رئيس جمهورية الحُب : الإحساس بالجمال في ظل الظروف الاقتصادية الأخيرة أمرٌ صعبٌ!
*أستاذ إسحق.. هل تتّفق معي أنّ هناك أغنيات يُردِّدها بعض الفنانين وهي دُون المُستوى الجمالي من حيث المُفردات؟
نعم.. هناك أغنيات مثل (حرامي القلوب تَلّب) وغيرها من الأغنيات التي ردّدها الفنان طه سليمان وتمّ وصفها بالهابطة، لكن هُناك من ردّدوها ويُوجد من يحبون مثل تلك الأغنيات، والآن الفنان طه سليمان يُعتبر نجم السُّودان الأول.
* أنتم كشعراء بعيدون عن تناول قضايا المُواطن في أشعاركم؟
سُؤال.. كيف أكتب شعراً وأنا أستلم راتباً ضَعيفاً لا يفي مُتطلباتي في العِلاج والتّعليم؟ كيف أكتب وأنا لا أستطيع أن أؤمِّن مُستقبل أولادي؟ مَا يجب أن يعلمه الجميع نحن أيضاً نُعاني وأبسط حُقُوقنا كمُبدعين لا نتمتّع بها، لا بُدّ من الدولة أن تُهيئ للشاعر سُبُل العيش الكريم والدفء الأُسري، بعد تحقيق تلك الأمنيات على أرض الواقع فليطالبونا بعدها بأن نكتب كما يريدون.
هل وجد الشعراء الكبار نصيبهم في التكريم من الدولة؟
للأسف لم يجدوا.. من المُفترض أن يتم تكريم الشعراء وهم أحياءٌ وفي صمتٍ بدون كاميرات بدلاً من أن يتم تكريمهم وهم مُمدّون على فراش المرض لا يشعرون بقيمة ذلك التكريم، أتمنّى أن لا أعيش مثل هذه اللحظات مثلما ما حَدَثَ مع شُعراء كبار رحلوا عن دنيانا وقام بتشييعهم أشخاصٌ يُحسبون على أصابع اليد.
أغلب الدول تُحافظ على حُقُوق المُبدع وتُقيِّمه بأن تمنحه حقه كاملاً بالاحتفاء والتقدير.. ما رأيك؟
مَأساتنا أنّنا نُقدِّم الجمال وكان يجب على الدولة أن تُطيِّب خاطر المُبدعين وتحفظ أسماءهم وتُقدِّرهم، إلا أنّ هذا الأمر مَفقُودٌ بالنسبة لنا هنا في السودان، وأقرب مثال الشاعر الراحل حسين بازرعة مُبدعٌ لم يجد تقديره حتى وفاته، وكنت أتمنّى أنّ شاعراً مثل بازرعة أن يُقام له تمثال في مدينته بورتسودان تخليداً له ولدوره في إثراء الوجدان.. عندما مات الشاعر نزار قباني نُكست كل الأعلام في سوريا حِدَادَاً عليه.
مثالٌ آخر لتقييم المُبدعين عندما أمر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أن يُقام تمثالٌ للشاعر مظفر النواب في قلب بغداد بالرغم من أنّه كان يُهاجم صدام حسين، وعندما سألوه كَيف تَأمر بإقامة تمثال له وهو كان يُهاجمك؟ أجابهم صدام حسين: (كان يحب بغداد ولا بُدّ أن يجد تقديره).
إذاً هناك ثمة رسالة تريد أن تُوجِّهها لوزارة الثقافة؟
نعم.. رسالتي لوزير الثقافة الأخ الطيب حسن بدوي مفادها دُموع الشُّعراء في حوجة لمُبدعٍ ليمسحها، لأنّه يُوجد مُبدعون عمالقة يرحلون في صمتٍ غريبٍ وإذا أراد شخصٌ منا قراءة الفاتحة على قبر واحد منهم لا يجده، لذا أدعو وزارة الثقافة أن تُشكِّل إدارة جماعية تبحث حُقُوق الشُّعراء المَظاليم الذين يعطون الجمال بلا مُقابل.
الشعراء والفنانون.. مَن المُستفيد؟
الشعراء بالرغم من أنّهم هُم من يُقدِّمون الإبداع للفنان، إلا أنّهم مظاليم.. والفنانون هم المُستفيدون لأنّ الفنان يأخذ الملايين والشاعر نصيبه الفتافيت..!
أغنية لو رجع بك الزمان للوراء لن تكتبها؟
أبداً لم أكتب أغنية ندمت عليها طوال حياتي، لأنّ لحظة الكتابة هي لحظة تجلٍ يكون الإبداع فيها حَاضراً أمام عينيك لتكتب بإحساسٍ صادقٍ.
*عندما كتبت أغنية (المُشكلة) التي تغنّى بها الفنان جمال فرفور أحدثت ضجّة وأدخلتك في مُشكلة مع الكثيرين بأنّها لا تشبه قصائدك المُغناة؟
بالفعل عندما كتبت أغنية (المُشكلة) أحدث البعض بسببها ضجّة كبيرة بأنّها لا ترتقي لمُستوى كتاباتي التي ردّدها كبار الفنانين، فيما أشاد بها الشاعر الكبير هاشم صديق ووصفها بالجَميلة وهي بالنسبة لي أشبه بالفراشة أو العصفورة.
هل أثّرت هجرتك لسنواتٍ طويلةٍ بدولة الإمارات على منتوجك الإبداعي؟
الفنان الراحل محمد وردي كان له دورٌ أساسيٌّ في أن يستمر ويستقر غنائي في أعماق الناس بدليل أنّ أغنية (أقابلك) التي تغنّى بها مُحمّد وردي كتبتها أثناء تواجدي في الغُربة بالإمارات، حيث التقى بي وردي هناك وتغنّى بها ثُمّ وصلت السُّودان وكانت من أجمل الأغنيات، وأغلب الغناء الذي كتبته كان في الغربة.
خلال الفترة الماضية ظلّلت علاقتك بالفنان محمد الأمين غمامة خلاف.. هل انقشعت؟
كانت غمامة وزالت بحمد الله، والآن فرغت من كتابة أغنية بلونية الفنان محمد الأمين، واحتمال كبير يكون بيننا تعاونٌ في القريب.
حوار: محاسن أحمد عبد الله
صحيفة السوداني.