الشاعر التونسي انيس شوشان: لم أغضب من السودانيين الذين إنتقدوني
الشاعر التونسي الثائر انيس شوشان لـ(أخر لحظة) :
*انا شاعر وسياسي وثائر
*أكتب دون منهجية ولاتهمني التفعيلة
*الجيل الجديد لايعي التحديات ولايدافع عن حقوقه
* النيل الهمني لكتابة نص شعري
*لم أغضب من السودانيين الذين إنتقدوني
*لايشرفني الشعراء الذين يدعمون الأنظمة:
رغم زيارته القصيرة جدا للسودان ومشاركته في جائزة أفرابيا التي يقيمها مجلس الشباب العربي والإفريقي وتقديمه لليلة شعرية بالساحة الخضراء ، اتاح لنا فرصة اجراء حوار معه تم علي مرحلتين جالاولي اثناء زيارته لبيت الشعر واستكملناه وهو في مطار الخرطوم يتأهب للسفر ثم عبر الواتساب فكانت هذه المحاور السريعة حول العديد من القضايا الشعرية والجدل حول منهجه في التناول للعديد من القضايا الانسانية في نصوصه ،وكيف استقبل ما قيل عن اداءه الشعري ،شوشان كان حاضر الذهن مرتب الافكار مختلف الرؤية أجاب بكل وضوح
*السودان بعيون شاعر يزورها اول مرة ؟
الناس هنا كما سمعت عنهم طيبون جدا وبشوشون ،أدهشتني بساطة الناس ومحبتها الزائدة ولكن الأمر الذي كان في بالي وسمعته مراراً هي الهدوء، أنتم شعب هادئ ورايق، يتحدث بكل هدوء، وتفاجأت بحب الناس ، وجدت مساحات حب عفوية وصادقة ، هذه أشياء أسعدتني.استقبالي كان جيدا من الشباب الذين استمعوا الي وتعلمت أشياء كثيرة، ثمة أشياء مفيدة، ووكنت شغوفا برؤية النيل ،وأعجبني بهيبته العريضة،والهمني لكتابة نص.
*تحب السفر كثيرا ماذا تعلمت منه ؟
زرت دول إفريقية كثيرة منها جنوب الصحراء، وتعلمت من السفر الاكتشاف من الواقع، وليس الاكتفاء من السمع والشوف، والبلاد التي تزورها تحكي عن طباع شعبها ،لذلك اتعلم معرفة جديدة ،انه تواصل للانسانية والمحبة والسلام.
*الكتاب والشعراء السودانين من هو في ذاكرتك ؟
تعرفت علي الكاتب والروائي عبدالعزيز بركة ساكن عند زيارتي الي المانيا وهو إنسان رائع وفخر للسودان،نحن الان أصدقاء ،قرأءت له عدة روايات وفي انتظار استكمال اصدارات اخري له ،والان بعد حضوري للسودان اكتسبت معرفة كتاب وشعراء جدد التقيت بهم في بيت الشعر ، وكان الوقت ضيق لم أتمكن من سماع الكثير من الشعراء، لقد قراءوا نصوص شعرية أعجبتني كثيراً وأخرى لي عليها تحفظات ليس على القيمة بل الطريقة والهيكل والشكل والمضمون،لكن ما سمعته أحسست وعلمت أن هناك شعراء واعوان للواقع وحقيقة ستمتد المعرفة بكل الادباء والكتاب السودانيين مستقبلا.
*الفضاء الافريقي كيف تري فيه الادب من شعر وفن وموسيقي؟
إفريقيا قارة غنية بمختلف الفنون والأدب وفضاءها الادبي متنوع لكن هناك مشكلة لدي الجيل الجديد هو عدم الوعي بالتحديات وعدم الدفاع عن وجوده، لا يكفي أن يكن متفرجاً ،فالاوطان في ازمات كبري وهم لا يتحركون من خلال ادواتهم الابداعية لمعالجة القضايا الراهنة في اوطانهم ،هذا هو الغياب الحقيقي لهم من وجهة نظري، لابد من حراك المجتمع المدني، الحكومات رابضة في مكانها، انا اتحدث عن الفعل والتأثير في المجتمع نحو التغيير وكذلك رسائل السلام.
