تحقيقات وتقارير

مرَّروا ميزانية 2018.. نواب البرلمان.. الشكوى تضعهم في خانة المواطنين

شهدت جلسة البرلمان أمس الأول (الإثنين) حدثين متضادين. في الأول طالب رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر نواب المجلس بالتقشف، وفي الثاني نادى النواب بزيادة رواتبهم، مطالبين بمخاطبة رئاسة الجمهورية لجهة أن مرتباتهم لا تكفي احتياجاتهم في ظل الارتفاع المتزايد للأسعار. وكان رئيس البرلمان طرح مبادرة تقشف تهدف لاستقطاع مبالغ من مخصصات البرلمانيين لصالح جهة بعينها، ومنح عمر نوابه حق قبول أو رفض المبادرة.

مطالبات سابقة

ولم تكُن جلسة (الإثنين) الأولى التي يُطالب فيها نواب البرلمان بزيادة مخصصاتهم المالية، ففي نوفمبر من العام 2012 طالب النواب رئيس البرلمان بزيادة مخصصاتهم المالية، وهددوا بمقاطعة مناقشة الموازنة، بل بإقالة رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر في حالة رفضه تمرير الزيادات.

وفي أغسطس العام 2016، طالب النواب بزيادة مرتباتهم، مشيرين إلى أن راتب عضو المجلس الوطني يعتبر الأضعف على المستوى الإقليمي ودول الجوار، وقارن البرلمانيون وقتئذٍ بين رواتب نظرائهم في المستويين العربي والإفريقي، إذ يبلغ راتب عضو البرلمان الصومالي 3 آلاف دولار، والتشادي 2 ألف دولار، بينما لا يصل راتب عضو البرلمان السوداني إلى 400 دولار (على حد قولهم وقتذاك).

وفي أكتوبر من العام الماضي، جدد البرلمانيون شكواهم بشأن ضعف رواتبهم، وطالبوا رئيس مجلس الوزراء بكري حسن صالح، بزيادة مخصصاتهم المالية مراعاة للظروف الاقتصادية القاسية وارتفاع الأسعار، في الوقت الذي لم يُمانع فيه صالح في رفع مستحقاتهم، لكنه أبدى تخوّفه مما سيُثيره الإعلام.

غياب وتأخّر

وشهدت جلسة أمس الأول غياباً كبيراً للنواب، كما تأخرت انطلاقتها زهاء الساعتين عن موعدها الأساسي، ووبّخ رئيس البرلمان النواب بقوله (الكلام دا ما صاح منكم أنا جيت من الساعة عشرة ولحدى حداشر ما في زول جاء فيكم).

وأرجع البرلماني عبد الرحمن عيسى تأخّر وغياب النواب إلى عدم وجود رقابة فعلية من قبل البرلمان، مطالباً بمراجعتها، ونادى عيسى البرلمانيين بمحاسبة أنفسهم قبل أن يحاسبوا الآخرين، مضيفاً أن القضايا التي تُناقش لا قيمة لها في ظل هذا الغياب المتكرّر.

دعوة

دعت النائبة البرلمانية أماني السماني في جلسة أول أمس الإثنين إلى أن يشمل التقشف وقود السيارات، وقالت (البرلمان فيهو 200 سيارة مكيفاتها شغالة اليوم كله)، وتساءلت إن كانت (المكيفات شغالة اليوم كله للسائقين)، فيما طالب النائب بكري سلمة بمراجعة قانون مخصصات شاغلي المناصب الدستورية لعام 2001.

ملاسنات وغنائم

ولم تكُن المطالبة بزيادة المرتبات هي السمة البارزة لجلسة أمس الأول، فقد شهدت ذات الجلسة ملاسنات بسبب سيارات ومنازل النواب، إذ تسبب توزيعها في ملاسنات بين الأعضاء، وشكّك البرلماني صالح إبراهيم في ذمة لجنة شؤون الأعضاء ومحاباتها لنواب دون آخرين في توزيع السيارات ومنازل الخطة الإسكانية التي وزّعتها اللجنة على النواب مؤخراً، واصفاً طريقة توزيع السيارات والمنازل بـ (المؤسفة)، مضيفاً أن اختيار المنازل تم بطريقة معينة، تؤكد وجود محاباة لنواب بعينهم.

فيما اتهم رئيس لجنة شؤون الأعضاء يوسف موسى، البرلماني صالح إبراهيم بالكذب، قاطعًا بوجود شفافية في توزيع السيارات والمنازل.

تقشّف

كان رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر، قد طبَّق قرار التقشّف على نفسه، إذ سافر الشهر الماضي إلى جنيف ليشهد البرلمان الدولي مسافراً بالدرجة السياحية بدلاً من درجة رجال الأعمال الممتازة، وذات الفعل كرّره هذا الشهر إذ سافر ثانية للقاهرة لشهود البرلمان العربي في ذات الدرجة السياحية.

