تحقيقات وتقارير

قرية التكلة .. الأرض المحروقة .. تفاصيل جديدة

قرية التكلة
الأرض المحروقة… تفاصيل جديدة
برلمانية: الشرطة مسؤولة عن الحريق ونمتلك أدلة دامغة على تورط أفرادها
معتمد الحصاحيصا: كونا لجنة تحقيق وتقصي وننتظر نتائج التحقيق
معتمد شؤون الولاية: هذه للأوضاع غير لائقة بالمواطنين وغير مقبولة
عضو لجنة شعبية: أفراد الشرطة تعاملوا معي باللكم و(البونية)

في تطور لافت احتشد الآلاف من سكان الكنابي نهاية الأسبوع الماضي بقرية التكلة محلية الحصاحيصا التي شهدت أحداثاً دامية في 24 أبريل الماضي إبان تنفيذ أمر قضائي بازالة مبان بالقرية. ونصب آلاف المواطنين صيوانات في (طرف) القرية عبروا داخلها عن غضبهم الشديد لما حدث من تجاوزات للشرطة التي استخدمت القوة المفرطة أثناء محاولتها تنفيذ الأمر وأطلقت الغاز المسيل للدموع داخل المنازل ما أدى إلى اندلاع حريق هائل قضى على كميات كبيرة من أملاك ومحاصيل المواطنين من عيش وكبكبي وفول سوداني وقمح وقدرت الخسائر بأكثر من 3 مليار جنيه.

رواية شاهد عيان:
وكشف رئيس اللجنة الشعبية بالمنطقة النور اسماعيل محمود وهو شاهد عيان عن تجاوزات خطيرة من قبل أفراد الشرطة على المواطنين، وأعتبر أن تعامل رجال الشرطة الفظ مع مواطني القرية العزل أمر في غاية الخطورة، خاصة ضربهم للنساء وكبار السن والأطفال بالهراوات وإستخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة مفرطة، وأفاد رئيس اللجنة الشعبية عن تعامل سيء تلقاه من قبل رجال الشرطة (ولكمة بالبنية)، وحمله على متن عربة الدورية، وتدوين بلاغ الازعاج العام في مواجهته.

إقرار واعترف:
تجاوزات الشرطة أقر بها ثلاثة مسؤولين ونائبة برلمانية سجلوا زيارة خاطفة للقرية بينهم معتمد الحصاحيصا والكامل ومعتمد شؤون الرئاسة بالولاية. الإقرار وحده كان يمكن أن يكفي للشروع في محاسبة أفراد الشرطة الذين تورطوا في الأحداث بيد أن المسؤولين كشفوا عن تكوين لجنة تقصي حقائق شارفت على نهايتها في جمع المعلومات وكتابة تقريرها توطئة الدفع به إلى جهات الاختصاص.

الإدارة الأهلية حاضرة:
ممثل الإدارة الأهلية العمدة عبدالله إسماعيل زرقان أدان وشجب ما تعرض له المواطنين في التكلة ووصف ما حدث بالفعل الهمجي محذراً من تكرار هذه الأحداث التي ربما تفجر الأوضاع في ولاية الجزيرة التي لم تشهد أي أحداث بربرية من قبل وكذلك فعل ممثل شباب القرية الذي طالب بالتحقيق والتقصي وضرورة توفير خدمات الكهرباء والماء وغيرها.

وضع غير لائق:
كلمات الشجب والإدانة داخل الصيوان لم تأتي من المتضررين والمؤازرين فحسب بل كانت تخرج من أفواه المسؤولين أنفسهم فمعتمد الرئاسة قال إن الوضع داخل القرية غير لائق وغير مقبول ثم طالب بمعالجة أوضاع المواطنين وتعديل هذه الصورة وكان يشير إلى أعمدة الكهرباء التي تقف أمام منازل المواطنين تنقل عبر اسلاكها التيار الكهربائي إلى بيوت داخل القرية وتتجاوز ما تسميه حكومة ولاية الجزيرة مجازاً (السكن الاضطراري). ورغم أن الرجل أكد أن والي الجزيرة يتابع وباهتمام ملف هذه الأحداث إلا أنه وجه معتمد الحصاحيصا بمعالجة ما وصفها بالأوضاع غير اللائقة بحق مواطنين سودانيين.

تجاوزات خطيرة:
وكانت الشرطة قد اعتقلت سبعة مواطنين بينهم امرأتين واحدة سبعينية ولم تطلق سراحهم إلا بعد أربعة أيام حسبما ذكر أحدهم إذ قال إن الشرطة لم تقم بالتحري معنا لكن نقلتنا من الحراسات إلى المحكمة في اليوم الرابع وطلب محاميهم تأجيل الجلسة وأطلق سراحهم بالضمان على أن تعاود جلسات المحكمة في شهر يونيو المقبل. وكانت الشرطة أيضاً قد أصابت امرأة بطلق عيار ناري في فكها وعلى الكتف حملها أفراد الشرطة إلى مشفى الربع وقام الطاقم الطبي هناك بمتابعة حالتها ومداواتها دون استخراج أورنيك 8 إلا بعد مطالبة ذويها بذلك عبر عريضة دفعوا بها منضدة وكيل النيابة الذي أمر باستخراج الاورنيك بعد أربعة أيام من دخولها المستشفى في تجاوز خطير للقانون حسبما روت المصابة قصتها.

سهام سهام:
وشهد صيوان القرية المحروقة نهاية الأسبوع الماضي مواجهة ساخنة بين النائبة البرلمانية عن حزب التحرير والعدالة سهام حسن ومعتمدة الحصاحيصا والكاملين سهام كانت تتحدث بلهجة حادة أمام الحشود وفي حضرة المعتمدين ووجهت اتهامات صريحة للشرطة بأنها استخدمت القوة المفرطة وأطلقت أعيرة نارية على المواطنين العزل وكذلك الغاز المسيل للدموع داخل منازلهم ما أدى إلى اندلاع الحريق هناك واستعرضت معاناة الكنابي وأوضاعها السيئة داخل ولاية الجزيرة سيما قرية التكلة مشيرة إلى أعمدة الكهرباء المنتصبة أمام منازل المواطنين لتضيء منازل أخرى في ذات القرية ثم شبكة المياه على بعد أمتار من منازلهم وتسقي آخرين. سهام طالبت بتوصيل كل الخدمات وتوفيق أوضاع المواطنين وحملت مسؤولية ما حدث للشرطة وحكومة الولاية فيما المحت بإمكانية استدعاء وزير الداخلية الى البرلمان لمسألته وكذلك تحريض نواب حزبها بمجلس الولايات باستدعاء والي الجزيرة.

غضب وغيظ:
كلمات سهام ربما أغضبت معتمد الحصاحيصا فالرجل لم يكظم غيظه من كلمات سابقيه فاستشاط غضباً في كلمته متحدثاً عن استهداف السودان والمحكمة الجنائية وحلق بالحشود بعيداً حيث لفت نظرهم إلى مؤامرات تستهدف السودان تحاك وراء البحار وصل بالحشود إلى كندا وأبلغهم بأن مؤامرة تحاك هنا لاستهداف البلاد. وقبل ذلك طالب الناس بأن يخزوا الشيطان وهتف بالتكبير والتهليل وربما نسي الرجل انه يتحدث داخل قرية التكلة أو ربما تناسى ذلك عمداً ثم دلف لما تعرضت له القرية في كلمات بسيطة ومؤجزة بعد أن سخر معظم حديثه عن الدين والوطن وكشف عن تكوين لجنة تقصي حقائق من الأمن والنيابة والمحلية واستبعد الشرطة لانها طرف في الأحداث.

انتقادات للمعتمد:
متضررون من الأحداث وجهوا انتقدت عنيفة لمعتمد الحصاحيصا بعد مغادرته عقب انتهاء خطابه المرتجل وقال المتضررون إن الرجل غرد خارج السرب ولم يتحدث عن قضيتهم الأساسية بل ولم يكلف نفسه بمعالجة أوضاع الذين ما زالوا يبيتون الليل في العراء ويزاحمون إخوانهم نهاراً الذين يضيقون لتتسع بيوت الطين لتاويهم. انتقادات المواطنين لم تنحصر في خطاب المعتمد فحسب بل إنه زارهم بعد مرور أسبوع من الأحداث دون أن يقدم لهم حلولاً آنية لمشاكلهم. بل اكتفى بالإعلان عن تكوين لجنة تقصي حقائق ووعود بمعالجة الأوضاع.

ضارة نافعة:
(رب ضارة نافعة) بهذه المقولة طمئن معتمد الحصاحيصا مواطني القرية وأضاف أن ما حدث جاء به إلى القرية ورأى وسمع ووقف على الأوضاع ثم وعد بالحل وغادر بعد كلماته عن الدين والوطن وصاياه بعدم تهويل الأحداث ثم أردف (كلها ستين جوال وبنجيبها). غادر وترك وراءه معاناة مواطنيه دونما حلول آنية بيد أن الإدارة الأهلية تعهدت بكل شيء وطالبت قواعدها في القرية بالهدوء وعدم التعامل بردة الفعل ثم وعدتهم بمتابعة القضية في كل جلسة محاكمة حتى يقتص ممن ظلمهم.

التكلة: علي الدالي
صحيفة الجريدة