الفاتح جبرا

الناس دي نصيحة؟

مدخل:
دخل رجل على هارون الرشيد، وقال: إني أستطيع أن أعمل عملاً يعجز عنه كل الناس فقال الرشيد: هات ما عندك فأخرج الرجل علبة فيها كثير من الإبر، فغرس إحداها في الأرض، ثم أخذ يرميها إبرة إبرة، فتشبك كل إبرة في ثقب الإبرة التي سبقتها ثم وقف الرجل مزهوًّا بما عمل، وانتظر من الخليفة جائزة عظيمة نظر له الرشيد مليًّا، ثم اتخذ قراراً عجيباً إذ أمر بضرب الرجل مائة جلدة عقوبة، مع منحه مائة دينار مكافأة، اندهش الحاضرون لموقف الخليفة فقال لهم:
– أعطيته مائة دينار تقديراً له على حِذقه ومهارته وضربته مائة جلدة لأنه يصرف ذكاءه فيما لا ينفع الناس!
الحكاية:
أكاد أن أجزم بأنه لا يوجد كيان أو جهاز في العالم لم يخدم الغرض الذي أنشئ من أجله كجهاز تنظيم شئون المغتربين بالخارج (بتاعنا طبعن) فهذا الجهاز ومنذ إن أنشئ برع وتفنن في تنظيم (حلب) المغتربين بالخارج ولم ينظم لهم من أعمالهم شيئاً ولم يقدم لهم عملاً ملموساً على الرغم من مئات المليارات من العملات الأجنبية التي دخلت إلى خزينته طوال عمره المديد بل ثبت في كثير من الأحايين أن هذا الجهاز يفشل حتى في تقديم أبسط الخدمات التي لا تساوي شيئاً للمغتربين بالخارج.
على مدار كل هذه السنوات من عمر هذا الجهاز والتي قاربت الأربعين عاماً يخفق كثير من المغتربين في معالجة قضاياهم مثل قبول أبنائهم في الجامعات السودانية بمعادلة عادلة، ومنحهم إعفاءات جمركية مقابل ما دفعوه للدولة من ضرائب مباشرة وغير مباشرة، هذا عوضاً عن المشكلات التي يواجهها نزلاء السجون أو من يحتاجون عوناً قانونياً، هذا غير مشكلات الأسر التي تود العودة للبلاد لكن صلاحية الجوازات وتذاكر العودة تمنعها من ذلك والكثير الكثير من المشكلات التي ترزح فيها قبيلة المغتربين والتي هي من صميم عمل هذا الجهاز الذي يقتصر كل نشاطه في (الحلب) وإبتداع وسائله.
كانت تلك المقدمة عزيزي القارئ وإليك (الموضوع بالتفصيل) في خبر أوردته (وكالة السودان للأنباء) مؤخراً يعطيك فكرة عن نوعية إهتمامات هذا الجهاز والمشكلات الملحة التي يسعى إلى حلها ولكن بعد فاصل تتناول فيه حبوبك وعلاجاتك وأنا بعد ده ما مسؤول
عدنا… يقول الخبر يا سادتي:
تنظم إدارة التدريب بجهاز المغتربين، حلقة تدريبات علمية للسودانيين المقبلين على الهجرة على تقاليد وعادات بلدان المهجر والاهتمام بالمظهر العام وكيفية الإندماج ومشكلات الاستلاب الثقافي والانتماء للوطن! وقد صرحت الأستاذة سلوى التني مدير إدارة التدريب بالجهاز لوكالة السودان للأنباء إن الحلقة تبحث تدريب المهاجرين على تقاليد وعادات بلدان المهجر والاهتمام بالمظهر العام وكيفية الاندماج ومشكلات الاستلاب الثقافي والانتماء للوطن!!
(إنتهى تصريح الأستاذة مدير إدارة التدريب)…
بداية سألت نفسي الأمارة بالسوء: هل هل يقصد بالمهاجر (الزول الفايت البلد نوهائي أم المغترب)؟ كما سألتها عن كيفية التسجيل لهذه الدورة؟ هل الشخص المعني بها هو الزول الذي يفكر في الهجرة؟ أم الشخص الذي قام بعمل جميع إلإجرآءات وعمل تأشيرتو؟ ثم سالتها مرة أخرى: كيف ستقوم هذه الحلقة بتدريب جميع المهاجرين لمعظم البلدان المختلفة بإفتراض إنو (كل زول مهاجر لي حتة براها) ناس مهاجرة كندا وأخرى البرازيل وثالثة أيرلندا ورابعة الكويت إلخ.
ثم طفقت أتخيل كيفية تدريب المهاجرين على المظهر العام.. وهل يشمل ذلك أختيار تفصيلة البدلة التي تناسب المهاجر وأختيار الألوان الماتشنغ والأهم من ذلك كله تعليمهم كيفية ربط (الكرفتة)، أم يقتصر ذلك على (الزي الوطني) من مركوب وجلابية وشال وعمة، مع وجود مدرب مقتدر يعلم المهاجر كيفية لفها ببراعة!
هنيئاً لأبناءنا الذين يفكرون في الهجرة أو الإغتراب لدول العالم المختلفة فها هو جهاز تنظيم شؤون المغتربين يقوم بإعدادهم لمواجهة المشكلات التي قد يلاقونها كالقدرة على الإندماج ومشكلات الإستلاب الثقافي والإنتماء للوطن أما ملايين المغتربين الذين (دفعوا ولا يزالون) دم قلبهم ويأملون أن تحل قضاياهم ومشكلاتهم العالقة منذ سنوات طويلة فلعلهم يوافقون العبدلله أن يتم مكافأة الجهاز على مثل هذه الدورة بمثل مكافأة الخليفة هارون الرشيد لذلك الرجل (بتاع الإبر)!
كسرة: المغتربين قالو الرووووب تقولو ليا الإندماج والإستلاب الثقافي وشنو ما عارف!
الناس دي والله ما نصيحة!!
(تنبيه هام مع إفتتاح محكمة الفساد: يوجد (واو) جديد!!
• كسرة تصريح النائب العام: (لا حماية لفاسد ولا كبير على القانون)… في إنتظار ملف هيثرو 4 واوات (ليها أربعة شهور)!
كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… 8 واوات (ليها ثمانية شهور).
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 97 واو – (ليها ثمانية سنين وشهر)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 56 واو (ليها أربعة سنوات وثمانية شهور).

