صلاح حبيب

الإخوان والشعبي بعد موت الكبار!!

رحل عن دنيانا قبل عامين تقريباً الدكتور الشيخ حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي، وأحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين في السودان، وواحد من قادتها الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل أن تظل حركة الإخوان المسلمين حاضرة في كل المناسبات، تعرض للاعتقال لعدد كثير من المرات أبان الحكم المايوي أو في ظل الإنقاذ التي كان له الفضل فيها، ولكن بعد رحيل الشيخ الترابي وتبعه رفيق دربه الآخر الشيخ الزاهد الورع صادق عبد الله عبد الماجد، كان لكل من الرجلين طريقته في العمل التنظيمي، وفي قيادته على الرغم من الخلافات التي ضربت الحركة منذ وقت مبكر، ولكن استمرت بالحكمة والدبلوماسية إلى أن وصلت إلى مبتغاها، ولكن بعد رحيل الرجلين هل هناك من يتمتع بتلك المواصفات الموجودة لديهما؟ بالتأكيد، لا أعتقد، فالمؤتمر الشعبي الذي انتخب الشيخ إبراهيم السنوسي عقب رحيل الدكتور الترابي لم يستطع أن يقود المسيرة بالطريقة التي كان يقود بها الشيخ الترابي، فالشيخ الترابي له كاريزما غير متوفرة لدى الكثيرين من أعضاء المؤتمر الشعبي، فكان صاحب قرارات لا يخشى في إصدارها أحد، يصدر القرار ولا ينتظر ما يحدث بعده، ولكن واجه الشيخ السنوسي من بعده بعض الإشكالات من أعضاء التنظيم، وربما البعض لم يقتنع بقيادته، فالشيخ السنوسي ربما كان مترددا كثيراً في اتخاذ القرارات، في نظر البعض ، فقد بنى شخصيته من شخصية الترابي من اللحية إلى الملبس وحتى طريقة الكلام، وهذا ربما جعل شخصيته نسخة من الشيخ الترابي، بالإضافة إلى أن الشيخ السنوسي يمتاز بالعصبية، وهذه واضحة جداً في شخصيته، فلم يستطيع التفريق بين القائد والقيادة، ولذلك لم يستطع امتصاص غضب الكثيرين من أعضاء المؤتمر الشعبي، فالقائد لابد أن يمتاز بالحكمة والصبر ومعالجة الأمور بالهدوء، وهذا ربما جعل منسوبي المؤتمر الشعبي يختارون الدكتور علي الحاج أميناً عاماً بديلا للسنوسي، وحتى الدكتور علي الحاج ربما لم تتوفر فيه مواصفات القائد كشخص الترابي، فابتعاده لفترة طويلة من البلاد جعله بعيداً عن الحزب، وحتى القرارات التى كان يتخذها الشيخ الترابي ربما كان يسمع بها مجرد سمع، فبعد الزعماء من الساحة السياسية قد يفقدهم الكثير، فالدكتور علي الحاج حتى الآن لم تكن مواقفه واضحة في كثير من القضايا، لذلك غياب الشيخ الترابي أو رحيله عن الدنيا لم يخلف شخصاً بنفس مواصفاته، لذلك يصعب على الحزب الاستمرار بنفس القوة التى قاده بها الشيخ الترابي، أما الإخوان المسلمين فأصلاً بعد ابتعاد شيخ صادق ضعف التنظيم وكأنه لم يكن موجوداً، فالدكتور الحبر يوسف نور الدائم هو عالم ومتحدث بليغ، ولكن لا يصلح لقيادة حزب جرى تأسيسية منذ عشرات السنين، والشيخ الحبر هو أقرب إلى طريقة الشيخ السنوسي لم يستطع إصدار القرارات أو اتخاذ المواقف التي تمكنه من قيادة الحزب، فانزوى الدكتور الحبر ونأى عن الصراعات، فانقسم الإخوان وأصبح الشيخ علي جاويش هو قائد التيار ولكن لا وجود له، ولم يكن بنفس القوة، ولربما ان الكثيرين لا يعرفونه ولا يعرفون ملامحه، فغدت بعض الأحزاب الجديدة أكثر قوة وفعالية منه، لذلك ترك الشيخ صادق عبد الله فراغاً كبيراً وسط الإخوان المسلمين، ورغم بعده عن القيادة كان له تأثير كبير، لذا فإنه برحيل الشيخين الترابي وصادق عبد الله عن الشعبي والإخوان يكونان قد تركا فراغاً لا أحد يستطيع أن يملأه.

صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي