هل هي صراعات أم تصفية حسابات؟!
منذ أن شنت الدولة الحرب على الفساد الفترة الماضية لم نعرف هل فعلاً الدولة تقوم بكشف الفساد والمفسدين أم هي صراعات داخل البيت الإنقاذي الواحد؟ أم هي تصفية حسابات؟ حتى الآن لم يتأكد لنا إلى أين تسير الأمور في ذلك؟ خاصة بعد أن تم اعتقال الكثيرين منهم وأطلق عليهم القطط السمان، ولكن رغم الترويج وما يجري فحتى الآن لم نسمع بشخصية كبيرة أغتنت وتم تقديمها إلى المحاكمة، مما يؤكد أن الذي يجري هو صراع، فهناك شخصيات تم التستر عليها، وهناك شخصيات قتلت إعلامياً قبل أن تدان أو تثبت براءتها، فالمال هو السبب الأساسي في كل الذي يجري، فأهل الإنقاذ أو الحركة الإسلامية لم يفكروا من قبل في المال بقدر ما كانوا يفكرون في الدار الآخرة، وحتى المشروع الإسلامي الذي قام بغرض تثبيت الدين وقيام دولة المدينة، وظلت الحركة الإسلامية تعمل من أجل ذلك ستين عاماً، إلى أن وصلت السُلطة، يظللها الطهر والنقاء، ولكن بعد أن اكتمل المشروع وبدأت السُلطة والمال يجري في الأيدي، تحول الناس من ملائكة إلى الذي نراه الآن، ولا ندري هل الذين اغتنوا هم فعلاً الإسلاميين الذين كانوا يفكرون في قيام السُلطة أو الدولة الإسلامية، أم أن هناك دخلاء هم الذين أفسدوا عليهم المشروع الذي كانوا يحلمون به منذ عشرات السنين.. إن الفساد الذي تجري الدولة لمحاربته طال الكثيرين من داخل البيت الإسلامي، ولكن هل هم حقاً أصيلين في العملية أم انتهازيين باسم المشروع، تغلغلوا إلى أن وصلوا إلى مآربهم المادية أو الشخصية التي انكشفت الآن وشوهوا بها على الآخرين، الإنقاذ فتحت الباب على مصراعيه للكل فدخلها أصحاب الغرض وأصحاب المصالح والدنيا، ووجدوا ضالتهم عندما خدعوا القيادة بهذا التدين الزائف والصلاة الكذوبة والصيام الذي ليس فيه غير الجوع والعطش وغرة الصلاة المصنوعة، وظلوا ينسجون حبالهم وشباكهم إلى أن وصلوا إلى مبتغاهم فأثروا ثراءً فاحشاً كله بالزيف والخداع، ولذلك الآن انكشف المستور، وبدأت الحرب بين الطاهرين والمخلصين وبين أولئك الفاسدين الذين خدعوا الكل، ولكن متى يتم تقديم أحدهم إلى حبل المشنقة أو إلى العدالة ليتأكد لنا فعلاً أن الحرب على الفساد حقيقة وليست حرب انتقام أو صراعات داخل البيت الواحد، فإذا نظرنا إلى كل الذي شابتهم الشبهات لم يكونوا من الأحزاب الأخرى المشاركة في السُلطة بل هم من البيت الإنقاذي، مما يؤكد أن أصحاب الغرض استغلوا الموقف إلى صالحهم، وإذا تم تجريدهم من اللباس الذي يرتدونه بعد الإنقاذ لتكشف الأمر بالنسبة لهم، فستجدونهم ليسوا أصيلين وإنما دفعت بهم الرياح إلى هذا البيت الذي حاول أن يأوي كل لاجئ، ولكن اللاجئين استغلوا سماحته وعاثوا فيه فساداً حتى كادوا أن يلوثوه.. فالدخلاء شنوا حرباً على الأصلاء وبدوا في التفتيت الداخلي وبدأت الصراعات والحفر، إلى أن فقدت الأنقاذ أهم قياداتها فزين للرئيس أن “علي عثمان” هو سبب المصائب كلها، وهو يطمع في أن يكون الحاكم الفعلي، ولو أراد لكان فهو من خطط ودبر وكذا الحال بالنسبة إلى الدكتور “عوض الجاز” إلى أن أنقذه الصينيون، فبعد تكريمه تراجعت الإنقاذ من موقفها العدائي منه فأعادته من جديد، وكذا الحال بالنسبة إلى الفريق “صلاح عبد الله قوش” الذين زينوا إلى الرئيس أنه يخطط لمحاولة انقلابية ضده، فزج به في المعتقل إلى أن تكشف الأمر من بعد ذلك، وها هو يعود من جديد ليكشف ألاعيب المفسدين، وحتى محافظ بنك السودان الورع الأستاذ “عبد الرحمن حسن”، لم ينجُ من تلك المخططات، فاقيل في لحظات إلى كشف الدولة معدنه فأعادته من جديد إلى موقعه فالصراعات لن تنتهي، ولكن على القيادة أن تكون واعية لذلك.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي