محددات المهدي لخوض الانتخابات .. هل تصبح مجرد شروط ؟
أطلق رئيس حزب الأمة القومي الإمام “الصادق المهدي” خمس محددات رهن فيها مشاركته ومشاركة الأحزاب الأخرى الممانعة في الانتخابات القادمة 2020م، تتمثل في (كفالة الحريات العامة ـ قانون إنتخابات قومي ـ مفوضية قومية للانتخابات ـ إيجاد فاصل مابين السلطة الحاكمة وإستغلال مال الدولة في رعاية الانتخابات ـ ضرورة وضوح رؤية حول أهلية المرشيحن)، مشيراً إلى إن جميع تلك الاستحقاقات جزء لا يتجزأ ينبغي فعله لأي انتخابات قادمة، وهنا يطرأ سؤال حول جدية ما ذهب إليه الإمام ومشاركته حال توفير تلك الإستحقاقات الخمس، وهل بالمقابل ستوفي الحكومة بها، وما هي الخيارات الأقرب للإمام وأحزاب المعارضة، وهل سيذهب أي ـ الإمام ـ إلى ما دعا إليه حال رفض محدداته وهي الإنتفاضة الإعتصامية في ألف موقع داخل وخارج السودان ورفع لافتات واضحة عليها: فشلتم وخربتم البلاد سلموا السلطة للشعب أو كما قال؟.
مطالب متجددة ..
على الرغم من صعوبة الاستحقاقات التي دعا اليها الإمام “الصادق المهدي” ورهنها كمطلب أساسي لخوض الإنتخابات القادمة، والتي ـ الاستحقاقات ـ بحسب بعض المراقبين (صعبة المنال)، سيما أنها ظلت مطالب مطروحة منذ سني حكم النظام الاولى، دون أن تجد حظها من التنفيذ من قبل الحكومة أو المجتمع الدولي وذلك بالضغط على الحكومة لتنفيذها، الا أن “المهدي” شدد على عدم خوضه أي انتخابات الا عبر استحقاقاته، مؤكداً على حرية النظام فيما يفعله أو يقرره، رافضاً خوضه انتخابات وصفها بالمضروبة، وقال: الأسرة الدولية حرة في أن تدعم النظام وإن كنا الآن نطالبهم بأن يعترفوا ولا يراقبوا ولا يشتركوا في أي انتخابات، وفي نهاية الأمر هم سيقررون موقفهم، ونحن سنقرر موقفنا، وزاد: نحن لن نخوض أي انتخابات إلا باستحقاقاتها ونظام الخرطوم سمع لنا أو لم يسمع في كل الحالات هو نظام والغ في الباطل لكن نحن سنستمر في أن أي انتخابات لابد أن تتوفر فيها استحقاقات معينة وسنطالب الأسرة الدولية أن لا تكون طرفاً في أي إنتخابات إن لم تتوفر فيها ظروف معينة، وقد كتبنا لجميع الاطراف وقلنا موقفنا من هذا الذي يحدث الآن هو محاولة لصرف النظر وذر الرماد في العيون وكلمة حق يراد بها باطل، فلا يؤخذ أمر الانتخابات هذه بجدية.
قيادي بالوطني : ما طالب به المهدي مضمن في الحوار
بين جدلية حديث الـ (استهلاك السياسي) الذي درج الإمام عليه في كثير من الاوقات، وبين جديته فيما ذهب إليه بمطالبه الخمس، يؤكد القيادي بالمؤتمر الوطني د.”ربيع عبد العاطي” إن كل ما قاله السيد “الصادق المهدي” مضمن في مخرجات الحوار الوطني وإنه لم يأتي بجديد بحد تعبيره، لافتاً لـ(المجهر) بعقديته في أن ما ينقص “الامام” هو الارادة والشجاعة لأن يأتي ويخوض الانتخابات ويشارك في الحوار ويدلي بدلوه، وقال: ما قاله ليس سوى مؤشرات تدل على إن “الصادق المهدي” يود أمراً أخراً، وكأنه يود أن يعيد الساعة للوراء، ويصبح رئيس وزراء ويعيدنا إلى ما قبل 89 ،وزاد: “المهدي” لم يشر إلى مسألة الاتهامات التي وجهت له من خلال حديثه، وكأنه يود أن يقول إن هذه التهم ينبغي أن تسقط وإن لم يقل هذا الحديث صراحة، فهو واضح وفيما لو إستجابت الحكومة لكل الذي قاله بموجب مخرجات الحوار الوطني فلم تعد لديه أي مبررات أخرى ليكون خارج السودان أو المشاركة في المرحلة المقبلة، ومضى قائلاً: معروف عن السيد “الصادق” يقول حديث مزدوج ولا تعرف ماذا يقول، وأنا من خلال تحليلي السياسي فإن هذه التهم مؤثرة جداً في عودته، وإذا رفعت هناك فرصة لأن يأتي لأن الذي بيننا وبينه هذه التهم وهي التي تفصل بين وضعه السابق والحالي وبالتالي إذا أزيلت سوف يأتي.