اقتراحات

تساءل العضو البرلماني حسن عبد الحميد ما إذا كان يريد المجلس الوطني التقشف حقاً، فلماذا لا يُحيل سيارات رؤساء اللجان ونوابهم من سيارات (إكسنت) إلى أي سيارات عادية مضيفاً بأن ذات قوله قال به رئيس لجنة الإعلام المهندس الطيب مصطفى.

وأضاف عبد الحميد أن الفارق في سعر السيارات يمكنه أن يدخل لدعم النواب خاصة أن رواتبهم بسيطة على حد قوله. ودعا عبد الحميد – في حديثه لـ (الصيحة) بأن يتساوى الجميع في التقشف، لا أن يُطبَّق التقشف على البرلمانيين فقط دون الدستوريين والتنفيذيين، قائلاً إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طالب الناس بالتقشف كان يريط حجرين في بطنه اتقاء الجوع، عندما كان الصحابة يربطون حجراً واحداً، وذات الشيء فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عام الرمادة، فكان يبل الشعير في الزيت، وكان عندما يسمع قرقرة بطنه يقول لها قرقري أو لا تقرقري فلن اسمح لك بغير الزيت إلى أن يشبع أطفال المسلمين.

التزامات البرلمانيين

وقال العضو البرلماني أبو القاسم برطم في حديثه لـ (الصيحة) إن الزيادة في المرتبات من المفترض أن تشمل الشعب بكامله لا شريحة البرلمانيين فحسب، مضيفاً أن النواب هم شريحة من شرائح الشعب السوداني ولديهم التزاماتهم مثلهم مثل أي موظف بالدولة.

واصفاً مطالبة النواب بالزيادات المالية بالأمر العادي، لأن الدولة لا تعطيهم ما يكفيهم، مضيفاً أن النائب يأخذ 3900 وعندما يتم حسابها تجد أن إيجار المنزل يكلف 2000 والأمجاد لجلسات البرلمان الأثني عشر تكلف 1200 وعندها لن يتبقى له من راتبه إلا 700 جنيه، وهي ما تكفيه لإفطاره فقط، ووصف برطم هذا الأمر بالظلم والذي يشترك فيه البرلماني مع كل شرائح المجتمع الذين يعانون نسبة للتضخم الحادث الآن، مضيفاً أن نتيجة هذا الأمر انعكست على العاملين بالدولة في قبولهم للرشاوى والفساد الإداري وتدني الخدمة المدنية، مؤكداً أن هذا الأمر ينطبق على النائب البرلماني والموظف على السواء مما يدفع البعض لتسول الوزراء أو غيره من السلوك غير المقبول.

مطالبة

وطالب برطم رئيس البرلمان بأن يساوي جميع أعضاء البرلمان في المرتبات لأنهم جميعاً أتوا من الشعب ولا داعي لعمل خصوصية في المخصصات لرئيس البرلمان ونوابه ورئيس اللجان، وطالب برطم بأن يراعى التقشف في البرلمان بالنسبة للأسفار معتبراً مطالبة البرلمانيين بزيادة رواتبهم حقاً مشروعاً شأنهم شأن الموظفين بالدولة، حتى لا يكونوا عرضة للرشاوى أو الممارسات الأخرى الفاسدة. مضيفاً أن أي موظف دولة يرتقي منصباً يتطلب منه البت في قرارات مهمة معرض لهذه الممارسات الفاسدة، وليس البرلماني وحده.

وطالب الدولة بتحسين أوضاع موظفيها في اتخاذ القرار بشكل يكفيهم شر السؤال، واصفاً مطالبات النواب بالمشروعة خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، مضيفاً أن هناك نواباً دخلوا الانتخابات على حسابهم الخاص وفازوا بمقاعدهم، فحينها لا ضير من زيادتهم خاصة أنهم قادمون من الشعب، وأنهم لم يأتوا البرلمان بصفة اقتصادية بل أتوا لتوصيل أصوات ذويهم.

الخرطوم: نجاة إدريس
الصيحة.

‫2 تعليقات

  1. نائب برلماني أصبحت مهنة في بلدنا .وهي ليست كذلك في كل دول العالم ، لذا النائب البرلماني يمارس مهنته المعتادة ، يتفرغ للجلسات وهي مرة في الاسبوع زائد الاعمال التحضيرية و يتلقى تعويطاَ عن النقص في مرتبه بسبب غيابه عن عمل المعتاد إضافة إلى حوافز رمزية و مصاريف تسيير.

  2. نائب برلماني أصبحت مهنة في بلدنا .وهي ليست كذلك في كل دول العالم ، لذا النائب البرلماني يمارس مهنته المعتادة ، يتفرغ للجلسات وهي مرة في الاسبوع زائد الاعمال التحضيرية و يتلقى تعويطاَ عن النقص في مرتبه بسبب غيابه عن عمل المعتاد إضافة إلى حوافز رمزية و مصاريف تسيير.