ارتفاع معدلات التضخم.. وزارة المالية لا تكذب
لم يتفاءل وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، محمد عثمان الركابى في تقرير أداء الربع الأول لموازنة العام الحالي بانخفاض معدل التضخم، حينما أقر بأن معدل التضخم بلغ 54.1% مقارنة بـ33.2% لنفس الفترة من العام 2017م. ولكنه قال إن معدل التضخم المستهدف 19.5% بموازنة العام المالي 2018م لن يتحقق بالطبع بنهاية العام إذا استمرت السياسات الاقتصادية الحالية، إلا أنه أشار إلى عدة أسباب أدت إلى ارتفاع معدل التضخم أهمها ارتفاع أسعار السلع الغذائية خاصة المنتجة محليًا، مبيناً أن المواد المنتجة محلياً تشكل 81.5% من نسبة تغير الأسعار.
وأرجع تقرير الوزير أسباب التضخم أيضاً إلى الحملة الإعلامية السابقة والتي استهدفت الاستقرار الاقتصادي والتي أدت إلى عدم اليقينية مما نتج عنه ارتفاع في الطلب على السلع الاستهلاكية.
وسجلت أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعاً كبيرًا خلال فترتي قبل وبعد عيد الفطر، وشكا مواطنون وتجار من الارتفاع الكبير الذي ظلت تسجله أسعار السلع بالأسواق دون رقابة من الحكومة، وهدد بعض تجار من الانسحاب من الأسواق فيما طالب مواطنون الحكومة بالتدخل الفوري لإيقاف ما أسموه الزيادات الكبيرة.
وارتفعت الأسعار بصورة كبيرة، ووصلت أسعار اللحوم إلى 250 جنيهاً لكيلو الضأن و160 جنيهاً لكيلو البقري، كما أرتفع كيلو الطماطم إلى 100 جنيه، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق ركوداً كبيرًا وعزوفاً من قبل المواطنين ما دعا التجار إلى مطالبة الحكومة بالتدخل لوضع أسعار تأشيرية ومحاسبة للمتسببين والوسطاء الذين يسهمون في رفع وزيادة الأسعار مستغلين الوضع الاقتصادي العام دون رقيب أو حسيب.
وفي الأثناء أعلن الجهاز المركزي للإحصاء عن قفز معدل التضخم إلى 60.93% في مايو متجاوزاً لأول مرة حدوده بعد أن سجل في أبريل معدل 57.65% إلا أن بيان الإحصاء أرجع القفزة الكبيرة إلى صعود أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات المتعلقة بكثرة الاستهلاك في شهر رمضان، إلا أن الشواهد تشير إلى استمرار ارتفاع المعدل منذ يناير المنصرم الذي سجل فيه 52.73% في الوقت الذي سجل فيه 25.15% في ديسمبر من العام 2017م.
ودعا خبراء إلى تدخل الحكومة وإن اضطرت إلى وضع أسعار تأشيرية لتتمكن من كبح جماح الأسعار والتحكم في الوسطاء الذين يسهمون في رفع وزيادة الأسعار بصورة وصفوها بالكبيرة مقارنة مع ارتفاع أسعار السلع عالميًا، وإن تم حسابها بالدولار في السوق السوداء.
كما طالبوا بإيجاد علاج إسعافي سريع للحاق بالموسم الزراعي الحالي الذي بدأت تحضيراته والتركيز على محصولات زراعية بعينها لزيادة الإنتاج وإن اضطرت إلى تمويل الزراعة بالعجز وتوجيهها إلى الإنتاج مباشرة لتقليل حدة التضخم كما يمكن العمل بشكل جدي في تقليل قائمة الواردات بإيقاف السلع غير الضرورية.
وأرجع المحلل المالي فياض حمزة أسباب ارتفاع التضخم إلى السياسات الضريبية والجمركية وطباعة العملة وضعف المرتبات، وضيق مواعين التوظيف بسبب قلة الاستثمارات. ويرى أن الحكومة غير قادرة على معافاة الاقتصاد باعتبار أن كل اقتصاديات العالم تعتمد على المناولة وتبادل السلع إلا الاقتصاد السوداني الذي يسعى إلى تبادل النقود. ويدعو فياض إلى تفعيل العملية الإنتاجية وإرادة سياسية ومراقبة للإنتاج باعتبار نمو الاقتصاد بالإنتاج خاصة في ظل المرحلة المقبلة.
