رأي ومقالات

ليس من الحصافة ربط مصير القوات السودانية في اليمن بالعون من أي دولة ،في هذا إهانة كبيرة للسودان

دماؤنا.. ليست للبيع!!

قبل سنوات، وعاصفة الحزم في بواكيرها، دعانا السفير السعودي السابق للقاء صحفي بمقر السفارة بالخرطوم.. ومن خلف منصة والجميع وقوف ألقى كلمة بروتوكولية رسمية.. ثم دعانا لجلسة حوار في صالون فسيح..

أحد شباب الصحفيين سأله بما معناه (السودان شارك في الحرب باليمن لكن لم يستلم حتى الآن أي “قروش”) نطقها هكذا “قروش”.. السفير لم يفهم فالتفت إلى نقيب الصحفيين الأستاذ الصادق الرزيقي فشرح له أن المقصود بـ”قروش” هو الدعم المالي السعودي.. في الحال رد السفير ببعض السخرية ( من ناحية “قروش” نحن لن ندفع “قروش”.. كل الذي يمكننا تقديمه هو مشروعات استثمارية) ثم صمت برهة وأكمل الجملة (إن كنتم مستعدين للاستثمار!).. ثم ببعض العتاب قال السفير للصحفيين السودانيين، ما معناه (أربأ بكم أن توصموا جيشكم بالقتال من أجل المال)!

والجملة الأخيرة هي عين الحقيقة، الجيش السوداني خاض غمار حروب كثيرة خارج حدوده بمنتهى الشرف والعزة والفخر من أجل المبادئ لا طلباً للمال، حارب في مصر أكثر من مرة، وحارب في فلسطين، وحارب في لبنان مع القوات العربية، وحارب في ليبيا في الحرب العالمية وفي إريتريا وإثيوبيا، وفي الكويت، بل وحارب في أقاصي الدنيا في المكسيك.. وغيرها من الدول.. في كل تلك الحروب لم يسجل التاريخ أن الجيش السوداني ذهب من أجل “القروش”.

ليس من الحصافة ربط مصير القوات السودانية في اليمن بالعون المالي أو العيني أو الدبلوماسي من أية دولة.. في هذا إهانة كبيرة للسودان عامة وللجيش خاصة.. ولدهشتي أمس كنت أقلب في وثائق من صحف سودانية قديمة في العام 1966، كان “المانشيت” (السودان يتوسط بين السعودية واليمن) وفي تفاصيل الخبر أن السفير السعودي بالخرطوم أبلغ الرئيس إسماعيل الأزهري بقبول السعودية للوساطة السودانية لحل نزاعها مع اليمن.. وفي اليوم التالي نشرت الصحيفة في المانشيت.. (تفاصيل المشروع السوداني للوساطة بين السعودية واليمن).. كان خاطرنا الدبلوماسي كبيراً عند الدول العربية.. لأننا لم نكن ننظر أو ننتظر إحساناً.. كنا كباراً على قدر كبريائنا.

حيثيات انسحاب الجيش السوداني من حرب اليمن لا يجب أن تقترب ولو بالتلميح من أية فواتير تجاه أي طرف.. مخجل للغاية إثارة القضية صحفياً بأية زاوية مادية فدماء أبناء السودان ليست للبيع.

أما أم (المخاجل) فهي الافتراض العجيب أن السودان دولة على قارعة الطريق تنتظر الصدقات.. نحن دولة ثرية ولدينا موارد أكثر من كل الدول العربية.. نحن دولة مانحة، اليد العليا المعطاءة.. لا اليد السفلى..
نستطيع تحمل الأزمة الاقتصادية وأوزارها.. لكن ليس في استطاعتنا تحمل الإهانة المذلة..

عثمان ميرغني
التيار

‫5 تعليقات

  1. أستاذ عثمان ميرغني.. لا تعليق.. بس كلام في الصميم
    لا فض فوهك يا رجل

    بلدنا جنة يا استاذ عثمان..
    بس غائب عنها المحاسبة
    ومن امن العقوبة اساء الأدب
    فما بالك بمن يحفز ويرقي الحرامي والمرتشي إلى درجات عليا
    لو مرة واحد عمنا البشير حاسب نفسه أو أقرب الأقربين له ليكون عظة لغيره.. وهم كثر والكل يعرف ذلك لرجع السودان إلى سيرته الأولى.. عزة وشموخ واباء.
    كل ملتحٍ صار مكان شبه إلا من رحم ربي
    اتخلط الحابل بالنابل.. والناس صارت تلهث وراء المادة والثراء السريع دون النظر إلى الآخرين.
    ربنا يحفظك يا سودان

  2. المشكلة المرتشين بسبقوا الرئيس فى الكلام …….. عشان ما يتركوا ليه فرصة كلام ….. وهو بقتنع بدون تفكير ……. زى البقولوا عليه فاسد قدموا ما يثبت …….يعنى ما يثبت غير الامام الناس وشايفنه ……. عمائر وفلل وأختلاصات بملايين الدولارات …… وجوازات دبلوماسية لجميع افراد العائلة وأسرقوا وأطلعوا ……. يا حليل السودان وأهلنا الطيبين والكان زمان !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  3. الاستاذ عثمان ميرغنى
    نتفق معك بانه ليس من الحصافة ان تقاتل قواتنا المسلحة خارج حدود الوطن مقابل اجر مدفوع و نقول بان المبادى اغلى من المال و ان القيم اسمى من المنافع لكن السؤال الذى لا تستطيع ان تجيب عليه انت هو اين القيم ؟ و اين المبادى فى الواقع الذى نعيشه اليوم ؟ و ما قاله الصحفى المبتدى على ما اظن بكل صراحة و وضوح و بدون محسنات لفطية ( القروش ) هو الصاح و نحن الخطاء لاننا ظللنا نتوارى بسبب خجلنا و حياءنا من المطالبة بحقوقنا و لم نجنى من شهامتنا و مرؤتنا و فزعتنا غير الاساءة و الاستفزاز و الذل و التحقير و الهوان من اراذل الدول و الشعوب فعشمنا فى اجيالنا القادمة ان تضع النقاط فوق الحروف و الاماكن التى عجزنا نحن على وضعها فيها حتى نستعيد عزتنا و كرامتنا و كل ما نملكه اذا لم يكن للبيع يا عثمان لن يكون للتوزيع بالمجان

  4. أستاذ عثمان….
    كلامك جميل بس الناس ماقاصدة انو الجيش يحارب من اجل المال…
    الناس ممتعضة من انو السودان يقف مع الجوار في أحلك ظروفه وعلى مر التاريخ ولمن يمر بأزمات لايجد من يقف معه ولا حتى من يواسيه..
    كدي طيب عرف لي البلد الشقيق الفالقيننا بيها في الصحافة معناها شنو؟
    دا البيخلي الناس تسأل عن جدوى وقوفنا مع جيراننا.