أسرار وتفاصيل قصة نبي الله داود مع 99 نعجة
كان نبي الله سيدنا داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من الأنبياء والرسل الكرام، الذين آتاهم الله الحكم والنبوة والملك، وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، وكان يحكم فيما بينهم في القضايا والخصومات.
وفي يوم من الأيام تسور شخصان مختصمان جدران المحراب الذي يحكم فيه، دون استئذان، ولما رآهما سيدنا داود فزع منهم فقالا له لا تخف نحن خصمان اختلفنا وجئناك لتحكم بيننا.
وحينها بدأ أحدها يقص المشكلة على نبي الله داود عليه السلام فقال له: إن هذا أخي، يمتلك ۹۹ نعجة، وأنا لا أملك إلاّ نعجة واحدة، وهو يُصِرُّ علي أن أُعطيَهُ نعجتي ليضُمها إلى بقية نعاجه، وقد شدد عليّ في القول وأغلظ.
فحكم نبي الله سيدنا داود عليه السلام للمدعي بأن أخوه قد ظلمه بطلبه أن يأخذ منه نعجته الواحدة ليضمها إلى نعاجه، وذلك دون أن يستمع إلى الخصم الثاني، لأن كثير من الخلطاء والشركاء يبغون على أصحابهم في العادة، واقتنع الطرفين بحكم نبي الله سيدنا داود وسلما له وغادرا المكان.
وبعد أن انصرفا أعاد سيدنا داود التدبر في تلك المسألة والخصومة، وأنه كان لابد أن يستمع إلى الطرف والأخر ليكون تصوره عن المسألة كاملًا، ثم يحكم بينهما، فأدرك سيدنا داود تسرعه في الحكم فأناب إلى الله وخر ساجدًا مستغفرًا الله، وتدارك الحكم بينهما.
وعن تلك القصة ذكرها الله سبحانه وتعالى كاملة في كتابه الكريم في الآيات ۲۱ إلى ۲6 من سورة (ص)، يقول تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ * يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}.
مصراوي