في حب الله .. جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه
هو جعفر بن أبى طالب، أبو عبد الله، ابن عم رسـول الله، صلى الله عليه وسلم، أخو على بن أبى طالب رضى الله عنهما، وأكبر منه بعشر سنوات، قائد مسلم، ومن السابقين الأوائل إلى الإسلام، وهو أحد وزراء الرسولِ، صلى الله عليه وسلم، أسلم قبل دخول النبـى دار الأرقم ليدعو فيها, وأسلمـت معه فى اليوم نفسه زوجته أسماء بنت عميـس.
وكان جعفر شديد الشبه برسول الله , قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، لجعفر بن أبى طالب: (أشبهتَ خلقى وخُلُقي) وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يُسميه (أبا المساكين) ،فقد كان جعفر بن أبى طالب يحب المساكين ويُحسن إليهم ويخدمهم، يقول أبو هريرة ( كان أخيرُ الناس للمساكين جعفر بن أبى طالب) ولما هاجر الرسولُ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وآخى بين المهاجرين والأنصار’ آخى بين جعفر بن أبى طالب ومعاذ بن جبل، وكان جعفر يومئذ غائباً بأرض الحبشة, كانت لجعفر بن أبى طالب هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة، فلما أذن الرسـول، صلى الله عليه وسلم، للمسلمين بالهجرة إلى الحبشـة خرج جعفر وزوجتـه حيث لبثا بها سنين عدة، رزقـا خلالها بأولادهما الثلاثة.
ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد آمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة، بعثوا عبدالله بن أبى ربيعة وعمرو بن العاص حيث قدما الى النجاشى وقالا له :(أيها الملك، انه قد جاء الى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا فى دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، فردهم الينا ,فأرسل النجاشى إلى المسلمين وسألهم :(ما هذا الدين الذى قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به فى دينى ولا فى دين أحد من الملل, فكان الذى اختاره المسلمين للكلام جعفر بن أبى طالب فقال :(أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوى منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا الى عبادة الأوثان، فخرجنا الى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا فى جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك «فقال النجاشى» هل معك مما جاء به الله من شيء فقال له جعفر نعم وقرأ عليه من صدر سورة مريم فقال النجاشي:(إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة) ثم أعطاهم الأمان الكامل فى بلده.
والهجرة الثانية, عندما عاد جعفر بن أبى طالب وأصحابه من الحبشة إلى المدينة – يوم فتح خيبر فلما قابل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، قبله الرسول -صلى الله عليه وسلم – بين عينيه و قال: (ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحاً: بقدوم جعفر أم بفتح خيبر) ،
شهد جعفر بن أبى طالب غزوة مؤتة التى دارت رحاها فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة بين المسلمين والروم، وقد أمَّره الرسولُ، صلى الله عليه وسلم، على جيش المسلمين فى حال أصيب قائدهم الأول زيد بن حارثة، إذ قال: “إن أصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فقاتل زيد بن حارثة براية الرسولِ حتى أستشهد، ثم أخذ جعفر الراية فقاتل بها، حتى إذا اشتد القتال نزل عن فرسه ، فعقرها وذلك مخافة أن يأخذها العدوُّ فيقاتلَ عليها المسلمين،، ثم قاتل الروم حتى أن جعفر، رضى الله عنه، أخذ الراية بيمينه فقطعت، فأخذها بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتى أستشهد، ولما أستشهد جعفر وُجد به بضع وسبعون جرحا ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، كلها فى بدنه، وقيل انه طار الى الجنّة بجناحيه التي أبدله الله بهما مقابل يديه التي فقدهما فلقّب من يومها بجعفر الطّيار رضي الله عنه وأرضاه.
فصلى عليه الرسولُ صلى الله عليه وسلم وقال (اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ) ودفن على أرض الأردن فى بلدة المزار الجنوبي. جنوب مدينة الكرك.
موقع النيلين.