حل الحكومة (حسابات جديدة)
-1- أخيراً فعلَتْ رئاسة الجمهورية، بكُلِّ شجاعة، ما كان مُنتظراً منها منذ فترة، حتى كاد أن يُصاب الناس باليأس.
المُنعطفات الحرجة، والظروف الصعبة، تحتاج إلى قرارات قويَّة وشُجاعة، تُقدِّم مصالح الكُلِّ على البعض، والمجموع على الأفراد.
خطاب الرئيس عمر البشير في العيد الماضي، أضاء الإشارة الصفراء، ومهَّد لهذه القرارات وفرش لها الطريق؛ حينما أشار الرئيس بوضوح لضرورة إحداث تحوُّلاتٍ جوهريةٍ وتغييراتٍ جذريَّة في هيكلة الدولة على المستويين الاتحادي والولائي.
وربط البشير بين ذلك التغيير وضرورة المُزاوجة بين الفاعلية الحكومية في الأداء، وتوسيع المُشاركة مع ترشيد الإنفاق.
-2-
كان من الضروريِّ حلُّ الحكومة القائمة، التي لم يَجْنِ منها الشعب السوداني سوى الفشل والمُعاناة في سبل الكسب الكريم؛ فضاق الرزق وصعب العيش، وبلغ الغيظ الحناجر.
حكومة مُترهِّلة، بطيئة الحركة، قليلة الإنجاز، ضعيفة الإحساس بواقع الناس ومُعاناتهم.
ظللنا نكتب أن مُشكلة غالب أجهزة الحكومة، ضعف الفاعلية وبطء اتخاذ القرار، والتَّراخي في مُعالجة المُشكلات، قبل أن تتحوَّل إلى أزمات، واحتواء الأزمات قبل أن تصبح كوارث.
وقلنا إن غالب الوزارات مُثقلةٌ بوزراء قليلي الكفاءة بطيئي الحركة، مقدرتهم على الاستقراء محدودة وعلى الفعل شحيحة.
جاءت بهم روافع الإرضاء وحسابات المُحاصصات، وليست لديهم رؤية ولا إرادة، إلا في حُدود تحقيق مصالحهم قبل مغادرة المقعد.
-3-
ولأكثر من مرَّة ذكرنا: لا الحركات المسلحة ولا أحزاب المعارضة، تُمثِّل مصدرَ خطرٍ على استمرار الحكومة وتماسُك الدولة.
الخطر الأكبر هو الترهُّل السياسي والقصور الإداري، وضعف منظومة النزاهة التي تُعاقب على الأخطاء وتكتشف الأكاذيب وتردع المُتلاعبين بقوت الشعب.
ولا خيار متاح أمام الحكومة، سوى استعادة ثقة المواطن عبر إصلاحاتٍ جذرية عميقة، بتغيير السياسات والمناهج، لا الوجوه والأسماء فقط.
الأمر لا علاقة له بضعف الموارد، ولا قلة الإمكانيَّات.. دولٌ كثيرةٌ مواردها أقل من السودان، وإمكانياتها أضعف، ولا تُعاني مما نُعاني من أزمات بدائية شائهة.
وختمنا عمودنا قبل أسبوع والذي جاء تحت عنوان (دعوة للرشاقة) بضرورة تنفيذ برنامج حمية صحية تُخفِّف عن جهاز الدولة ما يحمل من دهون وأثقال، لتُصبح الحكومة رشيقة وخفيفة، يتساقط عنها الصدأ ويُزهر فيها المعاش الكريم.
حكومة قادرة على سرعة الحركة ودقة الإنجاز وكفاءة الأداء، حتى ينتهي عهد اختباء قصار الموهبة، في زحام رابطي العنق وحاملي العصي اللامعة الجوفاء.
-4-
وحتى لا نكون من الظالمين، صحيحٌ أن كُلَّ تلك المثالب تنطبق على الحكومة المحلولة، لكنَّ كثيراً من الأخطاء والخطايا، جاءت مُرحَّلة إليها من حقبٍ سابقة.
لفترة زمنية طويلة، كانت حسابات الولاء والإرضاء هي المُحدِّد الأساسي لاختيار الوزراء، فتكاثرت الأخطاء، وتراكمت الأزمات، فكادت البلاد أن تُصاب بفشل كلوي مُزمن.
الآن الرئاسة تُعلن عن ابتدار نهج جديد، يُغلِّب الكفاءة على الانتماء، ومصلحة الجماعة الوطنية على طموحات الأفراد ورغباتهم.
-5-
المُلفت في اجتماع الرئيس البشير ليلة أمس، مع قيادات أحزاب الحوار الوطني، أن الجميع تراضوا على هذا النهج، وأثنوا عليه أمام كاميرات الفضائيات.
أكثر ما أخشاه، أن يكون هذا التأييد مُؤقَّتاً بالظرف وصدمة المُفاجأة؛ فما أن ينقلب القيادات إلى عضويتهم حتى تتغيَّر المواقف بتغيُّر المواقع، وتتبدَّل الألسن وتتلوَّن الأشياء، فيتحوَّل من كانوا حاكمين إلى مُعارضين، يبصقون على الإناء، ويعطسون في وُجوه القادمين!
وأكثر ما يجب أن تنتبه إليه الحكومة الجديدة، أن كُلَّ هذه التغييرات، لن تكون ذات جدوى وعظيم أثر، إذا لم تُغيِّر في حال المواطنين من سيِّئ إلى أحسن، وتُوفِّر لهم العيش الكريم.
وسيكون مقياس الرسم والمعيار وزن جنيهنا الحزين، أمام العملات ذات المقدار والاعتبار.
-أخيراً-
يجب أن تكون الحكومة الجديدة بمثابة إعلان عن انتهاء الدورة السياسية لسياسيين تعوَّدوا أن يقولوا دون أن يفعلوا، ويأخذوا دون أن يُعطوا.
يبيعون الأوهام والهجير للجماهير، ويقتسمون الظِّلَّ البارد والمناصب والغنائم والعيش الرغيد.
ضياء الدين بلال
لا فرق :-
ما بين الذي ( شالوهو ) من الحكومة ..
و بين الذي ( شالوهو ) في الحكومة ..
قوم لف انت ذاتك معاهم
لا فض فوهك أخي ضياء ، هذا هو بيت القصيد ، أتفق معك 100%
فقد أوفيت وكفيت ،،،