“العصيدة سيدة المائدة الرمضانية”.. وجبة كل السودانيين
“العصيدة” من الأكلات السودانية المشهورة والمُحببة لدى الكثيرين في ربوع بلادي، لا سيما في كردفان ودارفور وعند طلاب خلاوي حفظ القرآن الكريم حتماً لا تُطفأ نار طهوها.. يحرص الكثيرون على تناولها في الإفطار خلال شهر رمضان الكريم، وعلى الرغم من اختلاف أنواعها ومسميات ملاحاتها وطريقة صناعتها من منطقة إلى أخرى، إلا أنها ما زالت “سيدة المائدة الرمضانية وغير الرمضانية”، في بعض ولايات البلاد.
وتصنع العصيدة في السودان بالدخن والذرة.. ومع اقتراب شهر رمضان تحديداً تنشط حركة “الحبوبات” وربات البيوت في إعداد وتوفير مُتطلباتها، إلى جانب مُستلزمات المُلاح، وقد ارتبط تناولها بـ(ملاح التقلية والشرموط الأبيض “اللحم المجفف المسحون” والروب) لدى الكثيرين، إلا أنه وفي بعض ولايات البلاد لا سيما كردفان ودارفور هنالك ملاحات أخرى ألذ طعما وأجمل مذاقا من “التقلية والروب” منها الكول، المرس، ملاح (فرندو)، وهذا يصنع من نواة (عيال) الكركدي، وملاح (الدودري) في شمال دارفور وتصنعه النساء الماهرات هناك، ومن تبرع وتجيد طهوه يطلق عليها “الميرم”.
قبل دخول الغاز إلى المطبخ، كانت صناعة العصيدة تتطلب توفير حزمة من الحطب، وثلاثة حجارة تستخدم بدلاً من الكانون يطلق عليها أهل الريف الكردفاني والدارفوري (اللدايا)، ولا يمكن أن يذهب صحنها – العصيدة – إلى حلقة المائدة دون أن يرافقه صحن “الشطة” وفنجان من السمن المصنوع محلياً، وحتماً لا تجد فنجان السمن هذا جوار العصيدة إن جلست لتناولها كوجبة في رمضان أو بعده، إلا عند المفطومين بها. وهنا تشير الميرم أماني عُقد – نيالا حي النهضة – في إفادات للمحرر إلى أن ملاح عصيدة رمضان يختلف عن بقية الأيام، ودائماً هناك نوع من المنافسة في صناعته.
كما هنالك عصيدة من نوع مختلف، تسمى – عصيدة الجير – وهذه تُصنع من الدخن منزوع القشرة، وتقدم للجالسين في حلقة المائدة مع ملاحات منها التقلية والسمك المجفف المسحون أو ما يعرب بـ(الكجيك)، وهذه غالباً ما تندر صناعتها، فقط تصنع وتقدم في مناسبات الأعراس والأعياد وعند زيارة الشخصيات المهمة إلى كردفان ودارفور، بالإضافة إلى أن مسحوق الدخن منزوع القشرة هذا يدخل في صناعة نشأ السحور.
اليوم التالي.