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة

‫3 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا اخونا جبرا كفيت ووفيت. لكن للأسف لا حياة لمن تنادي.

  2. هو فضل فيها إغتراب ما الناس كوووولها راجعة … حقو حلقة التدريبات دي تكون تكون لكيفية مواكبة المغتربين للعيشة في السودان والتعايش في ظل الغلاء والمجابدة مع الأزمات … وبالمرة تهدئة نسوان المغتربين وتمينهم إنو السودان دا ما جهنم

    قال مساجين وتذاكر وجوازات منتهية … الحين ظهرت ” أم كُبُك ” جديدة إسمها المقابل المالي … ويحلنا الحلة بلة

  3. كرار التهامي يعمل لفئات معينة من المغتربين ويتجاهل ذوي الدخل الضئيل هربا من الغلاء في السودان و العامل الذي يكاد يساعد اهله بحفنه من الريالات ونسى الراعي الذي رفض من تربية واخلاقة التى غادر بها السودان مبلغ من المال في سبيل ماشية يقوم برعيها لكفيله فهل نجن في حاجة (( لحلقة تدريبات علمية للسودانيين المقبلين على الهجرة على تقاليد وعادات بلدان المهجر والاهتمام بالمظهر العام وكيفية الإندماج ومشكلات الاستلاب الثقافي والانتماء للوطن )) هناك رائحة فساد في هذا التدريب ؟؟ فساد في وضع النهار .. هل تحتاجون لدليل ..