*طريقتك في كتابة النصوص مختلفة ،البعض اطلق عليها “الصلام” وهي مدرسة فرنسية في الالقاء للكلمات ماذا تقول ؟
كثيرين قالوا ان طريقتي تشابه “الصلام” انا اقدم ما امتلكه من مقدرة في كتابة التصوص وكيفية القاءها علي الناس ،مابعد ذاك لايهمني و الذي اعرفه انني اقدم ماهو أضافة للقيمة الابداعية من نصوص تبحث في أسئلة تهم الجميع وفيها اجابات لقضايا المجتمعات أسواء إن كنت شاعراً أو موسيقياً ،أمامك سؤال هام “هل أنت تستطيع تقديم إضافة ما أم لا، فإما أن تقدم إضافة أو تصمت.”.
*هل لديك مشكلة مع المدارس الشعرية “الكلاسيكية ؟
لا لا ليس مشكلة مع اي ضرب من ضروب الشعر وحتى مع المدرسة الكلاسيكية، مشكلتي الوحيدة التشبث بمدرسة من فراغ، مثلاً نزار قباني أبدع في كتاباته بتناول الكلاسيكية ولكن بمضامين متجددة من رحم عصره، الشعر الان حرا لا يتقيد بمدرسة المهم فيه نص يحمل رسالة ومضمون انساني يعالج قضية ما في مكان ويؤثر علي الناس ايجابا.
*هناك انتقادات كثيرة وجهت لك “بأنك لست شاعر” بل القاءك جيد للنصوص العادية ؟
أنا اكتب واقول ماهو حقيقي من أحساسي باي قضية انسانية وهذه هي طريقتي ومن لهم تحفظات على ما أقدمه هذه حريتهم، لكني أراك بدأت تقسو علي بالأسئلة ولكن سأرد علي الذين يحتفظون وينتقدونني ، يجب عليهم أن يفسروا لي وجه النظر حول التحفظ دون تركها عائمة هكذا ، وما أستطيع قوله أن لكل حريته فيما يرى،ولي ايضا بنفس المقدار حريتي في طريقتي التي أكتب بها وأعبر بهاواعتقد أن مثل ما وجدت الرفض بالمقابل وجدت القبول وهكذا الحياة.
*هل تعني ان لديك مدرسة جديدة في كتابة النصوص؟
كل ما يعنيني هو أن أكتب فقط، ولا أكتب بمهنجية مثل ما تطلبه البحور الشعرية وإن فعلت ذلك فلن أستطيع، الكلمات هي بنات افكاري وخاصتي ولا تعنيني “التفعيلة” وبالضرورة اطلعت عليها فقط ولا شيء يلزمني بها، هل كان الشاعر “عنترة” يضع التفعيلات أمامه ثم يكتب الشعر، الكتابة موهبة لك أن تحتفظ بالموسيقى الخاصة بك فيما تكتب فقط لأنها تخص الأدوات التي تكتب عليها والهيكل المتكامل للقصيدة، فأنا كل هذا لا يعنيني في شيء والذي يعنيني حقا هو أن ما أقدمه ان يكون ذا قيمة، كل ما يعني التحليل هو يخص النقاد، يقولون متطفل على الشعر أو الأدب فهذا شأنهم، أنا لست متطفلاً على نفسي وهذا يكفيني، وانا مقتنع بما أقدمه ولم أخن ذاتي يوماً ولن أخونها ابداً هذه مجرد تنظرات ليس الا..
*ماذا تقول عن بعض المثقفين وعلاقتهم بالسلطة ؟
الشاعر او الكاتب او المثقف ينبغي أن يكون حرا من كل القيود وملك لادواته الابداعية تجاه مجتمعه لكن هناك مثقفين وكتاب و شعراء للأسف يدعمون نظام معين “السلطة” وينتمون لتيار محدد فهؤلاء لا يشرفونني، ولا أنتمي لهم.أنا لا أستطيع أن اتحفظ على أشخاص بعينهم فقط أتحفظ على الشعراء المحسوبين على أنظمة معينة، ومن يجهرون بموالاتهم للسلطات اي كانت لانهم سيعبرون عن افكارها ،وانا اؤمن بأن يكون الولاء أولاً لذاتك ولمجتمعك ثانياً، اما أن يكون ولائك لنظام بصفة الوطنية فهذا ما لا أتفق فيه مطلقاً.
*كتبت بقوة وثورية هل انت ثائر ام سياسي ام شاعر ؟
يمكن القول كل ما وصفته صحيح أنا لم أتصنع شيء، فالثورية راسخة في داخلي وهكذا سأعيش ولا يمثلني أحد أنا قدوة روحي.،الثورية تعلمتها من تجارب سابقة من الناس، ومن والدي في الأساس، وهو الثوري المقاوم للاستعمار، علمتني الثورية أمي التي ربتنا وزرعت فينا القيم، علاقتي بالأرض والأنتماء في حد ذاتها مختلفة ومستمدة بالحق فالثورية، خليط لكثير من الأشياء،وكل هذا موجود في نصوصي التي كتبتها ففي احد النصوص مرة قلت “أنا عرائس الشمعِ، أنا الفضيحة الكبرى في حضن مجتمعي” أتيت بثوريتي من مجتمعي الذي أعيش فيه، من العادات والتقاليد، من رؤية المرض وعدم المقدرة والمخازلة على معالجته، أتيت بها من ثورة تونسية علمتنا أن نسأل أنفسنا أسئلة مهمة، أسئلة حياتية ووجودية.
*جائزة أفرابيا وانت ضيف شرف التدشين كيف وجدتها ؟
سمعت أصداء وحكايات عن جائزة أفرابيا، وما أعجبني فيها حقاً دعم المواهب الشابة، من خلال إعطاء الفرصة للشباب لإبراز مواهبهم، وقيمة المكافئة في معنوياتها قبل ماديتها، لانها تكسب الاحساس بالعمل فيما هو قيم، أنا سعيد المشاركة، حسيت بأنني يمكن أن أقدم الكثير من خلال إحتفاء الجمهور السوداني بي..
*هل غضبت من انتقاد البعض لك في السودان في وسائل التواصل الاجتماعي ووصفك بانك ليس شاعر؟
كما قلت لك الناس احرار فيما يرونه فقد سمعت انتقادات تقول “من هذا الذي تحتفون به وما يقدمه لا يرتقي للشعر” ان كان لا يرتقي للشعر يكفيني فخراً أن يرتقي ليكون ما أكتبه يعني إنه أنا، التسميات لا تعني شيء، المهم هو الجوهر والقيمة، تحدثت انت عن التفعيلة، ماذا فعلت امام انهيار الأمة؟!.. انا أبذل جهدي لأساهم في التغيير ونشر وعي معين، أدافع عن روحه ومجتمعي
*هل تعاني من لقب “شوشان” وفي مضمونه تلميح عنصري ؟
شوشان لقبي وتعني في تونس اللون الأكحل، وهو لقب استمده من عشيرتي الشوشانية، و الشوشان تعني العبد، وفي نفس الوقت هو لقب العائلة التي أنتمي اليها، وجدته أمامي فاخترته ويعجبني، واستديت روحي منه وجاء دوره ليستمد روحه مني لأنني حملته كلقب، فلا يجب نربطها بالعبودية أنا مساند لكل القضايا المرتبطة بالعنصرية ولكن القضية الأساسية هي وجود الانسان، وكلنا بشر لكن منا يستطيع أن يرتقي بذاته ليكون إنساناً، ليكون أرفع قدراً من الملائكة عندالله، هذا هو السؤآل، الإنسانية ليست سهلة لا بدّ من أن تربح بها، والعنصرية جزئية بسيطة..
حوار: عيسي جديد
اخر لحظة
شميش بس