وفي السياق لم يستبعد المحلل السياسي “د. “صلاح الدومة” جدية إستحقاقات الإمام “الصادق المهدي” أو النكوص عن ما قاله بحد قوله، مشيراً في حديثه لـ (المجهر) إلى تجارب كثيرة في التاريخ البعيد والقريب لهذا النكوص، وقال: (ما في ضمان أن يلتزم الإمام بما قاله مئة بالمئة). لافتاً في الاثناء الى ضغوط من ما أسماها القوى الغربية على المعارضة بشقيها والنظام على حل الإمور مدنياً وأن تجري الانتخابات في مواعيدها وفقاً لما يقرره الدستور، لأنها يجب أن تقوم في بيئة تتمتع بالحرية والسلم. وعن إمكانية إستجابة النظام الحاكم لاستحقاقات “الإمام” في ظل حوار الحكومة مع جميع الاحزاب الممانعة، أكد “الدومة” على أن النظام لن يوفي بالمطالب تلك، الا اذا وجد ضغوطاً من قبل القوى الغربية لان النظام يخشاها، بحد قوله.
برمة يستبعد تلبية الحكومة للمحددات..
وفيما أعلن “الصادق المهدي” عن الخروج إلى الشارع وإقتلاع النظام حال عدم تنفيذ استحقاقاته يرى مراقبون إن هذا ليس سوى تهويش لا واقع له، و إذا كان قادراً على التعبئة و الخروج ماذا ينتظر، ولماذا إنتظر، ويرى الكاتب “زين العابدين صالح عبد الرحمن” عبر زاويته أفكار “الصادق المهدي” بين الاحلام والواقع، إن مشكلة المعارضة تكمن في أنها تبيع الكلام، و كان عليها أن تخضع الواقع لتحليل منطقي، و تبحث عن العوامل التي جعلت النظام يستمر قرابة الثلاث عقود، وهو لم يقدم نجاحاً واحداً لمنفعة الجماهير، بل جعلها تعيش في معاناة متواصلة و متصاعدة، هناك إشكالية في المعارضة يجب بحثها بصورة علمية و منطقية، بعيداً عن الهوى و الرغبات الشخصية. لأن المعارضة نفسها فشلت في تعبئة الشارع رغم إكتمال العوامل التي تؤدي للثورة و الإنتفاضة، و لكن قيادات المعارضة لا يريدون أن يحملوا أنفسهم جزء من المسؤولية.
وفي السياق استبعد اللواء “فضل الله برمة ناصر” في حديثه لـ (المجهر) أن تلبي الدولة الاستحقاقات التي دعا اليها “الإمام” مؤكداً إن كل ما تم تضمينه من توصيات لمخرجات الحوار الوطني لم يتم تنفيذها، وقال: الحكومة ما بتوفي ولو بتوفي كان إلتزمت بتنفيذ مخرجات الحوار، وزاد: عايزين إنتخابات حرة ونزيهة والناس تكون متساوين والشروط دي هي التي تحقق وكل هذه المطالب في يد الدولة. فيما رفض أن يتم وصف ما قاله رئيس حزب الامة بالاستهلاك السياسي مشيراً إلى إن الاتهامات الموجهة ضده ليس لها علاقة بالانتخابات واضاف: دا في حد ذاته يطعن في الانتخابات لأنها يجب أن تجري في جو معافى، وربط الاتهامات بمشاركته يؤكد كلام الإمام إنها ستجرى في جو غير سليم!!، وإستطرد: الانتخابات لابد أن تجري في جو حر وفيه شفافية وحرية كاملة، وإستدرك: أنت تعتقل ناس وتقول أريد أن أجري انتخابات حرة ونزيهة في حزب من أكبر الاحزاب وله أكبر قاعدة شعبية، ومضى قائلاً: مافي زول يعشق الديمقراطية يطعن في الانتخابات لأنها الوسيلة المثلى لاسقاط السلطة بوسائل سلمية، يجب أن تتبع الأسس السليمة للانتخابات.
فما بين حديث “برمة” وما ذهب إليه المحللون يبقى المحك ليس في جدية الحكومة فحسب بل في جدية الإمام “الصادق المهدي” ليبقى الجميع على أعتاب مرحلة جديدة يختار فيها الشعب من يريد.
تقرير ـ هبة محمود سعيد
المجهر السياسي