ماذا تريد (بثينة) من السودان؟!
* كتبت الاعلامية والاكاديمية البحرينية (بثينة خليفة قاسم) مقالا تعُبِّر فيه عن سعادتها البالغة بزيارة الرئيس المصرى (عبدالفتاح السيسى) للسودان ولقائه بأخيه (البشير)، من منطلق أن أى خلاف أو نزاع بين البلدين لا يصب فى مصلحة الأمة العربية التى أُثخنت بالجراح، ولم يبق فى جسمها مكان لم تطاله معاول الهدم والخراب التى يستخدمها أعداء الأمة والطامعين فيها دوليا وإقليميا لإثخانها بالجراح، وإشعال الحرائق فى أطرافها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، والتى إذا اشتعلت بين مصر والسودان تكون قد وصلت الى قلب الأمة، وسينتهى كل شئ!!
* وتبرر الكاتبة حديثها بأنه إذا كانت كوريا الشمالية والجنوبية قد أعلنتا استعدادهما الكامل لطى صفحة الماضى الأليم، ونسيان دماء مئات الألوف التى روت الأرض الكورية خلال حرب الكوريتين، فلماذا لا يفتح البلدان العربيان صفحة جديدة، ويقطعان الأيدي التي تصطاد في الماء العكر ولا تريد الخير لكليهما، خاصة انه لا يوجد بينهما قتلى ودماء، أو أى شئ آخر سوى أسافين أعداء الأمة التي تسعى إلى دق مسمار جديد في نعش الأمة العربية.
* وتتوقع أن يرد عليها (السودانيون) بغضب، ويخرجوا بألف دليل ودليل، وبألف مظلمة ومظلمة بأن مصر اساءت الى السودان وأضرت بالسودان، وان الإعلام المصري فعل كذا وكذا ضد السودان، وتضيف: “مع كل الاحترام لما يحمله أبناء السودان أو بعض أبناء السودان من مشاعر تجاه مصر وأهلها، فانني أقول لهم: سواءً كانت هذه المشاعر قائمة على أساس أو على غير أساس، فكل شيء قابل للحل، وبما أن المصالح هى الأساس فى العلاقات الدولية، فمن مصلحة مصر والسودان أن تكون بينهما علاقات طيبة”. إنتهى!!
* قبل الرد على الأخت (بثينة قاسم) لا بد أن ازجى لها الشكر على الاهتمام بالقضايا السودانية التى درجت على تناولها من حين لآخر، (خاصة فيما يتعلق بعلاقاته مع مصر ودول الخليج)!!
* غير أن المتابع لما تكتبه عن السودان، يلحظ أنها لا تبدى مشاعر السعادة، أو تتحدث عن (الوحدة ونبذ الخلاف) إلا عندما يُسلِّم النظام السودانى رقبته للحلف المصرى السعودى التى تؤيده، بينما تنسى كل ذلك وترفع السيف على السودان، عندما يحاول النظام التقرب من الحلف التركى القطرى، وكأن قدر السودان أن يكون عبدا تابعا لأحد الطرفين، أما إذا كان حر القرار فهو ما لا يُرضى (بثينة) وغيرها من العرب، وفى كتاباتهم ما يدل على ذلك!!
* صحيح ان “المصالح هى الأساس فى العلاقات الدولية، ومن مصلحة مصر السودان أن تكون بينهما علاقة طيبة” ــ كما قالت (بثينة) ــ ولكن كيف يمكن فهم هذا القول تحت ظل أفكار خاطئة لا تفارق اذهان المصريين، حتى أكثرهم تعليما وثقافة وموضوعية، بأن السودان يجب أن يكون تابعا لمصر، أو فى أحسن الأحوال (حديقة خلفية) له، إعتمادا على معطيات تاريخية رسخت فى عقول المصريين بشكل خاطئ أن السودان كان جزءا من الدولة المصرية أثناء ما سمى بـ(حقبة الحكم الثنائى البريطانى المصرى للسودان) فى الفترة بين 1998 ـ 1956، بينما كانت الدولتان، فى حقيقة الأمر، واقعتين تحت السيطرة البريطانية، ولم يكن لمصر أو لمن كان يُطلق عليه لقب (ملك مصر والسودان) أى سلطة على السودان، ولا حتى على مصر، وانما كانت كامل السلطة فى البلدين للمستعمر الإنجليزى، يفعل بهما ما يشاء، إلا أن المصريين يظنون انهم كانوا اسيادنا، ويجب أن نعود عبيدا لهم !!
* دعك سيدتى من الفهم المصرى الخاطئ للسودان، فبماذا نفسر وكيف نفهم حديثك عن روابط أخوية ومصالح مشتركة بين دولتين تحتل إحداهما أراضى دولة أخرى، وترفض رفضا مطلقا اللجوء للتفاوض أو التحكيم الدولى لإنهاء هذا الوضع، إعتمادا على قوتها، بينما يتقاعس النظام الفاسد الذى يحكم الأخرى عن إسترداد حقها، ويقبل بهذا الوضع المذل، بل ويستقبل رئيسه رئيس الدولة المحتلة استقبال الفاتحين؟!
* لا ننكر أن لمصر فضلا على السودان فى كثير من الجوانب على رأسها التعليم، وإن لم يكن هنالك سواه فهو كاف للإعتراف بفضل مصر علينا، كما أننا نفهم جيدا أنها الأقوى، ولكن هل يعنى ذلك ان ننسى حقوقنا، ونتنازل عن ارضنا وكرامتنا ومصالحنا، ونركع تحت قدميها؟!
* وعليك أن تفهمى، أختى الكريمة، أن لنا أيضا افضالا على مصر، فى زمن الحرب وفى زمن السلم، كفتح الأراضى والأجواء السودانية للقوات المصرية فى حروبها ضد إسرائيل، والتضحية بأراضٍ سودانية عزيزة علينا وإغراقها بالماء لتنعم مصر وسكانها بالماء والكهرباء وخيراتهما بتشييد السد العالى، بالاضافة الى رفدنا لاقتصاد مصر بالعملة الصعبة سواء من السياحة بمختلف انواعها، أو فتح الاسواق السودانية أمام المنتجات المصرية بميزات تفضيلية على غيرها..إلخ!!
* أخيرا أقول لك، بأننا لا نأمل خيرا فى النظام الفاسد الذى يحكمنا ويتحكم فى إرادتنا منذ حوالى ثلاثين عاما، فلقد دمر بلادنا وسرق حياتنا ونهب خيراتنا، ومرغ سمعتنا فى التراب بضعفه وهوانه وخنوعه (للى يسوى وما يسواش) فى سبيل تحقيق مصالحه الشخصية ورفاهية أفراده، على حساب السودان وأهل السودان ومصالح السودان وكرامة السودان، ولا يهمنا كثيرا أو قليلا أن يتصالح مع هذا النظام أو ذاك، أو هذا الحلف أو ذاك، لأنه لا يفعل ذلك إلا لتحقيق مصالحه فقط، وليس مصالح السودان، كما تعتقدين أو تريدين !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة
عداك العيب يا زهير
مقال في الصميم ولكن أين شرفاء بلادي الذين يتفرجون على الحاصل
مقال رائع وواضح افصحت و ابنت
لك عاطر تحياتي