سياسية

الدستورية تشطب طعناً لرئيس حزب المؤتمر السودانى ضد جهاز الأمن

أصدرت المحكمة الدستورية قراراً يقضي بشطب الدعوى التي تقدم بها محامي الدفاع عن رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير و(11) آخرين من أعضاء حزبه ضد جهاز الأمن والمخابرات الوطني ووزارة العدل، وكان جهاز الأمن قد قام باعتقالهم في يناير الماضي بعد أن كان في طريقه لزيارة محمد نور تيراب رئيس المجلس الإقليمي للحزب بشمال كردفان المسجون بسجن مدينة سودري بموجب حكم قضائي في دعوى مرفوعة ضده من إحدى شركات التعدين.
وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات قرارها إنه بتاريخ 15 فبراير2018م رفع المحامي الشيخ حسن فضل الله هذه الدعوى نيابة عن المدعين وهم (عمر يوسف الدقير، محمد الحافظ محمود عثمان، صالح محمود، إقبال أحمد علي، الماحي سليمان، حنان حسن خليفة، عزالدين حريكة، بدرالدين خميس، سهير علي ضيف الله، شيماء إبراهيم الشيخ، إسراء إبراهيم الشيخ والطفل أحمد عبد الرحيم) وطالب المحامي في دعواه بحماية حقوق موكليه في الحرية الشخصية والمساواة أمام القانون، وجاء في شرح الدعوى الآتي، إنه تم اعتقال مقدمي العريضة من قبل جهاز الأمن والمخابرات المدعى عليه دون أسباب وحبسهم في مكان مجهول لأسرهم وفي ظروف ترجح مخالفاتها للدستور والقانون ولاتخضع لرقابة القضاء، مضيفاً أنه لم يسمح للمدعين بالاتصال بأسرهم لمعرفة ظروف وملابسات اعتقالهم ومدهم باحتياجاتهم وأغراضهم الضرورية ومازالوا رهن الاعتقال ولم يتم فتح دعوى جنائية في مواجهتهم او تقديمهم للمحاكمة مما يخالف المادة 29 من دستور السودان الانتقالي 2005م والمادة 31 من الدستور نفسه والمواد 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، 6 من الإعلان الأفريقي لحقوق الإنسان والمادة 6 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان بجانب المادة 5 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .
لاحظت المحكمة الدستورية أن أحد المدعين تطابق اسمه مع اسم مدعي في دعوى دستورية سابقة بالرقم 66/2018م رفعت ضد جهاز الأمن والمخابرات الوطني المدعى عليه في هذه الدعوى ولذات أسبابها، أعلن محامي المدعين للتوضيح ولم يمثل أمام المحكمة رغم إعلانه لجلستين .
بتاريخ 5/4/2018م رد المحامي العام عن حكومة السودان بواسطة المستشار العام حيدر محجوب علي بما يمكن تلخيصه في أن اعتقال الطاعنين نتيجة توفر معلومات لجهاز الأمن بمشاركتهم في التخطيط والإعداد لتجمهر ومظاهر تندد بسياسة الدولة، أضف الى ذلك إنه فور الاعتقال تم منحهم حقوقهم الدستورية بموجب المادة 51 من قانون الأمن الوطني 2010م، أيضاً لازالت التحريات جارية مع المدعين ولم تتجاوز مدة اعتقالهم المدة المنصوص عليها في القانون ، كما أوضح بأن الحق في الحرية والأمان المكفول بالمادة 29 من الدستور والمواد المماثلة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية المشار إليها جاء مقروناً بالشروط والأسباب التي يحددها القانون، كما لاتشتمل العريضة على مسألة دستورية صالحة للفصل فيها ذلك لأن جهاز الأمن المدعى عليه مارس سلطاته المكفولة له بقانون الأمن الوطني 2010م من قبض واعتقال ولم يطعن المدعون في دستورية مواد هذا القانون، لافتاً الى أن الدفاع خلص الى أن القانون يقر بحق المدعين الذين ينتمون الى أحزاب سياسية قائمة في التعبير عن آرائهم حول سياسات الحكومة قدحاً او مدحاً بشرط مراعاة القيود المحددة في الدستور والقانون لتجنب الدعوة الى الفتنة او العنف، ومن ثم تهديد الأمن القومي .
