شمشون الجبار !!
* لم يسهو (غندور) باعلانه امام الملأ وأجهزة الصحافة والاعلام بان توجيهات رئيس الجمهورية لا تجد الاستجابة من مرؤوسيه، كما جاء فى الشكوى التى تقدم بها امام المجلس الوطنى بامتناع محافظ بنك السودان عن تحويل المستحقات المالية للبعثات الدبلوماسية بالخارج رغم توجيهات الرئيس، ولكنه تعمد ذلك، بل لا أشك أن الشكوى كانت الشكوى موجهة ضد رئيس الجمهورية نفسه، فلا احد من تنابلة السلطان يجرؤ على مخالفة توجيهات رئيس الجمهورية حتى يشتكيه غندور!!
* ولم يكن (غندور) راجيا بالطبع ان يقتص له المجلس من رئيس الجمهورية أو حتى من محافظ بنك السودان، وإنما قصد أن يوصل رسالة اعلامية بأن البعثات الدبلوماسية السودانية بالخارج لم تأخذ مستحقاتها رغم توجيهات الرئيس، سواء لعدم تنفيذ البعض لتوجيهاته، أو بإيعاز من رئيس الجمهورية شخصيا !!
* من منا لا يعرف قصة وجود (توقيعين) او ربما أكثر، لعدد كبير من الأشخاص، أحدهما يعنى الموافقة، والآخر يعنى الرفض، وهو بالطبع نوع من السلوك الردئ يلجأ إليه البعض حتى يهربوا من تحمل الحرج او المسؤولية، وتركهما لمن هم دونهم فى الوظيفة!!
* وربما يكون للرئيس توقيعان، (فلم لا)، أو أنه يمكن أن يصدر توجيها لمحافظ بنك السودان أو أى مسؤول آخر بتنفيذ امر ما، (مثل تحويل أو صرف الاستحقاقات المالية للبعثات الدبلوماسية السودانية فى الخارج)، ثم يردفه بتوجيه آخر بإيقاف الصرف!!
* لا شئ يدعو (غندور) للتظلم امام المجلس الوطنى من عدم صرف استحقاقات البعثات الدبلوماسية فى الخارج، فهو أول من يعلم بأن المجلس ىالوطنى (البرطمان) لا حول له ولا قوة، ولا يستطيع أن يجابه أو يواجه الرئيس او حتى المحافظ أو أى مسؤول آخر ولو معتمد محلية!!
* كما أنه يعلم أن المحافظ (أو أى شخص آخر) لا يستطيع أن يمتنع عن تنفيذ قرارات وتوجيهات رئيس الجمهورية، إلا إذا كانت كلمة رئيس الجمهورية مجرد (احجية) .. وهو أمر كان قائما فى السابق عندما ما كانت الكلمة الحقيقية عند أشخاص غير رئيس الجمهورية مثل (الترابى) أو (على عثمان)، أما الآن فالآمر الناهى الوحيد هو رئيس الجمهورية، ولا يمكن لأحد أن يخالف أو يمتنع عن تنفيذ توجيهاته وأوامره، وغندور وكل من فى الطاقم الحكومى أو الحزب الحاكم يعلم ذلك يعلم ذلك تمام العلم!!
* (غندور) ظل يعانى ما يعانى فى وزارته المجتزئة بين عدد كبير من الاشخاص زمنا طويلا، ولقد سئم من هذ الوضع، وسبق له أن تقدم باستقالته ورفضت، ولا يريد ان يدخل فى هذا الموقف مرة أخرى فاراد ان يخرج بموقف بطولى يُجمل صورته ويعلى شأنه فى نظر الرأى العام، ويعفيه من تولى شؤون وزارة، شؤونها فى يد غيره، فلجأ الى النهج الشمشونى:(على وعلى أعدائى يا رب) وهو يعلم أن أقصى أوأقسى ما يمكن أن يصيبه هو الإعفاء من الوزارة، لذا فعل ما فعل، ولقد تحقق له ما أراد، على الأقل فلقد صار بطلا فى نظر البعض، حتى ولو حدث ذلك فى الوقت المحسوب بدل الضائع ..!!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة