أخيرا.. اليابان تفتح أبوابها للمهاجرين بهذه المجالات
تبقى قضية استقبال المهاجرين مسألة حساسة لدى كل الدول، لكنها في اليابان أكثر حساسية حيث يعتقد السكان هناك أن المهاجرين يجلبون معهم الفوضى والجريمة، لكن المفاجأة هي إعلان رئيس الوزراء شينزو آبي الأسبوع الماضي عن إمكانية استقبال البلاد لنحو 500 ألف عامل بحلول 2025، وهو ما يطرح تساؤلا كبيرا: لماذا؟
وتكمن الإجابة -وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية- في كلمة واحدة هي الديموغرافيا، حيث بلغ معدل الخصوبة باليابان العام الماضي 1.43 وهو من المعدلات المنخفضة على المستوى العالمي، وأدى هذا الانخفاض إلى انكماش القوى العاملة بنسبة 13% منذ 2000.
وترفع الشركات اليابانية صوتها عاليا بحثا عن العمال، حيث يتوفر 1.59 وظيفة لكل متقدم، بينما تبلغ نسبة البطالة 2.5% وهي الأقل بين دول مجموعة السبع الصناعية.
ويمثل نقص العمالة أحد الأسباب التي أدت إلى عدم نجاح برنامج آبي للإصلاح الاقتصادي، حيث تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في الربع الأول من هذا العام.
وقد أدى عدم توفر موظفي الفنادق بالقدر الكافي إلى إعاقة ازدهار السياحة، كذلك الأمر بالنسبة لعمال مشاريع البناء الخاصة بأولمبياد طوكيو عام 2020.
وستمنح خطة آبي تأشيرات للعمال بالفنادق والبناء وبناء السفن، والزراعة ورعاية المسنين التي تشكل حاجة ملحة بالنظر إلى شيخوخة السكان. كما تتوقع الحكومة الحاجة إلى 380 ألف ممرضة بحلول عام 2025.
وتوظف العديد من الشركات الأجانب الحاصلين على تأشيرات الطلاب أو المتدربين، فيعمل كثير من الصينيين في محلات الصرافة، بينما يكدح الفيتناميون في المصانع، وأما النادلون بالمطاعم فمن نيبال.
وقد تضاعفت أعداد العمال الأجانب خلال السنوات الخمس الماضية إلى 1.3 مليون، وهو يشكل ما نسبته 2% من القوى العاملة، بالمقارنة مع 17% من أمثالهم في الولايات المتحدة.
وسيقدم البرنامج الجديد للعمال المزيد من الاستقرار والحقوق من خلال السماح لهم بالبقاء لمدة تصل لخمس سنوات، ولكن لتهدئة المخاوف العامة بشأن إقامة العمال بشكل دائم لن يسمح لهم بإحضار أفراد العائلة.
وكانت اليابان قد فتحت أبوابها على نطاق أوسع للعاملين ذوي التعليم العالي عام 2012 مما يسهل للخبراء الحصول على الإقامة، لكن بضعة آلاف فقط من المتقدمين استفادوا من هذا البرنامج.
وقد كشف استطلاع عالمي أن اليابان كانت من أقل الدول الآسيوية توظيفا للعمال ذوي المهارات العالية، ويعود جزء من ذلك إلى الثقافة اليابانية المعزولة والمستوى المنخفض لاستخدام اللغة الإنجليزية فيها.
وما لم يكن لدى اليابانيين عدد أكبر من الأطفال فإن خيار قبول المهاجرين سيكون هو الحل. وتظهر الإحصائيات الحكومية أنه لتحقيق استقرار لعدد السكان عند مئة مليون نسمة، فإن اليابان تحتاج إلى مئتي ألف مهاجر سنويا، إذ يتناقص عدد السكان بأكثر من ألف شخص في اليوم، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا على البلاد.
ويرى كاتب المقال أن آبي يستحق تقديرا على فتح النقاش في هذه المسألة، وعلى امتلاك الشجاعة لإرسال مشروع القانون للبرلمان.
ورغم أن المواقف العامة لليابانيين تتغير ببطْ شديد، فإنهم يدركون أن الحواجز أمام الهجرة تشكل تهديدا لأسلوب حياتهم أكبر من سياسة قبول الأجانب، وهو ما يمكن الحكومة من فعل المزيد لقيادة هذا التغيير.
المصدر : الجزيرة