عالمية

مرحلة أخيرة من التباحث حول سدّ النهضة: لا أمل مصرياً

تسيطر حالة من الترقّب داخل الحكومة المصرية، قبل ساعات من المفاوضات التي تعتبرها مصر الأخيرة لسد النهضة الإثيوبي، خلال اجتماعات ستُعقد اليوم السبت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور وزراء الخارجية والموارد المائية والري ورؤساء أجهزة الاستخبارات في الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان. وزاد من حالة الترقّب في القاهرة، التقارب الشديد بين الخرطوم وأديس أبابا، من خلال الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، والتعاون بينهما في شتى المجالات، خصوصاً خطط التنمية الاقتصادية.

كذلك، تسيطر حالة من الشعور بالفشل على المفاوضات المرتقبة، في ظلّ إصرار الحكومة الإثيوبية على المُضي قدماً باستكمال بناء السد، نتيجة للضغوط الشعبية الداخلية على رئيس الوزراء الجديد آبي أحمد علي، لبناء السد بهدف تحقيق النهضة الاقتصادية بالبلاد، خصوصاً في قطاع الكهرباء، وإقامة مشاريع استثمارية ضخمة تقوم على الكهرباء، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

ويرى مراقبون مصريون أن أديس أبابا “ماضية في بناء السد مهما كانت التحديات”، معتبرين أنّ “هناك توافقاً شعبياً إثيوبياً كبيراً على بنائه”، وأن رئيس الوزراء الجديد “يسعى إلى التوافق الشعبي، خصوصاً في بداية حكمه، ولم يبدِ منذ تولّيه رئاسة الحكومة مرونة في التعامل مع قضية سد النهضة، مثلما أظهر مرونة في القضايا الأخرى”. كذلك يرى هؤلاء المراقبون أن “الضغوط الداخلية ستقلّل من قدرة آبي أحمد على إظهار أي مرونة في جولة المفاوضات الجديدة، وبالتالي ستكون جولة اليوم أصعب من الجولات السابقة، لأن التحديات أصبحت أكبر، خصوصاً على المستوى الداخلي في إثيوبيا”.

ولم تُجدِ محاولة الرئيس السوداني، عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الطمأنة إلى عدم تأثر حصة مصر من مياه النيل، يوم الخميس، في تبديد المخاوف المصرية. وأكد البشير وآبي أحمد التزامهما بعدم تأثر حصة مصر من المياه بإنشاء سد “النهضة”. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك للبشير وآبي أحمد، في القصر الرئاسي بالخرطوم. وقال الرئيس السوداني: “ناقشنا خلال المباحثات المشتركة، ملف سد النهضة بتوافق كامل، ونعلن التزامنا بعدم تأثر حصة مصر من المياه بإنشاء سد النهضة”. وأضاف: “سبق أن حددنا الآثار السلبية والإيجابية لإنشاء سد النهضة، ووجدنا أن الآثار الموجبة أضعاف الآثار السالبة، وسلامة جسم السد من دون أن يشكل أي تهديد، وبرنامج التشغيل، ومواقيت ملء البحيرة، من دون أن تتأثر منشآت الري في السودان ومصر”.

من جانبه، أكّد مصدر مسؤول في وزارة الموارد المائية المصرية، لـ”العربي الجديد”، أنّ وزير الري، محمد عبد العاطي، عقد خلال الساعات الماضية اجتماعاً مع عدد من المستشارين في الوزارة، وعدد من خبراء المياه والقانون، حول نتائج تلك المفاوضات الحاسمة المتوقعة خلال الساعات المقبلة. وأوضح المسؤول أن “الشعور بفشل المفاوضات المرتقبة كان يسيطر على تلك الاجتماعات، لا سيما بعدما رأى الجميع نتائج المفاوضات السابقة التي سيطر عليها عدم التوافق”، في ظلّ رفض الحكومة الإثيوبية إبداء أي تجاوب مع مصر بخصوص ملء الخزان وتشغيل السد والاستفادة بالطاقة الكهربائية، وهو ما سوف يؤثر على الحياة في مصر، بعدما ستنخفض كمية المياه الواردة إليها المحددة سنوياً بـ55.5 مليارات متر مكعب، والتي قد تصل إلى أقل من 25 في المائة خلال الأشهر المقبلة.

وأضاف المسؤول أن الحيرة سيطرت على اجتماعات الوزير في كيفية التعامل مع تلك الأزمة، خصوصاً أن نهر النيل هو شريان الحياة في مصر ولا بديل عنه. إلى ذلك، رأى خبير الموارد المائية الدكتور عباس شراقي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “المفاوضات المنتظرة هي الحاسمة، ومصر تعتبرها بمثابة جلسة نهائية لعرض مطالبها حول سد النهضة”، مشيراً إلى أنّ “هناك مخاوف من أن يكون مصير مفاوضات اليوم، هو الفشل مثل المفاوضات السابقة، وهو تخوّف يسيطر على الجميع بما في ذلك القوى الشعبية والسياسية، وهو الأمر الذي يضيف صعوبة أمام الجانب المصري”.

وتوقّع شراقي “أن تلجأ مصر إلى التحكيم الدولي وإلى الاتحاد الأفريقي في حال فشل مفاوضات اليوم”، متوقعاً أيضاً “أن يتم تشغيل السد خلال الأشهر المقبلة بعد استكمال البناء، وهو ما يشير إلى ترجيح فشل أي مفاوضات”، مشيراً إلى أن مرحلة “التشغيل التجريبي” لسد النهضة تعني التخزين لمياه النيل خلف السد.

فرانس24