عالمية

وفاة عالم إيغوري بسجون الصين تحيي حراك أبناء جلدته

سدل الموت الستار على حياة عالم الدين الإسلامي محمد صالح كاشغري، لكن أكثر من 15 ألفا أدوا صلاة الغائب على روحه في جامع الفاتح بمدينة إسطنبول وضعوا قضية شعبه “الإيغوري” على سكة الحياة من جديد.

فمنذ رحل الشيخ كاشغري داخل سجون الصين مطلع فبراير/ شباط الماضي، لم يخبُ حراك النشطاء الإيغور في تركيا وهم يطالبون باستقلال إقليم تركستان الشرقية عن حكم بكين و”رفع الظلم عن شعبها”.

وخلال الأسابيع الماضية، أقام النشطاء الإيغور عشرات الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية في مناطق متعددة من إسطنبول احتجاجاً على ما وصفوه بحملات الملاحقة والاستئصال التي تشنها السلطات الصينية بحق عائلاتهم في الإقليم الذي تطلق عليه بكين اسم تشينغ يانغ.

ويؤكد النشطاء أن الحكومة الصينية شنت في الأشهر الأخيرة حملات حرق ومصادرة لكافة الرموز الدالة على الهوية الإسلامية لسكان الإقليم ذوي العرق التركي (الإيغور) والذين يربو عددهم على تسعة ملايين نسمة.

ويسعى منفذو التحركات الشعبية في تركيا لإعادة قضية الإيغور إلى الضوء واصفين إقليمهم بأنه “فلسطين المنسية” في إشارة لتخلي العالم الإسلامي عن قضيتهم وتركهم وحدهم في مواجهة الصين.

لفت الأنظار
ويؤكد الأمين العام لجمعية “التعليم والتربية والتعاون الاجتماعي لتركستان الشرقية” عبد الأحد عبد الرحمن أن الدافع الرئيسي للحراك المتصاعد للإيغور في تركيا محاولة جذب أنظار الشعب والحكومة التركية لقضية تركستان الشرقية لأنها “قضية منسية ولا يعرف الناس عنها الكثير”.

ويوضح الناشط الإيغوري للجزيرة نت أن النشطاء الإيغور في تركيا يعملون على نقل رسالتهم للدولة “لتطلع على الظلم الكبير الذي وقع على شعب تركستان الشرقية علها تساهم في التخفيف عنهم من خلال علاقاتها واتفاقياتها مع الصين”.

لكن عبد الرحمن يؤكد أن التعاطف الشعبي التركي مع قضية الإيغور مازال ضعيفاً، نظراً لتأخر حراك الإيغوريين أنفسهم لتوضيح ما يتعرض له إقليمهم للأتراك.

ويشير إلى أن الشعب التركي -الذي يشارك الإيغور عرقهم ودينهم وعاداتهم وتقاليدهم- أكثر انشغالاً بالقضايا المحيطة به وفي مقدمتها سوريا وفلسطين وما يجري في مدينة القدس على وجه التحديد.

عبد الأحد: نحاول لفت أنظار تركيا لتضع مسألة الإيغور في اعتبارها ضمن علاقاتها واتفاقياتها مع الصين (الجزيرة)
انخراط الشباب والمرأة
وتظهر الفعاليات المتصاعدة للإيغور بتركيا انخراط قطاعات الشباب بشكل منظم في العمل لصالح قضيتهم، مع مشاركة فاعلة للإيغورية في فعاليات اليوم العالمي للمرأة.

ويبدو الارتباط جليا لهذه الفعاليات بتوجه مئات الإيغوريين الدارسين بالخارج إلى تركيا بعدما قامت حكومات عدد من الدول التي كانوا يدرسون بها بالضغط عليهم لإجبارهم على العودة للإقليم استجابة لطلب بكين.

وإلى جانب العمل الميداني، تعمل “ماكينة إعلامية” إيغورية بعدة لغات من تركيا لإيصال صوت كردستان الشرقية عبر ترددات الأقمار الصناعية ومن شبكات التواصل في الإعلام الجديد.

تعقيد متصاعد
ويعزو نشطاء ومفكرون إيغوريون بتركيا تصاعد حراكهم أيضا إلى تصاعد الهجمة الصينية على شعبهم منذ احتلال بكين لتركستان الشرقية عام 1949.

إذ يؤكد محمد محمود عضو جمعية “علماء مسلمي تركستان الشرقية” أن حملات الصين ضد الإيغور اتخذت طابع تطهير ديني وعرقي غير مسبوق منذ انطلاق الحملة الدولية على الإرهاب عقب أحداث الـ 11 من سبتمبر/أيلول 2001.

وقال محمود -خلال ندوة نظمتها جمعية “الحكمة” في إسطنبول الثلاثاء- إن أوضاع الإيغور اتخذت منحى غير مسبوق منذ اتباع الصين سياسة “الضربة الشديدة” عام 2014، حيث أطاحت بكين باللغة الإيغورية وفرضت تعلم الصينية مكانها بكافة مراحل التعليم، وأصدرت عشرات المراسيم التي تشرع عقاب من يمارس تعاليم الإسلام أو سبق أن مارسها وبأثر رجعي.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح العالم الإيغوري أن هجمة الصين على الإيغور تصاعدت مجدداً منذ أواسط 2016، حيث شرعت شتم الدين الإسلامي بالشوارع، وبثت إعلانات تزدري الصلاة، ومنعت النساء من ارتداء الحجاب أو غطاء الرأس بالشارع أو البيت بعدما كانت قد منعتهن من ذلك بالمستشفيات والمواصلات العامة عام 2014.

المصدر : الجزيرة