تعبت !!!
*ما زلتُ أذكر تفاصيل تلكم الأمسية..
*فبعد مغيب الشمس استلقيت على سرير بفناء المنزل (البحري)..
*وبدأت في قراءة ديوان شعر أحضرته معي من الخرطوم..
*فالإجازة لا تكتمل بهجتها إلا مع بعض كتب تملأ فراغات الفراغ..
*الفراغات الزمنية لفراغات الحراك الاجتماعي..
*ومع أول رشفة من شاي اللبن (المقنن) قرأت أول أبيات خمائل إيليا أبي ماضي..
*ونسج المساء (أول) خيوط عشق بيني وبين قصائد هذا الشاعر..
*وكان حباً من (أول نظرة) حين أبصرت قصيدة (المساء)..
*وللمساء-عموماً- قدرة فريدة على النسج والحياكة والغزل و(نقض الغزل)..
*أو ربما خيوط الفجر هي التي (تنقض) بعض خيوط المساء..
*ومن هذا البعض (المنقوض) ما سنرويه في سياق كلمتنا هذه اجتراراً لذكريات..
*ذكريات ماضٍ جميل أحن إليه بشدة هذه الأيام..
*فالنفس ما عادت تحتمل ضجيج مصانع- في زماننا هذا- للغزل والنسيج..
*ولا نعني المصانع (ست الاسم) بما أن البوم ينعق في جنباتها..
*وإنما مصانع تجد معناها في كلمات إيليا (إن التأمل في الحياة يزيد أوجاع الحياة)..
*لاسيما إن كانت مثل حياتنا التي نعيشها هذه..
*أو ربما يصح أن نقول: حياتنا التي (لا) نعيشها هذه..
*ونسمة مشبعة بأريج البرسيم تنسرب إلى خياشيمي مع نكهة نعناع الشاي..
*وتقتحم (عالمي المسائي) ابنة الجيران طالبة الثانوي..
*كيف فعلت وأنا لم أحس بوقع خطاها رغم هدوء عالمي هذا؟ لست أدري..
*بمثلما لم يدر أبو ماضي أهو السائر أم الدرب يسير..
*وأنا نفسي لا أدري الآن: (أأنا) أكتب أم (آخر) كالذي بدت عليه ابنة الجيران..
*كانت تتوشح (لون زينب) ذاته الذي رأيته عليها في الصباح..
*ولولا طرحتها ذات اللون (اللافت) للنظر هذه لما (لفت) نظري شيء من ثيابها..
*وسألتني وهي واقفة بجانب السرير: ماذا تقرأ ؟..
*فلما أخبرتها وعدتني بديوان آخر لأبي ماضي- يخص شقيقها- اسمه (الخمائل)..
*فشكرتها بفرح طفولي وغادرت (عالمي) في هدوء كما دخلت..
*وغادرت أنا عالم اليقظة لأدخل عالم الأحلام؛ و(الجداول)..
*وفي الصباح سألت ذات الوشاح (الزرعي)- حين أتت-عن وعدها لي في المساء..
*فإذا بكلام الليل يمحوه النهار؛ أو يمحو (الآخر) وكلامه..
*فهي لم تسمع حتى بديوان شعر اسمه (الجداول)..
*ولكني أسمع صوت (الأنا) بداخلي يدعوني إلى إجازة..
*فأنا بحاجة إلى التوقف عن (التأمل في الحياة) بعد أن (زادت أوجاعها)..
*وأشتاق إلى مثل أمسيتي تلك ؛ أناجي فيها (الذات)..
*أو يناجيني (آخر) ذو وشاح بلون زينب !!!
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة