شجرة وشجرة بتعمل غابة
بعد عملية التبديل والتغيير الكبيرة في جلد الحزب الحاكم واقتراب الانتخابات يتساءل الناس عن ما سوف تتمخض عنه الشهور الفاصلة القادمة من تنازلات جديدة من المؤتمر الوطني أو الأحزاب الأخرى والتقارب والتحالفات المنشودة والانشقاقات الجديدة
فالشهور المتبقية سوف تحمل الكثير من هذه الحركات والتحولات.
إلا أن المؤتمر الوطني يبقي هو الأقوى حالياً ومستقبلاً بما يملك من خبرة ومن كوادر ومن تبديل فالمشاهد بعين (مفتحة) للساحة السياسية لابد أن يعرف أن مائدة السياسة السودانية قوامها الحزب الحاكم ولا تعد الأحزاب الأخرى إلا مشهيات وزينة.
المؤتمر الوطني سيكون الفائز في الانتخابات القادمة لذلك عليه أن يعقد بعض التحالفات مع الأحزاب والحركات والأفراد من المؤثرين في الساحة والحال الوطني العام حتى يستطيع تكوين حكومته المقبلة بما يرضي الأغلبية من الشعب.
فالشعب السوداني وأن بلغ من السخط على الحكومة وحزبها المبلغ البعيد إلا أنه يعرف في عمق وعيه الراشد أنه لا بديل للمؤتمر الوطني للخمس سنوات القادمة, ومرد ذلك يلوح جلياً في حالة العقم الذي يصيب الأحزاب الأخرى فكرية وعقائدية ووقوفها في مربعي 64 و85 ثورة وانتفاضة.
الأماني الشعبية تكمن في أن يصالح المؤتمر الوطني الأحزاب الأخرى والحركات المسلحة ومن ثم الغرب وأن ينفتح في سياساته قليلاً وينحاز إلى مصالح الوطن بالسياسة لا قوة الرأس.
أما أماني البعض في تغيير قادم يجعل حزباً كالمؤتمر الوطني في الظل فهي أماني لا تستند على أرجل من واقع ولا دعائم من منطق, اللهم إلا أن تأكل دابة الأرض منساة المؤتمر فيسقط متآكلاً من داخله.
سيبقى المؤتمر الوطني يمد لسانه للجميع متى ما تمنى هذا الجميع أن يهب الشارع ويسقط الحزب المتمكن بقبضة ناعمة رغم حديدية المسكة من مفاصل كل شئ في البلاد.
لعل حديث الدكتور الترابي بأن تؤجل الانتخابات هي قراءة صحيحة حتى تستعد الأحزاب القديمة والجديدة من أجل إبعاد الحزب الحاكم عن سدة الحكم وإسماعه صوتها في (اضانو) التي يغلقها بطينة وعجينة سرعان ما تسقط العجينة يوم يقف الناس صفوفا للرغيف.
هذا هو واقع الحال وهذه هي ترشيحات العقلاء لامتحانات الوطن القادمة ولا يمنع هذا من المذاكرة والاجتهاد للآخرين ما فهموا أن الشفافية لا تعني عدم الشف.
أول بادرة لاكتساح المؤتمر الوطني للانتخابات القادمة أنه بدل جلده ويبقى الآخرون في جلودهم التي لم يقدونها في أي أضحية ماضية ولم يدبغونها في أي مدبغة.
ويبدو أن الشجرة حا تبقى غابة.
[/JUSTIFY]هتش – صحيفة اليوم التالي