وزيرالخارجية.. ملفات معقدة علي الطاولة
تباينت وجهات النظر وتبارى المهمومون وأهل الشأن في (تشريح) أوضاع وزارة الخارجية خاصة بعد صدور قرار إعادة هيكلة الوزارة في ثاني أكبر سيناريو لتخفيض سفارات السودان بالخارج وتقليص طواقمها بعد تلك التي حدثت إبان عهد الرئيس الراحل جعفر نميري. أكثر المتفائلين يرون أن الخارجية أضحت بلا مهام أو ملفات تتولى إدارتها، وأن المستقبل يتجه نحو دبلوماسية القصر.. فما هي الحقيقة؟
ذات الفريق المتفائل ذهب إلى أن مهمة الخارجية مستقبلاً لن تتجاوز مهام منح التأشيرات، فيما يرى تيار آخر من المختصين في الشأن الخارجي أن الوزارة ربما صارت جزءاً من القصر الرئاسي وبالتالي سيكون التنسيق محكماً وعالياً خاصة وأن الرئيس عمر البشير هو المسؤول الأول عن السياسة الخارجية للسودان وبالتالي لن تعاني من أي مشكلات..
المفاوضات مع واشنطن:
تأسيساً على ما سبق فإن وزير الخارجية الجديد الدرديري محمد أحمد بحسب الكثيرين ربما يكون محظوظاً بعد أن أضحت ملفاته مناصفة مع القصر أو مع مسؤول متابعة ملف الصين د.عوض الجاز، ورغماً عن ذلك فإن هناك ثلاثة من أهم الملفات تنتظر الدرديري في مشواره الجديد، أبرزها يتمثل في إعادة استئناف الجزء الثاني من المفاوضات مع واشنطن فى قضايا رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو أمر تعتبره الخرطوم بالغ الأهمية وعلى الرغم من أن وفد المفاوضات مع واشنطن يضم أطرافاً عديدة وسيلتحق بها آخرون من التشريعيين، إلا أن رأس الرمح في التفاوض هو وزارة الخارجية لذلك تبدو مهمة الرجل بالغة التعقيد خاصة في ظل غموض يشوب ما بين البلدين، على الرغم من قرار رفع الحظر الاقتصادي وبصورة نهائية عن السودان منذ أكتوبر المنصرم ، إلا أن الأوضاع ازدادت تعقيداً وظلت لعنة قائمة الإرهاب تطارد الحرطوم وتحول بينها والاستفادة من مزايا إنهاء تلك العقوبات الاقتصادية فهل ينجح الرجل ويحقق انتصاراً يعلى سقفه؟.
هيكلة وزارة الخارجية
الملف الثاني الأبرز في مواجهة الرجل هو هيكلة وزارة الخارجية، باعتبارها واحدة من أكثر المهام تعقيداً، فالقرار الذي أمهل الوزارة ثلاثة أشهر لتنفيذه وضع الجميع أمام محك حقيقي في الحفاظ على علاقات دبلوماسية متوازنة للسودان، وتتعلق آمال منسوبي وزارة الخارجية بحكمة الرجل في تنفيذ قرار الهيكلة دون أن يفقد السودان علاقاته مع العالم بسبب أزمة وشح النقد الأجنبي التي تسببت في القرار.
ترميم العلاقات مع دول الجوار
تمثل أزمة الحدود وتداعياتها ما بين السودان وجيرانه واحدة من القضايا المهمة جداً، لذلك كانت واحدة من أهم أولويات الوزارة التي أعلنها الدرديري في
خطابه أمام البرلمان.
التوترات في الحدود أسهمت في التفكير جدياً في رسم الحدود مع تلك الدول خاصة دولة الجنوب وإثيوبيا حيث أدت الاحتكاكات في المناطق الحدودية إلى نشوب توترات، ويرجح المختصون أن يحقق الدرديري نجاحاً في هذا الملف استناداً على خلفيته في القانون الدولي ومهامه السابقة في لجنة العشرة الخاصة بتحكيم أبيي في لاهاي. وتذهب تحليلات إلى أن واحدة من مهام الرجل في عملية الترميم تلك هي إعادة التوازن في علاقاته مع مصر بعد أشهر من المخاشنة والمهاترات الإعلامية وصلت مرحلة سحب الخرطوم لسفيرها بالقاهرة.
إذاً الدرديري مطالب بإنفاذ ما تراضى عليه الرئيسان عمر البشير ونظيره السيسي فى المصفوفة التي توصلا إليها خلال اجتماع لهما على هامش قمة الاتحاد الإفريقي مؤخراً بالعاصمة أديس أبابا.
سد النهضة
وعلى الرغم من أن ملف سد النهضة يعتبر ملفاً فنياً إلا أن البعد السياسي ألقى بظلاله على سير المفاوضات وأصبح التفاوض في شقه السياسي المحرك الرئيسي للمفاوضات وأكسبها زخماً وبعداً آخر أدى إلى حدوث استقطابات سياسية لذلك فإن مواصلة جهود الوزارة في هذا الملف تأتي على رأس أولويات الدرديري في المرحلة القادمة حيث يرجح عقد الجولة القادمة في القاهرة في يونيو الجاري.
جولات التفاوض
يسعى السودان حثيثاً في تحقيق تقدم في مسار مفاوضات المنطقتين وتسوية أزمة دارفور قبيل التوجه نحو واشنطن، إذ بدأت ومنذ وقت مبكر جولات هنا وهناك من أجل تهيئة الملعب لإعادة المتفاوضين إلى منابر التفاوض سواء في أديس أبابا أو الدوحة. بالتالي فإن سفراء وزارة الخارجية مطالبين بتحركات مكثفة خاصة في البلدان الغربية لحشد التأييد والمناصرة لموقف السودان واستعداده لإجراء تسوية مع الفرقاء في كافة مناطق النزاع .
مصالحات بالداخل
واحد من أهم الملفات التي تنتظر دوراً مهماً هو إحداث إصلاحات داخلية مهمة تنعكس تأثيراتها في الخارج، إذ إن وضع الحريات الدينية وأوضاع حقوق الإنسان في السودان وحرية التعبير واحدة من الملفات التي تستبق أي جولات للدرديري مع أي أطراف خارجية خاصة بلدان الغرب، لذلك فإن المطلوب من الرجل باعتباره قانوني أن يقود تحركات تسهم في معالجة الاختلالات في تلك الملفات قبيل بدء استئناف التفاوض مع واشنطن أو اجتماعات حقوق الإنسان في جنيف.
صحيفة السوداني.