وقال البروفسور عصام عبد الوهاب بوب أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين إن الحكومة لا تستخدم الموارد الاقتصادية استخداماً أمثل ما يدفع بالظواهر السالبة مثل ارتفاع الأسعار في الظهور إلى السطح وتصدر الواجهة بالإضافة إلى عدم تشجيعها للإنتاج وأكد ارتفاع الأسعار بالخلل في الأسواق الحالية ما يسهم في تصاعد الأسعار كنتاج طبيعي للأسواق الاحتكارية، لأن الهدف هو تحقيق أكبر قدر من الأرباح وليست التنمية بجانب عدم وجود رقابة على الأسواق مما أفرز المضاربات والعملات والسماسرة والوسطاء، بالإضافة إلى إخفاء السلع حتى تتم زيادة أسعارها بعد الندرة ما أدى إلى تصاعد الأسعار بطريقة كبيرة، بالإضافة إلى الصعيد الخارجي، فارتفاع الأسعار العالمية للسلع المستوردة “تضخم مستورد” يعد من أسباب التضخم وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، فهنالك علاقة طردية قوية بين معدلات التضخم السائدة محلياً ومعدلات ارتفاع الأسعار العالمية للسلع المستوردة.
ويرى المحلل الاقتصادي هيثم فتحي أن التضخم يخلق نوعاً من عدم اليقينية والتي يصعب معها اتخاذ القرارات الاقتصادية كما يتعطل معه الاستثمار ويسهم في تراجع الإنتاج والإنتاجية ويؤثر بصورة أكبر على ذوي الدخل المحدود، وأقر بالتدني الذي شهده الاقتصاد السوداني في معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالى منذ العام 2001م.
وقال: التضخم الحالي في السودان ناتج عن زيادة تكلفة الإنتاج وليس عن زيادة في الكتلة النقدية، وإن الاقتصاد يعاني من التدهور في أغلب المجالات في الفترة الأخيرة، وألقى هذا التدهور بظلاله السالبة في التأثير على النمو والتنمية الاقتصادية في السودان، ونتج عن ذلك تراجع العديد من القطاعات الاقتصادية.
لافتاً إلى ارتباط التدهور الاقتصادي بمجموعة من الأسباب من ضمنها التضخم، كما أرجع غلاء الأسعار للسلع الضرورية والاستهلاكية إلى السياسات الاقتصادية على المستوى الكلي، فالسياسات التي تشجع على الإنتاج متراجعة والحكومة لا تشجع القطاع الخاص لزيادة الإنتاج.
كما أن الحكومة لا تستخدم الموارد الاقتصادية استخداماً أمثل ما يدفع بالظواهر السالبة مثل ارتفاع الأسعار في الظهور إلى السطح وتصدر الواجهة بالإضافة إلى عدم تشجيعها للإنتاج، وأكد أن ارتفاع الأسعار أوجد خللاً بالأسواق ما يسهم في تصاعد الأسعار كنتاج طبيعي للأسواق الاحتكارية، لأن الهدف هو تحقيق أكبر قدر من الأرباح وليست التنمية بجانب عدم وجود رقابة على الأسواق مما أفرز المضاربات والعملات والسماسرة والوسطاء، بالإضافة إلى إخفاء السلع حتى تتم زيادة أسعارها بعد الندرة ما أدى إلى تصاعد الأسعار بطريقة كبيرة، بالإضافة إلى الصعيد الخارجي، فارتفاع الأسعار العالمية للسلع المستوردة “تضخم مستورد” يعد من أسباب التضخم وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، فهنالك علاقة طردية قوية بين معدلات التضخم السائدة محليًا، ومعدلات ارتفاع الأسعار العالمية للسلع المستوردة.
صحيفة الصيحة.
لا حول ولا قوة بالله