ظُلمت في الزواج فظلمت نفسها بالإدمان
يحتاج الزواج إلى التقارب العمري بين الزوجين لأن ذلك يوفر كثيراً من الفرص لعبور المشكلات التي تعترضها بوجود قواسم مشتركة عديدة تذيب الخلافات وتعالج تلك المشكلات بسبب أن العقلية والنفسية والميول وفهم الحياة متقارب، ولكن ما لا يبدو منطقياً في كثير من الأحيان زواج من هم في السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات من فتيات لم يبلغن سن العشرين، مما يجعل هذا الزواج صفقة حسابية لا علاقة لها بتكوين الأسرة وإنجاب الأولاد وكثير من الأحلام المرتبطة بالزواج.
م.ن ضحية زواج غير مدروس، كانت نهايته الطلاق والسجن، تزوجت في سن صغيرة من رجل يكبرها بثلاثة عقود، كان الأب هو صاحب القرار، الذي وافق على الارتباط بأول من طرق الباب طالباً الزواج بسبب ظروفه المادية، وبسبب فارق السن بين العروسين، صارت بين يوم وليلة من المدمنات.
بكلمات تستمد مصداقيتها من الحزن والصوت المشحون بالشجن قالت: إنها ضحية والدها الذي لم يكن أميناً عليها – حسب تعبيرها – بعد أن وافق على تزويجها بأول شخص جاء طالباً الارتباط بها، وتضيف بأسى: كنت في ذلك الوقت صغيرة لم أتجاوز الـ17عاماً، ولم أكن على خبرة بالحياة وافقت على الزواج لأن أسرتي رأت فيه أنه عريس جيد فهو يمتلك المال اللازم ولن تتكلف أسرتي أي شيء من نفقات الزواج، لا أنكر أنني كفتاة صغيرة، كنت أفرح بالهدايا التي كان يأتيني بها رغم عدم انفتاح قلبي لحبه.
وتضيف: تحددت ليلة زفافي والتي لا أزال أدفع ثمنها حتى اليوم رغم تخليه عني هو وأسرتي نتيجة انجرافي وراء آفة التعاطي، لم أكن مدركة أن ما أفعله سأندم عليه غداً، ولا لماذا أنا مستمرة فيه!! ولماذا لا أسعى لوضع حد لإنهاء الذي سيقضي على حياتي، على الرغم من إدراكي أنني كلما توغلت فيه كلما كان وقع الندم أقوى وأثقل علي، وكلما تأخرت كلما تألمت أكثر، وازدادت خسارتي أكثر وأكثر، والشعور بالندم شيء كنت أتمنى الخلاص منه، ليس لأني لا أريد أن أعيش تفاصيله فقط، بل لأني لا أريد أن أندم على وقت ضيعته كنت أستطيع أن أنجز فيه الكثير.
وفي ساعة مليئة بالحزن والأسى يعلوها الصمت الرهيب وأنا نزيلة جناح السجينات قسم الإدمان وقفت بين أربعة جدران مع عدد من بنات جنسي كانت لحظة صعبة على قلبي عندما حرمت النظرات إلى وجه أمي الذي طالما أشرق لي بالابتسامة وحيل بيني وبين سماع أصوات إخواني الصغار يلعبون من حولي، لم أعد أشعر بطعم الحياة فقد قلبت الأمور فما وجدت لها تفسيراً وبكيت بكاءً شديداً من النظرات التي ترمقني عن قرب وبعد، لم أعد أطيقها وأتحملها إلا بخروجي العاجل من السجن بكل ما أملكه من ضعف وبكل ما أحبسه من دموع وبكل ما أخفي من ندم فقد بكت مشاعري وتجمدت جوارحي ونزفت جروحي وانهار جسدي المتهالك بالإدمان يوم وضعوا القيد حول معصمي، إلى أن تولتني هيئة تنمية المجتمع برعايتها فكانت بمثابة نقطة التحول في حياتي.
ومن ناحيتها قامت هيئة تنمية المجتمع بفتح ملف دراسة حالة للنزيلة ومتابعتها بشكل مستمر بهدف تأهيلها من خلال خطة تدخل تم تنفيذها على مراحل بحسب ما أوضح لـ«البيان» حريز المر بن حريز المدير التنفيذي لقطاع الرعاية والتنمية الاجتماعية في هيئة تنمية المجتمع. وأكد أن الخطة شملت جميع الجوانب المادية والمعنوية بعد أن تخلى عنها زوجها وأسرتها، حيث تم متابعة حالتها بشكل مستمر وتأهيلها إلى أن تعافت وتبدلت شخصيتها للأفضل.
صحيفة البيان