كيف ماتت هذه الشخصيات التاريخية الشهيرة؟
سواء كانت حمى غامضة أم عجز مفاجئ، فإن التشخيص الأكيد الذي يؤدي إلى موت أحدهم يترك الكثير من الأطباء في حيرة كبيرة، ولكن في كل عام يجتمع العديد من الأطباء لمواجهة تحدٍ أصعب: إصدار حكم عن كيف ولماذا ماتت أشهر الشخصيات التاريخية.
فمن فلورانس نايتنغيل حتى تشارلز داروين ومن لينين حتى كرومويل، انغمس الأكاديميون في دراسة التقارير التاريخية لفحص الأدوية وبعض الحالات التي ذُكر سبب وفاتها، والآن يسلط الخبراء الضوء على سلطان القرن الـ12 صلاح الدين الأيوبي لكشف سبب وفاته في عمر الـ56، 1193 ميلاديًا.
يقول الدكتور ستيفن غلوكمان أستاذ الطب في جامعة بنسلفانيا: “من الصعب اكتشاف ذلك لأن المعلومات الأساسية غير موجودة فلا توجد اختبارات ولا تقارير تاريخية، لا يوجد الكثير على الإطلاق”، وأشار إلى وجود القليل من المعلومات الموثوق بها التي تتضمن آخر أسبوعين من مرضه.
هذه القضية أحدث ما سيتم طرحه في مؤتمر الباثولوجيا التاريخية في الولايات المتحدة الأمريكية.
يعتمد غلوكمان في بحثه على الأمراض التي كانت شائعة في هذا العصر وأيها كان مميتًا
يقول مدير المؤتمر الدكتور فيليب ماكوياك من جامعة ميرلاند: “هذا العمل فريد من نوعه، فلم يقم به أحد آخر من قبل بحسب معلوماتي”، وأضاف أن المؤتمر يجمع الأكاديميين من الطب والفن، والهدف من ذلك بحسب قوله تدريس تاريخ الطب وتعليم المتدربين مبادئ التشخيص، وهناك هدف أخير هو الترفيه والتسلية.
تصف التقارير التاريخية أعراض المرض الأخير لصلاح الدين التي تتضمن التعرق وهجمات حمى صفراوية وصداع، لكن السبب الرئيسي للمرض كان محل نقاش لفترة طويلة، ومن بين الأمراض المقترحة مرض السل السحائي.
يقول الدكتور غلوكمان الذي طُلب منه بحث الحالة إنه يقيّم الأدلة وتوصل إلى أن الجاني عدوى بكتيرية هي التيفود، وقال إنه يعتمد في بحثه على الأمراض التي كانت شائعة في هذا العصر وأيها كان مميتًا وأيها كان يسبب الوفاة في فترة أسبوعين، وهناك احتمال آخر هو الحمى النمشية “التيفوس”.
موت صلاح الدين أفسد خططًا لحملة محورية
لكن هذا التشخيص ليس أكيدًا، حيث يعترف ماكوياك أنه لا يوجد دليل على أن صلاح الدين كان يعاني من آلام البطن – أحد الأعراض الشائعة للتيفود – لكنه قال إن السجلات التاريخية لم يكتبها الأطباء وكُتبت بعد الحدث غالبًا.
سيلقي دكتور توم آسبريدج مؤرخ العصور الوسطى بجامعة كوين ماري في لندن محاضرة في المؤتمر عن انتصار صلاح الدين في معركة حطين واستعادته للقدس، ويقول آسبريدج إن موت صلاح الدين أفسد خططًا لحملة محورية، وأضاف: “من وجهة نظر العالم الإسلامي فموت صلاح الدين كان حدثًا مأساويًا، فقد حارب طويلًا وبشدة وبطريقة ملتزمة فيما يسمى بالحملة الصليبية الثالثة، تلك الحملة التي قادها ملك إنجلترا الجديد ريتشارد قلب الأسد”.
من بين الشخصيات الأخرى التي بحث المؤتمر سبب وفاتها كانت الممرضة الشهيرة فلورانس نايتنغيل التي قضت عقودًا من عمرها في صحة سيئة حتى وفاتها بعمر الـ90، وتقول الشائعات إن مرضها الغامض كان مرض “الزهري” بينما استبعد آخرون ذلك بشكل قاطع.
لا يمكن الجزم بالتشخيص النهائي لهذه الحالات
يقول ماكوياك: “لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لهذا التشخيص، فالأعراض التي كانت لديها لا تتفق تمامًا مع مرض الزهري”، ويضيف أن اضطراباتها الشديدة تطهرت من تلقاء نفسها بعد 30 عامًا من إنهاك نايتنغيل جسديًا ونفسيًا، ويؤكد أنها لم تكن في أي علاقة جنسية مع أي شخص على الإطلاق.
ويضيف ماكوياك أن نايتنغيل مرت بـ4 حالات غالبًا وهي: اضطراب ثنائي القطب وعدوى البروسيلات البكتيرية – التي عُرفت بعد ذلك باسم حمى القرم – ثم أصيبت باضطراب ما بعد الصدمة وفي النهاية أصابها الخرف.
كانت وفاة أبراهام لنكولن من الرصاصة التي أطلقها الممثل جون ويلكس بوث محل بحث أيضًا، حيث يقول ماكوياك: “نحن نتساءل لو أن لنكولن أصيب برصاصة فكيف تمت معالجته في وحدات الصدمات الكهربائية؟ وما الذي يعنيه ذلك”؟ ويضيف ماكوياك أنهم يعتقدون بأنه كان من الممكن أن ينجو لنكولن وربما كان سيصبح معافًا بما يكفي ليواصل عمله كرئيس.
لكن في النهاية يقول ماكوياك إن المؤتمر لا يقدم تشخيصات نهائية، ولا يمكن الجزم بالتشخيص النهائي لهذه الحالات لأنهم لا يمتلكون أي نتائج اختبارات نهائية أكيدة لأسباب واضحة.
المصدر: الغارديان