هذه الدفوع تشتمل على إنكار لبعض ادعاءات المدعين من حيث توفير الضمانات المنصوص عليها في القانون في الاعتقال وحقوق المعتقلين، وأخرى تتعلق بوقائع حول تاريخ الاعتقال عليه تقرر أن يعقب المدعون على هذه الدفوع وتم إعلان محاميهم للتعقيب ولم يفعل، وعليه نفصل في الدعوى بناءً على ما جاء في العريضة والرد عليها، فجوهر النزاع يتمحور حول إهدار حق المدعين في الحرية الشخصية المكفولة بالمادة 29 من الدستور والمواد المماثلة في المواثيق الدولية المشار إليها فية العريضة ونصت المادة 29 على : ( لكل شخص الحق في الحرية والأمان، ولايجوز إخضاع أحد للقبض او الحبس، ولايجوز حرمانه من حريته او تقييدها إلا لأسباب ووفقاً لإجراءات يحددها القانون) .
فالحرية الشخصية وفقاً لهذا النص لاتعني أنها حق مطلق لاترد عليه القيود غير أن الاعتداء عليها مشروط بأن يكون لأسباب ووفقاً لإجراءات قانونية وكما جاء في دفاع المدعى عليه بأن اعتقاله للمدعين كان لأسباب ذكرها وأن ممارسته لهذا الفعل مسنود بقانون الأمن الوطني 2010م الذي لم يطعن المدعون في دستوريته، وقد نصت المادة 24 و25 من القانون المذكور على اختصاصات الجهاز وسلطاته لتنفيذ هذه الاختصاصات ومنها القبض والحبس والتحري، غير أن القانون حدد مدد للحبس ومباشرة التحري يحال بعدها المعتقل للنيابة او يطلق سراحه، كما نص على حقوق المقبوض عليه او المعتقل في المادة 51 منه، وكفل للمعتقل الحق في اللجوء للمحكمة اذا ما تجاوزت مدة بقائه في الحبس المدة المحددة قانوناً وله حق الشكوى لوكيل النيابة المختص اذا لم تراعَ حقوقه في المعتقل .
لقد دفع المدعى عليه باختصاصه وفقاً للقانون لاعتقال المدعين وأوضح أسباب الاعتقال وعدم تجاوز المدة المحددة للتحرى وأنكر حرمان المدعين من حقوقهم المنصوص عليها في القانون مما يجعل الدعوى منازعة، ولم يعقب المدعون على هذه الدفوع رغم اشتمالها على وقائع ربما لصدور قرار رئاسي بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، ولكن هذا لايمنعنا من الفصل في الدعوى لأن مصلحتهم قائمة إذا ما أثبتوا مخالفة إجراءات اعتقالهم للقانون من حيث المدة، بل لم يشيروا في عريضة دعواهم الى تاريخ اعتقالهم كما لم يدحضوا دفاع المدعى عليه بعدم توفر حقوقهم القانونية في المعتقل، وعليه رأت المحكمة الدستورية أن المدعين لم يثبتوا دعواهم بإهدار حقهم في الحرية الشخصية ولا حقهم في المساواة أمام القانون، وأمرت بشطب الدعوى ووافق جميع قضاة المحكمة الدستورية على شطب الدعوى، وهم مولانا سنية الرشيد عضو المحكمة، مولانا عبد الرحمن يعقوب عضواً، مولانا بروفيسور حاج آدم حسن عضواً، مولانا سومي زيدان عضواً، مولانا الدكتور محمد أحمد طاهر عضواً، مولانا الدكتور محمد إبراهيم الطاهر عضواً ومولانا الدكتور وهبي محمد مختار رئيس المحكمة الدستورية

الانتباهة