وزير الدولة بوزارة الدفاع علي محمد سالم عن بدء محاكمة هلال في محكمة عسكرية في جلسات سرية. ويواجه هلال تهم التمرد على النظام الدستوري والاشتراك في مهاجمة قوات حكومية، كما يواجه تهماً تحت المواد 130/139 من القانون الجنائي المتعلقة بالقتل العمد والأذى الجسيم.
بوابات القضاء
ومن جدران السجون إلى قيادات مثلت أمام المحاكم مُشكّلةً قضاياها وقتها صدى لدى الرأي العام، ومنها القيادي بالمؤتمر الوطني المدير الأسبق لهيئة الإذاعة والتلفزيون والمستشار السابق لرئاسة الجمهورية محمد حاتم سليمان، الذي أوقفته نيابة الأموال العامة قبل عامين في تجاوزات مالية بناءً على تقرير ديوان المراجع العام. وفي العام 2017م أصدرت المحكمة العليا حكمًا نهائيًا بتأكيد براءة مدير التلفزيون السابق محمد حاتم سليمان، وقررت شطب كل التهم الموجهه إليه، كما قررت إلغاء حكم محكمة الاستئناف التي ألغت في وقتٍ سابق قرار محكمة الموضوع ببراءته. وكانت محكمة الاستئناف قد ألغت في 26 فبراير قرار محكمة الموضوع بحماية المال العام، ببراءة محمد حاتم سليمان من تهمة مخالفة قانون الشراء والتعاقد ولائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، حيثُ جاء قرار محكمة الاستئناف بعد أن رفعت لها نيابة الأموال العامة طعناً ضد قرار محكمة الموضوع القاضي بشطب التهم في مواجهة سليمان.
ومن قيادات بارزة إلى قيادات أخرى بالحزب الحاكم حيثُ أصدرت محكمة جنايات الخرطوم شمال في منتصف العام الجاري حكمًا بالسجن شهرين والغرامة (50) ألف جنيه، وبالعدم السجن ستة أشهر أخرى في مواجهة مُطلق الشائعات القيادي بالمؤتمر الوطني المدان بإطلاق شائعة القبض على قتلة أديبة فاروق عبر تسجيل صوتي بثه في الواتساب.
اتهامات بالفساد
لم يكن الحديث عن توجيه التهم بالفساد بالأمر المتداول علنًا أو متاحًا للرأي العام خاصةً حين يتعلق بقيادات في الحزب الحاكم. ووفق تقارير إعلامية نقلت خمس قضايا ضد مسؤولين حكوميين من السر إلى العلن، حيث وجهت أصابع الاتهام لقادة معروفين وذلك في العام 2014م أبرزها قضايا تعلقت بتجاوزات مالية وفنية وقانونية، أدت لإدخال بذور قمح فاسدة وغير مطابقة للمواصفات إلى البلاد وتوزيعها على مشروعي الجزيرة والرهد الزراعيين، مما أخرجهما من دائرة الإنتاج.
وكان أبرز المتهمين في القضية التي بلغت قيمتها نحو عشرة ملايين يورو، وأدت إلى فشل الموسم الزراعي عام 2008 وزير الزراعة وقتها عبد الحليم المتعافي قبل أن تبرئة إحدى المحاكم.
قضيةٌ أخرى وفق تقارير تعلقت بحصول رئيس المحكمة الدستورية عبد الله أحمد عبد الله ووزير العدل السابق عبد الباسط سبدرات ووكيل وزارة العدل السابق عبد الدائم زمراوي على مبالغ مالية لتحكيمهم في نزاع بين الشركة السودانية للأقطان وإحدى الشركات الخاصة المملوكة لأحد مسؤولي شركة الأقطان نفسها، فيما أدى كشف تداول الأمر إلى استقالة رئيس المحكمة الدستورية قبل أن يأمر وزير العدل النائب العام باستعادة الأموال التي حصل عليها المحكمون، مع إعادة القضية للمحكمة من جديد.
قيادات بارزة
في أواخر يونيو من العام 2013م كانت محاكمة وزير الإرشاد السابق أزهري التيجاني، والطيب مختار الأمين العام للأوقاف السابق، وخالد سليمان، أمين الأوقاف بالخارج السابق في محكمة جنايات الخرطوم شمال. وكانت المحكمة عقدت جلسة إجرائية على خلفية بلاغات من نيابتي المال العام والثراء الحرام ضد المتهمين المذكورين بتهم تبديد المال العام والثراء الحرام وبصدور تبرئة المذكورين آنفًا في أواخر 2013م أسدل الستار على أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام حيثُ شطبت محكمة الخرطوم شمال الدعوى في مواجهة المتهمين الـ(3) في قضية الأوقاف التي كشفها تقرير المراجعة العامة للعام 2009، وذلك لانعدام بينة مبدئية وصدر الحكم استنادًا على المادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية.
أما في منتصف مارس من العام 2013م، بدأت محاكمة عسكريين متهمين بالتورط في محاولة انقلابية كان أبرزهم مدير جهاز المخابرات الذي تمت إعادتهُ إلى منصبه مؤخرًا الفريق صلاح عبد الله قوش وأفرجت عنهُ السلطات في يوليو من ذات العام بعفو رئاسي.
الخرطوم: إيمان كمال الدين
صحيفة السوداني.