تحقيقات وتقارير

تصعيد خطير .. الحكومة والمهدي .. بلاغات (الإمام) إلى الأمام

كما هو متوقع، قيدت السلطات الأمنية بلاغات ضد رئيس حزب الأمة القومي، الإمام الصادق المهدي، في نيابة أمن الدولة. في كلاكيت ثانٍ يخص اتهامات تُساق إلى الحزب بالتنسيق والعمل مع الحركات المسلحة بغية إسقاط النظام.

وسبق أن وُضع الأمة تحت مقصلة انتظار حكم قضائي كان من الممكن أن يمنع الحزب من ممارسة النشاط السياسي. فيما كانت المرة الأولى التي تُقيّد فيها الأجهزة الأمنية بلاغاً ضد المهدي –بشخصه- في العام 2014م بعد مهاجمته قوات الدعم السريع حيث تم اقتياده إلى السجن قبل أن يطلق سراحه لاحقاً .

علاقة متأرجحة

العلاقة بين الصادق المهدي والحكومة منذ مجيئها فجر 30 يوليو 1989م، ظلت في حالة تأرجح مستمر فهي علاقة لا تعرف الهدوء التام ولا تعرف الجفوة الأزلية.

غادر الإمام المهدي إلى الخارج معارضاً مرات ومرات ثم عاد إلى وطنه محمولاً على أكتاف الاتفاقيات تارة كم احدث بعد لقاء جبيوتي الشهير، وتارة بقرار من تلقاء نفسه بعد انتفاء أسباب هجرته، حيث قال قبيل عودته من القاهرة عقب غيات عامين إلا قليلاً إنه كان يعمل على إنجاز مهام حزبية خارج البلاد.

ويرى مراقبون أن تأرجح العلاقات بين زعيم الأمة الصادق المهدي وحكومة الإنقاذ الحالية يعود في المقام الأول للطريقة التي استولى بها الحاكمون حالياً على السلطة بالانقلاب الشهير ضد حكومة المهدي نفسه، وهو ذات الانقلاب الذي جعل الأمة معارضاً للنظام طيلة 28 عاماً لم يقبل فيها بالدخول في شراكة أو مشاركة تنفيذية رغم الحوارات التي دارت في السر والعلن، ورغم وجود نجل الإمام الأكبر اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي بالقصر الجمهوري مساعداً لرئيس الجمهورية، بصفته الشخصية كما يُنوّه الأمة دائماً.

في المقابل يرجع الفريق صديق إسماعيل في حديثه مع (الصيحة) سر تأرجح علاقات الإمام والحكومة إلى الصراع الأزلي القائم بين الطرفين، ومؤداه الحق والباطل، قائلاً إن الإرادة الإلهية وحدها التي ستحسمه، حد قوله.

خروج طبيعي

في العام 2014م، وعقب خروج الإمام المهدي من المعتقل، توجّه إلى القاهرة مغاضبا تاركاً سفينة الحوار الوطني التي كانت تمخر لتوّها، وفشلت كل الوساطات في إعادته إلى حضن الوطن.

وهذه المرة خرج المهدي عبر مسار أديس أبابا التي شارك فيها باللقاءات التشاورية التي عقدها مع الوسيط الأفريقي رفيع المستوى ثابو أمبيكي ومنها غادر إلى فرنسا للقاء حلفائه في قوى (نداء السودان) بعدها قيدت السلطات بلاغاً ضده في تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام .

لن يعود

يجزم البعض أن غياب المهدي بالخارج سيكون طويلاً خاصة بعد البلاغات المدونة بحقه. بيد أن الفريق صديق محمد إسماعيل قال بعكس ذلك وإن المهدي سيعود لمباشرة مهامه الحزبيه متى ما فرغ من لقاءاته الخارجية وستمثل البلاغات التي دوّنت ضده دافعاً لمزيد من الحراك الجماهيري وهو غير مهموم بالاتهامات التي قُيدت ضده.

موقف تكتيكي

ملاحقة المهدي بالبلاغات من قِبل نيابة أمن الدولة يقول عنها المحلل السياسي الرشيد أحمد إبراهيم، هي بلاغات بغرض حفظ الأمن القومي، ومن هذا المنطق قامت الحكومة بتقييدها ضده. بيد أن الرشيد عاد وقال لـ (الصيحة) إن البلاغات قد تكون موقفاً تكتيكياً من قبل الحكومة بغرض تحجيم عمل الحركات المسلحة والالتزام بالعمل السلمي وعدم تحالف الأحزاب مع الحركات المسلحة، مشيراً إلى أن الحكومة ربما أرادت حمل المهدي على وضع مبررات لتحالفه مع حاملي السلاح وهذا نوع من التكتيك السياسي.

وأبان الرشيد أن الحكومة عازمة على تحقيق السلام، يتضح ذلك من خلال التصريحات التي أطلقها الرئيس البشير مؤخراً، وقوله إن السلام قادم، ومضى بالقول: الحكومة ربما تصل لتسوية سياسية مع الحركات المسلحة خلال الجولات القادمة، لذلك مارست ضغوطاً على المهدي حتى يأتي مسرعاً للجلوس إلى طاولة المفاوضات .

ما بين القصر والمهجر

في الوقت الذي دُوِّنت فيه بلاغات من أمن الدولة ضد الإمام الصادق المهدي، يُمارس نجله عبد الرحمن مهامه كمساعد للرئيس البشير داخل القصر الجمهوري. وهي ليست المرة الأولى التي يحتفظ فيها الابن بعلاقاته مع النظام رغم الصدام المتكرر بين والده والحكومة؟

وظل المهدي نفسه يكرر مراراً أن عبد الرحمن يمثل نفسه في الحكومة ولا يمثل رمزية للأمة أو آل المهدي.

في السياق، يري الكاتب الصحافي ورئيس تحرير صحيفة مصادر عبد الماجد عبد الحميد أن بقاء اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي بالقصر القصد منه حفظ العلاقات بين والده والحكومة حتى لا تصل الخلافات بينهم مرحلة بعيدة، ويضيف لـ (الصيحة) أن عبد الرحمن المهدي أدخل للقصر حتى لا تنقطع العلاقات بين والده والحكومة.

أما د. الرشيد أحمد إبراهيم فيرى أن العلاقة بين اللواء عبد الرحمن الصادق والحكومة لن تهتز رغم ما حدث لوالده مؤخراً، مشيراً إلى أن بقاء المهدي بالحكومة سيضعف من مواقفه أمام الأنصار وقيادة وقواعد حزب الأمة القومي وستكون حظوظه ضعيفة في قيادة الحزب مستقبلاً.

صحيفة الصيحة.